ذي قار/ حسين العامل

بحث ممثلو منظمات مجتمعية وأكاديميون في ذي قار مستقبل الخارطة السياسية العراقية في ضوء معادلة نظام (سانت ليغو) التي اقرها البرلمان العراقي مؤخراً، محذرين من تكرار تجربة الانتخابات التونسية الاخيرة التي شهدت عزوفا كبيرا من قبل الناخبين.

يأتي ذلك خلال ندوة حوارية نظمتها الجمعية العراقية للعلوم السياسية فرع ذي قار على قاعة سومريون بالتعاون مع مركز أور للاستشراف الستراتيجي ودعم صنع القرار. وقال نائب رئيس الجمعية العراقية للعلوم السياسية في ذي قار قاسم محمد الربيعي في حديث مع (المدى)، إن "الجمعية العراقية للعلوم السياسية ومركز اور بادرا بإقامة ندوة توعوية للتعريف بنظام الانتخابات ومعادلة سانت ليغو التي تم اعتمادها في التعديل الاخير لقانون الانتخابات العراقية".

وأضاف الربيعي، أن "اعمال الندوة تناولت ثلاثة محاور تناول الاول منها البعـد السياسي لقانون الانتخابات، فيما تناول المحور الثاني العمليات الحسابية وآلية احتساب الاصوات وتوزيعها لتكون مقاعد في الهيئات المنتخبة وفق نظام سانت ليغو الجديد".

وأشار، إلى أن "المحور الثالث تطرق الى أثر قانون الانتخاب في تعزيز الديمقراطية من عدمه".

ولفت الربيعي، إلى أن "الهدف من الندوة هو رفع الوعي السياسي بصورة عامة والانتخابي بصورة خاصة وتسليط الضوء على قضايا الانتخابات التي لا تزال تشغل المجتمع والحراك الشعبي والسياسي بكل مستوياته"، مشددا على ضرورة ان "تلعب المؤسسات الثقافية والاكاديمية دورها في المجتمع".

وبدوره قال مدير مكتب منظمة تموز في ذي قار رزاق عبيد ظاهر في حديث مع (المدى)، إن "العملية الانتخابية انتقلت من نظام الاغلبية الى النظام النسبي وكان من المفترض ان يطبق قانون سانت ليغو وفق الصيغة الاصلية له التي هي 1، 3، 5، 7".

وتابع ظاهر، أن "هذا يتيح للأحزاب الصغيرة ان تحصل على مقاعد"، واستدرك أن "تشريع القانون الانتخابي وفق 1.7 من شأنه ان يحول دون حصول المستقلين والاحزاب الناشئة والصغيرة على المقاعد التي تطمح لها". ولفت، إلى أن "نظام سانت ليغو تم تهجينه وفق الطريقة العراقية"، مشدداً على أن "نظام الاغلبية والدوائر المتعددة كان يمكن ان يصلح لانتخابات مجالس المحافظات كونه نظام خدمي".

ونوه ظاهر، إلى أنه أما "نظام انتخابات مجلس النواب فيفترض ان يختلف عن ذلك كون الانتخابات البرلمانية تجري على المستوى الوطني".

وحذر، من "عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات مثلما حصل في الانتخابات التونسية التي شهدت اقبالا متدنيا على صناديق الاقتراع بلغ 11 بالمئة". وصوت مجلس النواب، فجر الاثنين (27 آذار 2023)، على تعديل نظام الانتخابات إلى صيغة "سانت ليغو 1.7"، بعد طرد النواب المعترضين، وهو ما اثار موجة من التصعيد الاحتجاجي الرافض لإعادة العمل بنظام سانت ليغو وعودة مجالس المحافظات التي جرى تعليق اعمالها إثر تصاعد وتيرة الفعاليات الاحتجاجية خلال تظاهرات تشرين التي انطلقت نهاية عام 2019 وتواصلت لنحو عام ونصف العام. وبدوره يرى مدير مركز أور للاستشراف الستراتيجي ودعم صنع القرار جواد الشمري ان "القوى السياسية المتشددة وذات النزعات المتطرفة كثيرا ما تعتاش على الازمات في المشهد السياسي".

وتابع الشمري، أن "هذه القوى تفتقر الى البرنامج السياسي والاقناع لهذا تستثمر الازمات لتحافظ على وجودها". ويرفض، "التعويل على تلك القوى في صنع القرار وانتاج سياسات ناجعة تتبنى خططا تنموية واجتماعية"، ووصفها بأنها "طارئة تظهر لفترة محدودة وسرعان ما تزول". ولفت الشمري، إلى أن "القوى السياسية الرصينة والمتجذرة في المجتمع التي لها مؤيدون وقاعدة شعبية تجعلها تحظى بالتأييد والدعم الواسع".

ومضى الشمري، إلى أن "القوى الرصينة وان كانت لديها اخطاء الا أنها يمكن ان تستمر لفترة طويلة في المشهد السياسي". ومشروع القانون الذي اقره البرلمان يتعلق بعودة العمل بنظام "سانت ليغو" الانتخابي المعدل وفق قاسم انتخابي بنسبة 1.7 والذي سيعود بالعراق إلى العمل بنظام دائرة انتخابية واحدة لكل محافظة وإلغاء صيغة الدوائر المتعددة المعتمدة في القانون الساري.

وسانت ليغو طريقة ابتكرت عام 1912 على يد عالم الرياضيات الفرنسي أندريه سانت ليغو، والغاية من هذه الصيغة هي توزيع الأصوات على المقاعد الانتخابية في الدوائر متعددة المقاعد، غير ان تحفظات المعارضين لسانت ليغو تتمثل بكونه يهدر اصوات ملايين الناخبين الذين صوتوا للقوائم الصغيرة التي لم تبلغ العتبة الانتخابية المقررة لاحتساب المقعد الانتخابي في المحافظة او الدائرة الانتخابية، واقتصار توزيع تلك المقاعد على الاحزاب الكبيرة او تلك التي تمكنت من بلوغ العتبة الانتخابية، وهو ما يعدونه مصادرة لإرادة الناخب.

وكان مركز محافظة ذي قار قد شهد فجر الاثنين (27 آذار 2023) تصعيدا احتجاجيا واسعا إثر اقرار مجلس النواب لنظام سانت ليغو، فيما عادت خيام الاعتصام الى ميدان التظاهرات في ساحة الحبوبي التي اغلقت بالكتل الكونكرينية من أربعة محاور، لترفع فيما بعد وتفتح الساحة امام حركة المرور ضمن اتفاق بين المتظاهرين وقيادة القوات الامنية.