بغداد/ مشرق الأسدي
في ظل غياب دولة المؤسسات وسيادة الطابع الحزبي على قرارات الحكومة، تناقلت وسائل الإعلام في وقت سابق قرار يقضي برفع وزارة النفط أسعار المشتقات النفطية، الأمر الذي أثار امتعاض عدد من نواب لجنة النفط والطاقة البرلمانية. وشدد عدد من النواب على ضرورة مشاورة اللجان المختصة قبل أن تصدر الحكومة أي قرار وخصوصا القرارات التي تكون ذات تماس مباشر مع المواطن.
من جانبها، نفت هيئة توزيع بغداد للمشتقات النفطية أنباء ارتفاع الوقود، قائلةً ان"هذه الأنباء عارية عن الصحة".
لجنة النفط والطاقة "ممتعضة"
انتقدت لجنة النفط والطاقة البرلمانية القرارات التي تتخذ بشكل مفاجئ من قبل الحكومة، وخصوصا القرارات التي تكون على تماس مباشر بالمواطن.
عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية فرات الشرع أعرب عن انتقاده للقرارات التي تصدر من قبل الحكومة بشكل مفاجئ، عادا إياها قرارات "غير طبيعية وتسبب تصدعا للوضع السياسي"، موضحا بان لجنته غير راضية و"ممتعضة" من هذه التصرفات.
وفي حديث خاص لـ"المدى" أوضح الشرع أن اتخاذ هذه القرارات دون الرجوع الى البرلمان تؤدي إلى "عتمة وخلافا للشفافية والمنطق السياسي ودولة المؤسسات"، مشددا على ضرورة إقرار قانون النفط والغاز ليخفف من التصرفات غير الطبيعية والتي توجد عليها ملاحظات كثيرة. على حد قوله.
وبيّن الشرع "كانت لنا معاتبات كثيرة من خلال اللجنة ومن خلال الأعضاء "شخص لشخص" ويوم أمس الأول، وطالبنا بضرورة وجود حضور للجنة الخماسية التي أسست وسميت باللجنة المصغرة بخصوص قانون النفط والغاز، من أجل أن يكون هناك إطلاع واضح لمجريات الأمور".
قرارات دستورية!
عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب قصي العبادي عدّ القرارات التي تتخذها الحكومة دون الرجوع الى اللجان المعنية في مجلس النواب "دستوريا" ومن صلاحيات الحكومة وليس من ضمن صلاحيات مجلس النواب.
وأوضح العبادي خلال حديثه لـ"المدى" أن "مهمة مجلس النواب هي إيصال وجهة نظره الى الجهة المعنية، لكن ليس من الضروري الأخذ بوجهة النظر هذه". وأكد بأن "من المفروض الأخذ برأي كل الأطراف وكل الكتل السياسية وحتى الشارع العراقي قبل اقرار أي قانون وخصوصا القوانين التي تخص المواطن". الى ذلك، كانت زميلته في اللجنة النائبة عن التحالف الوطني سوزان السعد قد حذرت في تصريحات صحفية سابقة من الاستمرار باتخاذ القرارات دون الرجوع لمجلس النواب، مشيرة إلى أن هذا الأمر "سيثير ردود فعل كبيرة لدى أعضائه وسيدفع بالبعض الى تعليق عضويته داخل قبة البرلمان" . على حد قولها.
ودعت السعد مجلس الوزراء ووزارة النفط الى "التشاور مع أعضاء مجلس النواب في القرارات والقوانين المهمة التي تمس مصلحة الشعب قبل أن تصدر الى الساحة العراقية وتثير مخاوف المواطن البسيط".
دولة "اللا قرار"!
النائب السابق والقاضي وائل عبد اللطيف أكد في حديث له مع "المدى" أن الدولة اليوم لم تخطُ خطوة واحدة نحو بناء دولة دستور وقانون، واصفا القرارات التي تتخذها حكومة "اللا قرار" بالارتجالية والمفاجئة وغير المدروسة، موضحا بأن الحكومة لا تمتلك أي أسس لتطبيق تلك القرارات .
وشدد عبد اللطيف على ضرورة إجراء حراك واسع مع الأطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني، لمناقشة ودراسة القرارات الإستراتيجية المهمة التي تمس مصير الشعب، وعلى الدولة قبل أن تقر قراراتها المهمة أن تطرح هذه القرارات على الجهات المختصة، متسائلا في الوقت ذاته عن "كيفية اتخاذ الدولة قرارا ما ومن ثم تتراجع عنه؟ وهل من المعقول، وبعد مضي عشرة أعوام، يستورد العراق مادة البنزين والنفط؟"، ومضى بالقول: أن "من غير الممكن لدولة منذ عام 2003 وحتى الآن، لم تستطع إنشاء خمسة مصافٍ عملاقة على الأقل بعد أن دخلت إليها أحدث تكنولوجيا العالم؟" متابعا أن "في هنغاريا مثلا توجد مصافٍ للنفط وبطاقة إنتاجية تصل الى 50 ألف برميل يوميا تدار من قبل ثلاثة موظفين فقط، علماً أن هذه المصافي يتم إنشاؤها في مدة لا تتجاوز الستة أشهر، أليس من المفروض على الحكومة أن تتجه نحو هذه التعاقدات؟".