بغداد/ تميم الحسن
ستدخل الموازنة منذ صباح اليوم الاثنين مرحلة الاعتراضات السياسية الحقيقية مع عودة محمد الحلبوسي الى البرلمان وقطع اجازته.
ويفترض ان البرلمان قرأ ليلة أمس الاحد مشروع الموازنة للمرة الثانية، وفيها أكبر مشكلة هي الخوف من تحولها الى «اداة انتخابية».
وبسبب ان الموازنة هذه المرة لـ3 سنوات قادمة فان هناك شكوكا من الاحزاب في نوايا رئيس الحكومة محمد السوداني.
ويعيش الإطار التنسيقي الذي يقود الحكومة في صراع بين الاسراع في تمرير الموازنة لتحسب انجازا له وبين ضبط ايقاع رئيس الحكومة.
وكان البرلمان قد أسرع بشكل مفاجئ في تحديد موعد القراءة الثانية للموازنة عقب اعلان سريع هو الاخر من اللجنة المالية بإكمال التقرير الخاص بمشروع القانون.
وظهر الحلبوسي السبت الماضي، لأول مرة في البرلمان بعد ان قطع اجازته (اجازة الـ15 يوما) التي كان يفترض ان تنتهي اليوم الاثنين.
وقرر رئيس البرلمان الذي عاد مباشرة من زيارة السعودية الى المجلس، ان تكون جلسة الاحد (أمس) مخصصة للقراءة الثانية للموازنة.
وتفترض بعض القوى الشيعية ان استمرار اجازة الحلبوسي لم يعد مفيدا خصوصاً وان مناقشات الموازنة لم تتوقف.
وبذل السوداني ومحسن المندلاوي القيادي في «الإطار» ونائب الحلبوسي، جهودا كثيرة خلال الايام العشرة الماضية لدفع الموازنة للقراءة الاولى ثم الثانية بعد ذلك.
وتعتقد أطراف في «الإطار» ان اجازة الحلبوسي «ليست بريئة» بحسب ما قاله وزير العمل والقيادي في التحالف الشيعي احمد الاسدي.
وكان ينظر الى اجازة رئيس البرلمان المفاجئة والتي تزامنت حينها مع وصول الموازنة الى البرلمان، بانها ورقة ضغط لتنفيذ مطالب الاول او تعطيل الموازنة.
لكن لا يبدو هذا التشخيص دقيقا بحسب مصادر سياسية مطلعة التي تعتقد بان «ساعة الصفر» للاعتراضات على الموازنة ستبدأ الان.
وتقول تلك المصادر في حديث لـ(المدى): «لا تعني القراءة الاولى او الثانية الموافقة على الموازنة، على العكس هنا ستبدأ المواقف السياسية والاعتراضات».
وتضيف المصادر التي طلبت عدم الاشارة الى هويتها ان «الحلبوسي لم يكن يضغط ضد تعطيل الموازنة، لكنه كان في زيارات رسمية لدول لديها شراكات اقتصادية مع العراق».
وكان الحلبوسي قد التقى السبت الماضي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما كان قد التقى قبل ذلك بأكثر من اسبوع بالرئيس المصري محمد السيسي.
وتقول المصادر ان «هناك رغبة امريكية وعالمية ان تكون السعودية ومصر والاردن شركاء العراق».
وكانت انباء قد تزامنت مع وصول الحلبوسي الى السعودية تحدثت عن مناقشة الاخير الاقليم السُني مع ولي عهد المملكة، وهو ما نفاه رئيس البرلمان بعد ذلك.
وبدأت العلاقة تتشنج بين الحلبوسي والحكومة والتحالف الشيعي بسبب قضايا تتعلق بصلاحياته التشريعية وورقة الاتفاق السياسي.
ولم يحضر رئيس البرلمان جلسة عقدت مساء السبت حول الموازنة بين السوداني ورئاسة مجلس النواب ما يشكك باستمرار الخلافات بين الطرفين وفشل الوساطات.
يقول زياد العرار وهو مرشح سابق للانتخابات ضمن قائمة اياد علاوي ان «الإطار التنسيقي لن يغامر باستبدال الحلبوسي وهو مرشح الكتلة السنية الاكبر».
العرار قال في حديث مع (المدى) ان «ذلك الاجراء لو حدث سوف ينقلب بالمستقبل على الإطار التنسيقي ويمكن لجهة ان تسحب مرشح الشيعة لرئاسة الحكومة».
ويضيف العرار وهو باحث في الشأن السياسي: «بعض القوى الشيعية تريد استبدال الحلبوسي لكنها غير قادرة بسبب عدم وجود قوة سنية لديها مقاعد بحجم كتلة السيادة (تضم الحلبوسي وخميس الخنجر)».
ويملك الحلبوسي ضمن حزب «تقدم» لوحده أكثر من 60 نائبا، بينما تمثل مقاعد خصومه من السُنة اقل من نصف ما يملكه الاول.
وتفسر الاشتباكات الباردة بين الحلبوسي والسوداني التي تسربت في الايام الماضي على انها كانت بسبب منع السوداني رئيس البرلمان من تمدد صلاحيته التشريعية على الجهاز التنفيذي.
ويتابع العرار: «ما يفعله السوداني دستوري لكن بسبب ظروف سياسية سابقة حدث تمدد لصلاحيات رئيس البرلمان وتدخلات في اوضاع المدن السُنية».
وعن زيارات الحلبوسي الى دول المنطقة يقول العرار هي بالتأكيد لـ»الحصول على الدعم كما تفعل باقي الاطراف والشخصيات السياسية».
ويضيف: «حتى الان لم تظهر نتائج تلك الزيارات»، لكن «المواقف السُنية وكل القوى السياسية ستبدأ بالتبدل عقب اقرار الموازنة».
ومازالت ازمة الموازنة مستمرة بحسب ما يصل الى (المدى) من كواليس حوارات القوى السياسية خاصة ما يدور في داخل الإطار التنسيقي.
وتشير التسريبات الى انه غير معلوم حتى الان فيما لو سيتم اعتماد ما اتفق عليه التحالف الشيعي بشأن القبول بموازنة لـ3 سنوات.
وكانت المعلومات قد افادت بان «الإطار» قد اتفق على ان الموافقة على الموازنة الثلاثية مشروطة بحضور السوداني كل عام امام البرلمان لتعديل الموازنة.
ويخشى التحالف الشيعي من ان يستغل رئيس الحكومة المبالغ الهائلة في الموازنة والتي تقدر سنويا بـ200 تريليون دينار لحملة الانتخابات المقبلة.
كما ان الموازنة الثلاثية تمنح محمد السوداني امكانية اقتراض تصل الى 120 تريليون دينار، لكن الإطار التنسيقي بالمقابل يسعى لتمرير الموازنة لتحسب انجازا للأخير.
وفي مكاشفة كما تصفها النائبة عن الإطار التنسيقي حنان الفتلاوي، تقول ان «القوى السياسية تخشى من السوداني بشأن تمرير الموازنة».
وتضيف الفتلاوي في لقاء تلفزيوني: «بصراحة الاحزاب تبحث عن ضمانات بعدم استغلال السوداني الموازنة في الانتخابات، وبانه قد يتجاهل البرلمان إذا حصل على موازنة لـ 3 سنوات».
وكان النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، أكد يوم السبت، على ضرورة تطابق فقرات الموازنة مع البرنامج الحكومي.
وقال المكتب الإعلامي لنائب رئيس البرلمان إن «المندلاوي، ناقش مع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ونوابه، وبحضور النائب الثاني شاخوان عبد الله، ورئيس وأعضاء اللجنة المالية النيابية، بنود مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية».
وأكد المندلاوي خلال الاجتماع الذي لم يحضره الحلبوسي لأسباب غير معروفة، على «ضرورة تطابق فقرات القانون مع البرنامج الحكومي الذي صوت عليه مجلس النواب، وشموله لمستحقات مختلف مكونات وشرائح الشعب».
وأضاف البيان، أنه «جرت خلال الاجتماع مناقشة فصول وبنود مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات (2023، 2024، 2025)، وتبادل المقترحات والآراء حول بعض فقراتها بهدف إنضاجها، والتأكيد على مواصلة عقد اللقاءات بين مجلس النواب والحكومة».
وجاء هذا البيان عقب اعلان اللجنة المالية تسليم التقرير الخاص بالموازنة. ويقول هادي السلامي النائب المستقل ان «التقرير يتحدث عن اعتراضات حول العجز، وسعر برميل النفط، وحجم الديون».
ويضيف في حديث مع (المدى) ان «هناك اعتراضات على استمرار تعاقد الحكومة مع شركات مملوكة لأحزاب تقدم خدمات نفطية واخرى خاصة بالبطاقة التموينية وتأخذ مبالغ بالتريليونات».
وبلغ الدين العام في العراق نهاية عام 2022، 94.936 تريليون دينار، منها 24.431 تريليون دينار للدين الخارجي (عدا ديون الخليج المتوقفة)، والداخلي 70.505 تريليون دينار.
اما أقساط الدين الداخلي والخارجي (القسط +الفائدة) في موازنة 2023 بحسب خبراء في الاقتصاد، بلغت 18.962 تريليون دينار.
وكان الحلبوسي قد أعلن مساء السبت، ان جلسة الاحد (أمس) ستكون مخصصة للقراءة الثانية لمشروع الموازنة.
ويقول هادي السلامي: «سنبدأ بعدها (في اشارة الى النواب) بتقديم الاعتراضات والمداخلات بشأن الموازنة».