TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > لا لاستخدام قذائف اليورانيوم من جديد!

لا لاستخدام قذائف اليورانيوم من جديد!

نشر في: 1 مايو, 2023: 08:52 م

د. كاظم المقدادي

- الأخيرة-

كارثة صحية رهيبة

أكدت الدراسات والتقارير الطبية العراقية والأجنبية، ازدياد معدل التشوهات الولادية، ومعدل الاصابة بالسرطان في العراق أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب التي إستخدمت فيها ذخائر اليورانيوم " المنضب".

وأشرنا الى ان الأطباء المختصين بالأمراض السرطانية قد لاحظوا حصول تغيرات كبيرة على وبائية الأمراض السرطانية في المناطق العراقية التي إستخدمت فيها أسلحة اليورانيوم.

وأكدت د. منى خماس-أستاذة علم الأمراض الخبيثة بجامعة بغداد- في عام 2003، بأنه تم تسجيل تغيرات جوهرية طرأت في أنواع السرطان،مثل: معدل عمر مرضى السرطان أصبح أقل من السابق، بمعنى أنه قد سجلت حالات الإصابة في عمر مبكر بشكل مناقض للمعايير الدولية.ووقوع إصابات ببعض أنواع السرطان التي لم تكن معروفة أو مألوفة في العراق سابقا، مثل سرطانات الدماغ والكبد، التي تم تسجيلها بأعداد متزايدة. وحصول عدد كبير من التشوهات الخلقية مقارنة بالطبيعي..الخ. وان كل هذه الحقائق موثقة جيدا ومقدمة للمنظمات الدولية.

وفي عام 2013 حصلت BBC على معلومات رسمية عراقية تؤكد ان جميع الدراسات التي أجرتها وزارة الصحة أثبتت زيادة التشوهات الخلقية والسرطانات لدى الأطفال.

من جهتها أعلنت عالمة السموم البيئية أصفهاني Mezhegan Savabie Asfahani من كلية الصحة العامة بجامعة ميتشيغان الأمريكية،ان البحث الذي أجرته مع فريقها على أطفال عراقيين، توصل الى أدلة دامغة تربط ما بين الأعداد المتزايدة من العيوب الخلقية والإجهاض وبين العمليات العسكرية التي جرت هناك. وقالت:لآول مرة نعثر على بصمة تلوث معدني.وهذه أدلة دامغة تربط بين الزيادات المذهلة في معدلات الولادات المشوهة في العراق بسبب تلوث معدني عصبي سام عقب القصف المتكرر للمدن العراقية

وفي أحدث بحث علمي نشرت تقريراً موجزاً عنه صحيفة The Guardian البريطانية في مطلع اَذار الماضي، جاء فيه ان الهجوم الامريكي على العراق الذي بدأ قبل 20 سنة، خلّف إرثاً مسموماً اكثر سوءا من القصف النووي على مدينة هيروشيما اليابانية في الحرب العالمية الثانية- وفق ما اظهرته دراسة علمية أجراها البرفسور باسبي Chris Busby وفريقه تتعلق بمعدلات الاصابة بالسرطان والوفيات بين الاطفال.

وأوضحت الدراسة ان "معدلات الاصابة بسرطان الدم في هيروشيما، ازدادت بنسبة مدمرة بلغت 660٪، بعد مرور 12 الى 13 سنة على التفجير النووي(وهو الفترة الزمنية التي تبلغ فيها مستويات الإشعاع ذروتها). بينما إزدادت معدلات الاصابة باللوكيميا في الفلوجة بالعراق بنسبة 2200٪ خلال فترة زمنية اقصر بكثير، وذلك بمتوسط 5 الى 10 سنوات فقط بعد قصف المدينة بالأسلحة الأمريكية.

ولفت التقرير الى انه من خلال القصص المتداولة، كان الاطباء يبلغون عن زيادة كبيرة في معدلات الاصابة بالسرطان في العراق بالاضافة الى التشوهات الخلقية عقب عمليات القصف الامريكي. وقد أصبحت مشاهدات الاطباء مدعومة بالبيانات الموثقة. فبالاضافة الى الزيادة الكبيرة في معدلات الاصابة بسرطان الدم، خلص بحث Busby وفريقه الى وجود زيادة بنسبة 1260٪ في معدلات الإصابة بسرطان الاطفال في الفلوجة، وزيادة بنسبة 740٪ في الاصابات باورام المخ، عقب عمليات القصف الامريكي.

ووجد الباحثون دلائل قاطعة على تعرض العراقيين لاثار الاشعاع الخطير،إنعكس على إزدياد معدلات وفيات الاطفال بنسبة 820٪ منها في الكويت المجاورة مثلا.

ومقارنة بالهجوم النووي على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين في عام 1945، والذي يمثل احد أبشع الفظاعات الأمريكية في تاريخ البشرية، فان الارقام المتوفرة حول الفلوجة تبين "مستويات سرطانية مذهلة" [The Guardian, 3 April 2023]..

في يوغوسلافيا السابقة

في أعوام 1994-1995 و 1999 شن حلف الناتو الحرب على يوغسلافيا، وإستخدمت قواته الطائرات والبوارج البحرية، مطلقة نحو 3000 صاروخ كروز،ملقية ما يربو على 37 ألف قنبلة فتاكة، بما فيها العنقودية، بكمية 80 ألف طن، موجهة 2300 ضربة جوية لقرابة 1000 هدف،وكانت حصة القذائف المصنعة من اليورانيوم "المنضب"، في عام 1999 وحده، ما يزيد عن 15 طناً مترياً، فدمرت وقتلت ونشرت الإشعاع والسموم الكيميائية،التي لوثت الهواء والتربة والأنهار، حتى في المناطق التي أراد الناتو " تحريرها"، محولة المدنيين الأبرياء الى ضحية رئيسية، حيث قُدّر عدد الذين لقوا مصرعهم ما بين 3500 و4000 شخصاً وجرح حوالي 10 آلاف في تلك الضربات.وما زال مستوى الإشعاع في صربيا والبوسنة وكوسوفو وغيرها، وبعض المراكز السكنية في جنوب صربيا (حسب معطيات الأركان العامة للجيش الصربي تبلغ إجمالاً 112 منطقة سكنية(،منذ عام 1999، فوق المعدل المسموح به دولياً بمئات المرات.

أثناء حرب البوسنة، في عام 1995، تعرضت بلدة هادزيتشي الصربية الصغيرة، على بعد 15 كيلومترًا من سراييفو، للقصف بقنابل اليورانيوم GBU 28 التي إستهدفت مصنعاً صربياً لإصلاح الدبابات هناك. ومع أنه تم بعد القصف إجلاء 3500 مواطناً منها وتوطينهم في بلدة براتوناك الجبلية البعيدة لحمايتهم من الإشعاعات، لكن الأوان كان قد فات، لأن العديد من هؤلاء الأشخاص قد تعرضوا لأشعاعات اسلحة اليورانيوم بالفعل.وقد توفي في السنوات الخمس التالية 1112 منهم بأمراض السرطان القاتلة. وقد كتب الصحفي البريطاني روبرت فيسك في صحيفة "The Independent" الإنجليزية، بحق: "كان من الممكن أن يكتب المرء على شواهد قبور هؤلاء الأشخاص: مات نتيجة ذخيرة اليورانيوم".

ولقد أكدت الأبحاث الطبية أنه بأثر تلك الذخائر شهدت صربيا وكوسوفو والبوسنة أعلى معدل للأورام الخبيثة في أوروبا، حيث تم تشخيص أكثر من 30 ألف إصابة بالسرطان في السنوات العشر الأولى منذ القصف الذي قامت به قوات حلف الناتو.وعدا إرتفاع مستويات الأصابات والوفيات السرطانية، تضاعفن معدلات الولادات الميتة والتشوهات الخلقية والأجهاض المتكرر والعقم، وغيرها من الحالات المرضية غير القابلة للعلاج..

وبرأي عالم السموم البرفسور كوفاشيفيتش Radomir Kovacevic إن 60 جيلاً آخر من الصرب سيكون لها عواقب صحية سلبية بسبب قذائف اليورانيوم المنضب التي استخدمها جيش الناتو أثناء قصف يوغوسلافيا في عام 1999.

هذا، وقد تقدم أكثر من 4000 مواطن من صربيا وكوسوفو وميتوهيجا والبوسنة وهيرسوكوفينا دعاوى قضائية لمقاضاة حلف الناتو.بسبب السرطان الذي أصابهم بعد القصف بأسلحة اليورانيوم، والناتو يرفض المقاضاة، زاعماً لديه حصانة(Global Research April 20237).

ونعيد التذكير بان علماء من دول البلقان وجدوا ان التلوث الإشعاعي الناجم عن ذخائر اليورانيوم المنضب قد وصل عبر الرياح والمياه الجارية الى العديد من الدول المجاورة، كألبانيا والنمسا وبلغاريا واليونان، التي تبعد عن يوغوسلافيا اَلاف الكيلومترات.. وأكدت دراسات علمية الرابطة المباشرة لتلك الذخائر بالولادات الميتة والمشوهة وبالإصابات والوفيات الناجمة عن سرطانات الدم والرئة والكلى وغيرها، التي إنتشرت في المنطقة لدى المدنيين والعسكريين، ولدى جنود حفظ السلام الأيطاليين والكنديين وغيرهم.

خلاصة القول ان مخاطر اليورانيوم "المنضّب" تكمن في أنه لا يدمر أهدافاً فحسب، بل يدمر البيئة، والحياة الإنسانية بشكل عام في المناطق التي تتضرر به، ولملايين السنين، حتى أنه يحوّل بعض المناطق المتعرضة له إلى مناطق غير صالحة للحياة البشرية، كما يطال المناطق البعيدة عن المنطقة المستهدفة عن طريق الرياح..

فهل تريد القيادة الأوكرانية ان تجلب للمدنيين الأبرياء، وفي مقدمتهم الأطفال- براعم وعماد المستقبل، مثل هذه الكوارث التي سيحدثها إستخدام قذائف اليورانيوم " المنضب" البريطانية المطورة في الأراضي الأوكرانية؟

وهل ان تنفيذ أوكرانيا بقيادة زيلينسكي وحاشيته لمهمة حلف الناتو وخوضها الحربً بالوكالة - كما أقر وزير الدفاع الأوكراني- تستوجب تدمير البلد والتضحية بشعبه؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

 علي حسين الحزن والكآبة والتعوّد على طقوسهما، موضوع كتاب صدر قبل سنوات بعنوان "ضدّ السعادة"، حشد فيه مؤلفه إيريك جي. ويلسون جميع الشواهد التي ينبغي أن تردعنا عن الإحساس بأي معنى للتفاؤل، فالمؤلف...
علي حسين

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي (الحلقة 3)التجربة الكوريةتجربة كوريا الجنوبية في التعليم تعتبر واحدة من أنجح التجارب العالمية فقد استطاعت أن تحقق قفزة نوعية في مسارها التنموي، فحوّلت نفسها من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية عظمى في...
د. محمد الربيعي

مركزية الوهم العربي: بين الشعور بالتفوق ونظريات المؤامرة

قحطان الفرج الله مفهوم "المركزية" الذي يقوم على نزعة الشعور الجارف بتفوق الأنا (سواء كانت غربية أو إسلامية) وصفاء هويتها ونقاء أصلها. بحسب الدكتور عبد الله ابراهيم الناقد والمفكر العراقي، الذي قدم تحليلًا معمقًا...
قحطان الفرج الله

تفاسير فظيعة في تفخيذ الرضيعة

حسين سميسم وجد الفقهاء أن موقفهم ضعيف في تشريع سن الزواج، نظرا لضعف الروايات التي اعتمدوا عليها، اضافة الى خلو القرآن من نص صريح يوضح ذلك، فذهبوا إلى التفسير بحثا عن ضالتهم، ووجدوا في...
حسين سميسم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram