حينما كنت صغيرا سألني معلمي، ما الأشياء الثلاثة التي ستنقذها اذا احترق منزلك؟، اجبت: كراسة الرسم خاصتي، واسطوانتي الموسيقية المفضلة وقطتي غروتشو. لم اذكر له حينها والدي او اختي. هل يجعل مني هذا شخصا سيئا؟، بعد سنوات ادركت ان القطط تموت والموسيقى تتلاشى، لكن الفن يبقى الى الابد، وما زالت كراسة الرسم ترافقني.
فيلم اثارة نفسية ليس له ان يتفاخر بقصته الدرامية التي تبدو عادية، لكن بالسياق المحفز الذي يستدعيه ويمكن ان تؤول به فكرته. اذ سيوضع الخراء على سبيل المثال الى جوار اللوحات الفنية في مساحة ستجمع كل المتضادات الظاهرة.
ليس امام لص التحف الفنية المحترف (وليم دافو) الذي يجد نفسه محاصرا في شقة فارهة في نيويورك، الا ان يجاهد بكل السبل من اجل البقاء على قيد الحياة. العالم الفني الحداثوي الذي يحيط به بما يتضمنه من طرز معمارية ملفتة وتكوينات هندسية ولوحات فنية مثيرة سيدمر تدريجيا بفعل الفوضى التي يتسبب بها اللص في بحثه عن مخرج من هذا السجن المجازي.
قد يجد متلقي هذه الدراما دافعا للذهاب ابعد من حكاية الفيلم ـ كتابة بن هوبكنز ـ الظاهرة على السطح رغم ما فيها من تشويق، حيث ان الفوضى التي يخلقها اللص ستتحول تدريجيا الى فن من نوع اخر تقوم جماليته على تدمير الفن ذاته، الفن المعقم والانيق الذي يتفاخر به صاحب الشقة الغائب والحاضر في ذهن الشخصية الوحيدة في الفيلم، اللص سئ الحظ.
العرض العالمي الأول للفيلم الذي اخرجه اليوناني (فاسيليس كاتسوبيس) كان في مهرجان برلين السينمائي الدولي 2023.