TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > تغييب القابلة المأذونة عن مزاد الموازنة

تغييب القابلة المأذونة عن مزاد الموازنة

نشر في: 18 إبريل, 2023: 11:22 م

ثامر الهيمص

حبس الأنفاس السنوي في الاعداد لتحويل الموازنة الى ميزانية , بات علامة فارقة وماركة مسجلة في جبين الاقتصاد العراقي , لدرجة اليأس ,

كونه يشكل الاداء الاعتيادي الروتيني المألوف سنويا ’ للجهازين التنفيذي والتشريعي ’ المرتبطين بأكبر قطاع عام في تاريخنا , وهكذا ينفض السامر معلنا عن اسوء اداء ’ نظريا وعمليا ’ بحيث لا يمكن اعتبارها تجربة يمكن التأسيس عليها , كون التركيبة المشوهه المستمدة من الحصار والحروب , باجهزتها هي المهمينة كادوات توزيع ,لتزيح كل تقاليد العمل الحكومي , وهكذا كان التشوه الحالي , والمؤسس عليها الاداء الحالي في الاستيراد والتوزيع .

فالقابلة المأذونة بأسم الشعب دستوريا وقانونيا واداريا , لا علاقة او تأثير لها في اعداد او وضع الموازنة ومراقبة الاداء ومتابعة النتائج وتفسيرها لصاحب القرار , او لتوضيحها للمواطن الذي الذي يحبس انفاسه سنويا متأملا .

فهيئة الرقابة المالية هي القابلة الام الرؤم الحريصة الوحيدة كما نلمس من تشوهات ونتائج في ظل الشراهة والفساد الذي بات عنوانا لا يشرف اي درجة خاصة عملت وادت دورا او تواطئت بعد 2003.

في حين ربما يتسائل اي معني بشكل غير مباشر , لماذا هذا اللغط والتسيس الذي يخلق من المسودة التي تتجول بين الاروقة , ونحن وهم يعلمون ان ثلثي الموازنة ذاهب اوتوماتيكيا الى التشغيلة كما ان 1/12 كاداة روتينية للصرف , فالصراع هنا فقط يدور داخل ارقام او حصص الوزرات تشغيليا اذ لدينا وزارات دسمة حصة للفائز انتخابيا اولا كاعتبار حاسم لتحديد التخصيص ’ وهكذا نزولا للوزارات الناشفة ولا تدخل المزاد او المساومه بل تقدم تشريفا .

اما الاستثمارية التي تبلغ حسب تقديرات الان 49 مليار دولار ’ فهي ( ملطشة ) ’ لدرجة تراكمت لدينا 7000 مشروع بين متلكأ ومندثر ومعطل مطروحة الان على الاستثمارية الثلاثية بأذن الله . ففي تقرير لهيئة الرقابة المالية في 27/12/2019 يغطي فترة التسعة اشهر الاولى من السنة من المبلغ المرصود للاستثمار البالغ 33 ترليون صرفت منه فقط 9ترليون و370 مليار دينار , 7 ترليون و89 مليار دينار للصناعة النفطية , وترليون و953 مليار للاسكان والتعمير , اي صرف فقط 17% من مخصص الاستثمار . ( وكالة بغداد نيوز ليوم 27/12/ 2019).

هذا جزء بسيط الذي تلعب بالمسموح لها لتسلط الضوء , السؤال المهم ( اين ذهب فائض الميزانية البالغ مع العجز 23 مليار دولار و500 مليون دولار ) , ولماذا لم تقدم الحسابات الختامية ولا ميزانية عام 2020 الى الان ؟ هل ستلحق باخواتها السابقات وتختفي حيث تم ايداعها من قبل ؟... ( د. عباس العلي /مجلة تضامن / 17/ حزيران 2020).

اما الرهان على سعر البرميل كاساس لحجم الميزانية التي تعتمد على ايرادات النفط من حيث المبدأ المؤسس لاعداد الموازنة ’ فهو ليس رهان بقدر ماهو مجازفة , على فيما يتعلق باعداد موازنا ت سابقة من مجازفة , مثلا ما يزيد من تفاقم الازمة المالية هو احتساب سعر برميل النفط المثبت في في موازنة 2020 على اساس 56 دولار للبرميل , في الوقت الذي هبط فيه السعر الى 14 دولار . وفي احسن الاحوال الى 25 دولار , فالفرق بين سعر البرميل المثبت في الموازنة والسعر الحالي هو 42 دولار , بذلك يصبح العجز المتوقع 90 مليار دولار0 ( مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية / ندوه حوارية في 16/5 2020/ ص18 ).

من المعلوم ان النفط ليس له سعر اقتصادي تحدده كلف ثابتة او متغيرة , اذ انه مرهون بتوازنات جيو سياسية اولا رغم انه عصب اقتصاديات العالم, وعندما يسيس السعر تصبح المفاجأة وارده احتمال اعتيادي وليس استثناء يمكن الرهان علية , لذلك جميع المواد لها بورصة الا النفط من الذهب الى الى القمح . فهل من حدد 70 دولار للموازنة الثلاثية هم سومو ام شركة النفط الوطنية ام ضوابط قانون النفط والغاز ام مراكز البحوث الستراتيجية ، ام توافقات ومجازفات لها مأرب اخرى ؟ الذريعة التي اقر بموجبها ان التقديرات الخاصة ب 70دولار لسعر البرميل هو ان الدول الخليجية وغيرها حددوا السعر او معدله في ضوء امكاناتهم لامتصاص الهزات صعودا او نزولا بالاعتماد على المؤسسات القائمة لديهم وجاهزيتها لذلك , لم تكن هيئات الرقابة المالية مجمدة او مغيبة عمدا , اضافة الى امكانية احتياطاتهم المالية كدول تعتمد النفط دونه اشهار الافلاس , اضافة لحرمة المال العام ’ كما انهم لديهم موارد اخرى من صناعة النفط الى الذهب غير المرتهن ومقيد ببنود لا زال اغلبنا لا يعرف عنها . هل نحن بالند السابع ام السادس ام متحالفين مع محتل سابق بكامل هيمنته . اضافة وكما معلوم ان موازنتنا او ميزانيتنا هي ميزانية بنود وليس برامجية لها اهداف بارقام تحدد مخرجاتها , فالناتج الوطني كمخرجات للاقتصاد الحقيقي لا يتجاوز ال 10% من الموازنة , وهكذا تجنح الناس للوظيفية العامة . بدل ان تقوم الدولة بعملية الضمان الاجتماعي وصناديقة , وهكذا تفتك بنا البنود المفصلة على قياس ابطال الانتخابات, حيث البرمجة والحوكمة من خلال الحكومة الالكترونية باتت رهان العراقيين الذين يصطفون مطالبين بهيئة رقابة مالية رصينة تشرف على برامج الحوكمة والتنمية بمخرجات تمتص الالم وتستوعب امال الاغلبية الشعبية وليس البرلمانية المتخمة .

اذن الـ 70 دولار للبرميل لها شرطها الاهم وهو رهان الداخل وليس توقعات المجتمعات المستقرة فقط , اذ لا استقرار مع البطالة النوعية والكمية وجداول الفقر . التي استنفذت كل الشماعات التاريخية والانية . ففي البلدان المصدرة للنفط كانت الشركات النفطية الاجنبية والراسماليون الريعيون ونخب سياسية ذات قاعدة دولتية وحركات عمالية منظمة كلهم يستفيدون من الوضع القائم ويدافعون عنه (حتى وهم يتصارعون فيما بينهم لتغيير توزيع الحصص ). ومن الاموال العامة كانت عائدات النفط تنتج بضاعة خاصة لافراد ومنظمات على السواء. سواء كانت هذه البضاعة تأخذ شكل ارباح طائلة او عمالة فائقة او مقادير غير اعتيادية من وقت الفراغ او رواتب ضخمة او حواجز حمائية عالية بشكل مدهش او مقاولات مضخمة او فسادا صريحا فان هذه العوامل غير المنتجة بصورة مهولة رفعت الكلفة الاجتماعية للحكم. ولم يكن من المستغرب أن المنتفعين منها دافعوا عنها بشراسة اطول فترة ممكنة , حتى عندما كانت العقلانية الاقتصادية تبين بجلاء خطل مثل هذه الاضرار . ( تيري لين كارل / مخاطر الدولة النفطية / تتأملات في مفارقة الوفرة / ترجمة / عبد الاله النعيمي / ص 453/ 2008 ط اولى ).

بما ان الثابت الذي يزحف متغولا وهو الميزانية التشغيلية , والمتحول هو الموازنة الاستثمارية , تبقى المعادلة صعبة , مادامت لم تكن الرقابة المالية ليست سيدة الموقف المالي , فهي حجر الاساس الذي يشاد عليه اعادة فوائض الموازنات السابقة اولا كاجراء مستعجل لترميم العمل الرقابي الذي تأكل للفترة المنصرمه , استرداد الاموال المنهوبة والمغسولة والمهربة باي طريقة مضمونة او كلفة عالية , كونها اموال تشكل موازنة كاملة لتصبح مع فوائض الموازنات السابقة , رصيدا محترما ’ ليجنبنا هزات البراميل او طوارق المستقبل ومخاوفه , ثانيا . اعادة النظر جديا بتوحيد كلف ورواتب الدرجات الخاصة مع نظام مجلس الخدمة باعادة الامور لنصابها الاساس وليس المضي بالاستثناات المزمنة .

ولكن هيئة الرقابة المالية يد واحدة بين ايدي لا تفضلها لذلك لابد من اخوات وليس مجرد ادوات يواكبان عملها ومن خلالها وفي ضوء امكانات هذه الاجهزة غير المسيسة وهي النزاهة والادعاء العام المغيب الان ومجلس الخدمة الخجول .

اما الموازنة الاستثمارية فيترك امرها لوزارة التخطيط خصوصا بالمشاريع الكبيرة التي ليس من المؤمل بيعها او مشاركتها كونها مشاريع قائدة رائده مثل الحديد والصلب والبتروكيمياوات والصناعات الستراتيجية الكبرى , اي الصناعات او المشاريع التي تقودها الدولة لتقطر باقي الانشطة والمشاريع ’ ليتسنى للرقابة المالية الامساك بخيوط الاقتصاد الوطني ستراتيجيا , وهذا لايتم الا من خلال حكومة الكترونية (عاجلا) ليتسنى وقف النزيف اولا بواسطة الالكترونية لنفرز ببساطة الغث من السمين اداءا وافرادا . بدون قابلة مأذونة سيكون وكان المولود بسبب غيابها كائنا مشوها متخلفا بعاهة مستدامة , وكون قابلات المكونات بعيدات عمليا عن المهنة والاحترافية لاختلاف المنطلقات والمهام عن القابلة المأذونة وربة البيت العراقي كله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

 علي حسين الحزن والكآبة والتعوّد على طقوسهما، موضوع كتاب صدر قبل سنوات بعنوان "ضدّ السعادة"، حشد فيه مؤلفه إيريك جي. ويلسون جميع الشواهد التي ينبغي أن تردعنا عن الإحساس بأي معنى للتفاؤل، فالمؤلف...
علي حسين

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي (الحلقة 3)التجربة الكوريةتجربة كوريا الجنوبية في التعليم تعتبر واحدة من أنجح التجارب العالمية فقد استطاعت أن تحقق قفزة نوعية في مسارها التنموي، فحوّلت نفسها من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية عظمى في...
د. محمد الربيعي

مركزية الوهم العربي: بين الشعور بالتفوق ونظريات المؤامرة

قحطان الفرج الله مفهوم "المركزية" الذي يقوم على نزعة الشعور الجارف بتفوق الأنا (سواء كانت غربية أو إسلامية) وصفاء هويتها ونقاء أصلها. بحسب الدكتور عبد الله ابراهيم الناقد والمفكر العراقي، الذي قدم تحليلًا معمقًا...
قحطان الفرج الله

تفاسير فظيعة في تفخيذ الرضيعة

حسين سميسم وجد الفقهاء أن موقفهم ضعيف في تشريع سن الزواج، نظرا لضعف الروايات التي اعتمدوا عليها، اضافة الى خلو القرآن من نص صريح يوضح ذلك، فذهبوا إلى التفسير بحثا عن ضالتهم، ووجدوا في...
حسين سميسم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram