بينما أكد مصدر برلماني رفيع إن عناصر الامن لا يحق لهم استجواب موظفي البنك المركزي وان ذلك يجب أن ينحصر في لجنة يصوت عليها البرلمان، قال عدد من ذوي موظفات البنك المركزي المعتقلات على ذمة التحقيق، أنهم بصدد تنظيم اعتصام في ساحة الفردوس للضغط على الحكومة لإخلاء سبيلهن وانهاء "التسييس" الذي أحيطت به القضية.
وسبق لمحافظ البنك المركزي الدكتور سنان الشبيبي الصادرة بحقه مذكرة اعتقال، ان كشف عن احتجاز 20 موظفة من البنك، مؤكدا أن "الموظفات المحتجزات هن من أشرف وأخلص موظفات البنك".
وقال مصدر برلماني رفيع للمدى طالبا عدم ذكر اسمه، ان قانون البنك المركزي ولضمان استقلال السلطة النقدية منح حصانة كبيرة للموظفين بموجبها لا يحق لعناصر الامن استجواب الموظفين كما يحصل الان. وتابع "التحقيق والاستجواب في هذه القضايا ينحصر بلجنة خاصة يشكلها البرلمان من أعضائه ويصوت عليها، ولم تراع القوانين هذه في التحقيق الحالي" مؤكدا ان العديد من الموظفات المعتقلات يرفضن الادلاء بأي معلومة مطالبات بالعودة الى قانون البنك الذي يمنحهن حصانة إزاء محققي السلطة التنفيذية، "لكن الحكومة لا تزال تضغط على الجميع وتتصرف بشكل غير قانوني في هذا الملف" بحسب تعبيره.
واتهمت اطراف برلمانية عدة، رئيس الحكومة نوري المالكي بمحاولة السيطرة على البنك المركزي في اطار سعيه للهيمنة على كل الهيئات المستقلة، وانه استهدف الشبيبي لانه كان يرفض تعريض استقلالية البنك لسيطرة الحكومة.
الى ذلك طالب عدد من ذوي موظفات البنك المركزي المحتجزات في ملف الشبيبي، بالإفراج عنهن بعد تأكيدات النزاهة عدم تورطهن بالاتهامات الموجهة إليهن، مشيرين الى ان هيئة النزاهة سبق وان خاطبت المحكمة الجنائية، بعدم ثبوت الأدلة لإدانة أكثر من 19 موظفة في البنك بتهم تتعلق بـ "هدر المال العام"، لكن القضاء لم يصدر الى الان أي مذكرة تنهي توقيفهن. ولوحت عائلة الموظفة هناء جاسم، الموقوفة في سجن التسفيرات الواقع داخل محيط مبنى وزارة الداخلية، بالاعتصام في ساحة الفردوس اذا اصرت السلطات الامنية بعدم الافراج عن ابنتها. وذكرت شقيقة هناء، السيدة نجلاء جاسم في حديث لـ "المدى"، لقد "تم استدعاء شقيقتي هناء من قبل البنك المركزي لغرض التحقيق بقضايا غسيل المال، وذلك بعد يوم واحد من انتهاء عطلة العيد، فذهبت هناء الى البنك دون خوف لأنها واثقة من نزاهتها وعدم تورطها باي ملف يخص الفساد، لكنهم اعتقلوها فور دخولها للبنك".
واعتبرت جاسم اعتقال شقيقتها من قبل النزاهة بـ "التصرف المهين لموظفي الدولة، والمخادع، وهو شبيه بممارسات سلطة صدام المستبد مع المواطنين حين كان يستدعيهم من خلال دوائرهم لاعتقالهم، من ثم يتم تغييبهم دون ذكر اخبارهم".
وتشغل هناء جاسم الموقوفة على ذمة التحقيق منذ 22 يوما، منصب عضو لجنة المزاد العلني للدولار في البنك المركزي، وتتهمها السلطات بغسيل المال عبر مصارف أهلية في بغداد.
وتضيف شقيقتها ان "اختي هناء استدعيت للبنك المركزي من قبل احد المسؤولين في لجنة المزاد، وقد جرى اعتقالها دون توضيح ملابسات القضية إلى الآن".
وتؤكد ان "هناء خدمت البنك منذ أكثر من 29 عاما، وهي تحمل شهادة البكالوريوس في الادارة والاقتصاد، ولا يختلف موظفو البنك على خبرتها ونزاهتها".
وعن ظروف احتجازها في السجن كشفت جاسم ان "هناء تعاني من مرض الغدد الدرقية، والسلطات الامنية تمنع من اخال العلاج داخل المعتقل"، مضيفة أن "موظفات البنك يجري توقيفهن منذ ما يزيد عن ٢٠ يوما في (كرفانات) لا يوجد فيها أدنى معايير احترام حقوق الانسان، فالمسؤولون عن المعتقل لم يوافقوا على إدخال الفراش لهناء ولبقية النزيلات في السجن". وطالبت "القضاء العراقي بالكشف عن ملابسات القضية، من دون تأثيرات سياسية، لكي يتم معرفة اسباب احتجاز الموظفات واعلان اسماء المتورطين ان ثبت ذلك".
وزادت ان "هيئة النزاهة وجهت في وقت سابق مذكرة إلى المحكمة الجنائية، أكدت فيها براءة هناء من التهم المنسوبة إليها وطالبت بالإفراج عنها مقابل كفالة مالية، لكن المحكمة رفضت الإفراج عن هناء لأسباب غير معلنة، ويعتقد ان هناك ضغوطات تمارس من قبل الحكومة يمنع القضاء من اداء دوره".
واشارت الى ان "محامي هناء، قد كشف ان مصير ابنتنا متعلق بجهات عليا وليس بيده ولا بيد القضاء، بينما يشغل الان دور الوسيط لا غير لنقل أخبار هناء لذويها ".
وحذرت " الحكومة من اللجوء الى ممارسة الضغط على هناء مقابل الحصول على اعترافات غير صحيحة".
وكان المالكي قال في الخامس من الشهر الحالي الى إن "رؤوساً كبيرة ستسقط" بقضية البنك المركزي، وفي حين أعتبر إن وجود الشبيبي في البنك أمر خاطئ لانتهاء مدة تعيينه محافظاً، أشار إلى أنه لا يتصرف بالأموال العراقية، وليست لديه معلومات بشأن حجمها أو أماكن إيداعها، لكن اطرافا عديدة طالبت بادلة سريعة على هذه الاتهامات وبتحقيق برلماني قانوني يلتزم بمعايير البنك المركزي.
من جانبها طالبت عائلة المستشارة القانونية للبنك المركزي عروبة أحمد، القضاء بالإسراع في كشف مصير ابنتهم الموقوفة بتهمة قضايا تتعلق بالمال العام.
وأكد ابن خال عروبة، طارق صالح، في تصريح لـ "المدى"، "قناعة العائلة ببراءة عروبة من الاتهامات المنسوبة لها"، مشيرا إلى أن "ابنة خالته موقوفة على ذمة التحقيق مع هيئة النزاهة طيلة أكثر من 21 يوما من عيد الأضحى الفائت وحتى الآن".
وأكد مجلس القضاء الأعلى في التاسع عشر من الشهر الماضي، صدور مذكرة اعتقال بحق محافظ البنك المركزي وعدد من المسؤولين في قضايا فساد، بعد أن نقلت وسائل إعلام محلية، في الرابع والعشرين من تشرين الأول، عن مصادر رقابية أن القضاء أصدر مذكرة اعتقال بحق الشبيبي بتهم فساد، لافتة إلى أنه غادر الى خارج البلاد بعد صدور المذكرة، فيما نفى البنك تلك الأنباء، مؤكداً أن المحافظ يشارك في مؤتمر سنوي بطوكيو وسيعود إلى بغداد، بينما لم يعد الشبيبي إلى بغداد حتى ساعة إعداد التقرير.