اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > واقع العمل النقابي فــي العراق

واقع العمل النقابي فــي العراق

نشر في: 5 أغسطس, 2010: 05:43 م

حسين علي الحمدانيتثار بين الحين والآخر قضايا تتعلق بعمل النقابات المهنية في العراق وفي مختلف القطاعات ويثار معها جدل حول هل إنها تمثل منظمات ومؤسسات مجتمع مدني ينطبق عليها قانون منظمات المجتمع المدني أم انها تختلف عن هذه حيث إنها تشكل حلقة وصل كبيرة جدا بين أرباب العمل والعاملين وبالتالي ينطبق عليها قانون آخر غير قانون منظمات المجتمع المدني،
ورغم ان الدستور العراقي نص وفي المادة (22) ثالثاً: تكفل الدولة حق تأسيس النقابات والاتحادات المهنية، أو الانضمام إليها، وينظم ذلك بقانون، والنقابة كما هو متعارف عليه هي جمعية تشكل لأغراض المفاوضة الجماعية أو المساومة الجماعية بشأن شروط الاستخدام ولرعاية مصالح أعضائها الاقتصادية والاجتماعية عن طريق الضغط على الحكومات والهيئات التشريعية والالتجاء إلى العمل السياسي في بعض الحالات الضرورية، ولقد كانت بريطانيا أسبق الدول إلى الاعتراف بالأهلية الكاملة للنقابات العمالية، وكان ذلك في عام 1871 وكانت الفترة الممتدة من 1890 حتى 1918هي الفترة الأكثر ازدهاراً للعمل النقابي في بريطانية عنـدما دخلت معظم فئات المجتمع البريطاني في عضوية النقابات وأصبح العمال قوة مؤثرة في الحياة السياسية في البلاد وترافــق ذلك مع ظهور حزب العمال البريطاني كدليل حاسم على أن العمال آن لهم أن يقوموا بدورهم في شتى شؤون المجتمع البريطاني.والنقابة فكرة قائمة على (المساومة الجماعية) أي أن لا يتقدم العمال إلى المصنع آحاداً وأفراداً فيستبد بهم صاحبه ويملي عليهم شروطه، ولكن أن يتقدموا كجماعة لها صوت واحد بحيث لا يوجد إلا هذا الصوت الواحد وبالتالي يضطر أصحاب الأعمال للنزول من عليائهم، والتفاهم مع العمال وبالتالي نجد إن الأسباب والدوافع التي ساهمت في إيجاد النقابات هي الثورة الصناعية التي أفرزت طبقة الرأسماليين وهم التجار الذين أقاموا المصانع كوسيلة لجني الأرباح وأداروها كمشروع تجاري، وكان دستورهم هو دستور التجار في كل أنحاء العالم (اشترِ بأرخص الأسعار وبع بأغلاها)، وأوّل من حاولوا شراءه بأرخص الأسعار هي الأيدي العاملة، فكان تأسيس النقابات والتي تدار بشكل ديمقراطي حتى أطلق البعض عليهم بممارسي (الديمقراطية الصناعية) واستطاعت هذه النقابات من إجبار أرباب العمل على تحقيق مطالبها عبر وسائل عدة منها: أسلوب (الإضراب) كطريقة للضغط، وكانت الحكومات آنذاك لا تعرف وسيلة للضغط إلا الحرب في الخارج والأحكام العرفية الاستثنائية في الداخل فجاءت الحركة النقابية بالإضراب كوسيلة جديدة لنيل الحقوق.وفي العراق يعود تاريخ العمل النقابي الى عام 1930، حيث تشكلت أول المجاميع النقابية العمالية في كركوك والبصرة وبغداد وسط عمال النفط. من هنا نجد إن العمل النقابي في العراق قديم ومترسخ كإطار لتنظيم العمال والمطالبة بحقوقهم، وتبلورت على هذا الأساس الكثير من الاتحادات والنقابات المهنية والتي مثلت الطبقات والشرائح الاجتماعية كلاً حسب اختصاصها، وتمكنت من تعزيز وجودها عبر آلياتها المشروعة في نيل الحقوق لأعضائها بما يؤمن حضورها فيهم، ويمكننا القول بأن فترة ازدهار النقابات والاتحادات في العراق هي في عهد الملكية التي سمحت بالتعددية في شتى المجالات بما فيها الأحزاب والاتحادات والنقابات ووصل إلى درجة التنافس الحزبي في انتخابات هذه النقابات، ورغم إن ميدانها الحقيقي كان الاهتمام بالشرائح المنتمية إليها إلا إنها كانت على تماس مباشر بقضايا عديدة في مقدمتها الأوضاع السياسية في العراق والوطن العربي وسط صعود المد القومي آنذاك، فنجد إنها قد ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه القضايا عبر التبرعات حيناً وتنظيم المسيرات والتظاهرات حينا آخر لكنها لم تتحول إلى وسائل ضغط كما هو حاصل ويحصل في بريطانيا وسائر أوروبا، وبانتهاء الملكية في العراقية بدأت النقابات والاتحادات تتحول إلى كانتونات تابعة لهذا الحزب أو ذاك في مرحلة ما بعد عام 1958 حتى عام 1968 حيث بدأ المنعطف السلبي الكبير في الحياة النقابية العراقية عبر سياسة الاحتواء التي اتبعها الحزب الحاكم وتوجيه كل الفعاليات الجماهيرية والشعبية باتجاه واحد يعزز من قبضته على المجتمع من خلال السيطرة على الفعاليات الموجهة لهذا المجتمع والمتمثلة بالاتحادات والنقابات، وهذا ما جعلها تبتعد عن مهامها الأساسية في الدفاع عن حقوق من تمثلهم سواء كانوا عمالاً أو أطباء أو معلمين أو غيرهم من الفئات وافتقادها القيمة المعنوية التي أنشئت من اجلها.وبعد التغيير الذي حصل في العراق بسقوط النظام الشمولي في نيسان 2003 عانت هذه النقابات كثيرا حيث تم حلها ووصل الأمر بمصادرة أو وضع اليد على ممتلكاتها، يضاف إلى ذلك تعرض مقراتها لعمليات السلب والنهب والاستيلاء على مبانيها. وانحسر دورها في المجتمع حتى يومنا هذا باستثناء اتحادات قليلة جدا استطاعت أن تتلاءم مع التغيرات وتستوعبها لأنها مؤمنة بهذا التغيير مثل اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين ونقابة المهندسين وعدد آخر منها استطاع أن يرفد العمل الاتحادي والنقابي بطاقات جديدة ويقدم خدماته بالشكل المطلوب.ناهيك عن دورها في تثقيف المجتمع وبنائه وفق قواعد وطنية قائمة على التعددية واحترام الآخر، ولعل أبرز ما تعانيه الحركة النقابية في العراق بعد عام 2003 يتمثل بعدم استعادتها مب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram