TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > شراكة القطاعين... أما وإما

شراكة القطاعين... أما وإما

نشر في: 7 مايو, 2023: 09:54 م

ثامرالهيمص

اكد السيد رئيس الوزراء ان هناك سعيا لوزارة الصناعة لتشغيل كامل الطاقة الانتاجية للمصانع, سواء التي تدار من قبل الوزارة ام التي تشغل بالاستثمار مع القطاع الخاص, وذكر ان الحكومة لاحظت في المساحات الزراعية ضعفا واضحا في استخدام منظومة الري بالرش في المحافظة (واسط) وان اساليب الري بالرش ليست فقط معالجة لشح المياه انما الاسلوب الامثل لزيادةالانتاجية. ( جريدة الصباح ليوم 27/4/2023).

من هنا يمكن التأسيس لتنمية مستدامة في الاقتصاد الحقيقي ( زراعة وصناعة) حيث يقترن ويتكامل القطاعين العام والخاص اذ تهدف الشراكة الى خدمة الدولة واجندتها (الوطنية) الرامية الى تحقيق اقتصاد مستدام, يستند على المعرفة والتنافسية والخبرة والتنوع. وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية, ونتائج ومخرجات افضل مما يستطيع ان يحققه كل فريق بمفرده. عندها فقط نخرج من دوامة الاقتصاد الريعي المهيمن كونه مرهون بالخارج ومهدد بالنضوب, وكما يجسده الصراع السنوي العقيم للموازنة عمليا, مع سوء توزيع الثروة كمتلازمة للاقتصادات الربعية.

فقد انهى مجلس النواب ليوم 19/11/ 2022 مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، استكمالا لما طرح في عام 2014 ليصطف مع اخوته المركونين مثل قانون النفط والغاز وشركة النفط الوطنية وباقي قائمة الانتظار. املين ان يكون هذا القانون قيد التنفيذ الخلاق بما يتناسب مع تصريح السيد رئيس الوزراء, اذ ان هذا النوع من التنفيذ سياسيا واجتماعيا يخفف من مخاطر الفترة الانتقالية كما تجسدها راسمالية الدولة عندما تتجه عمليا نحو الشراكة بين القطاعين, ففي تقديرات لجنة الاعمال بالامم المتحدة الى ان تحقيق اهداف التنمية المستدامة يمكن ان يخلق فرصا للقطاع الخاص بقيمة (12تريلون دولار) في مجالات الاغذية والزراعة واوالطاقة والصحة والرفاهية ويخلق 380 مليون وظيفة بحلول 2030.

ولكن ليس بمعزل عن الانشطة الساندة واولها التعليم او عالم المعرفة, فمن المعلوم لدينا قرابة 100 جامعة وكلية حكومية واهلية متنوعة, وحسب وزارة التخطيط ان هناك 70الف موظف يدرسون في الجامعات الايرانية هذا العام, وان السنوات العشرالاخيرة حصل 50 الف موظف على الشهادات العليا داخل وخارج البلاد وهذا يعني نصف مليون موظف يحملون القابا علمية بين ماجستير ودكتوراه, بنسبة لا تتجاوز 5‌% منهم يمارسون اختصاصهم والاخرون فقط لاجل نيل المخصصات والامتيازات وسماع لقب دكتور. (المصدر اعلاه) اذ بات من المؤكد انه لا علاقة بذلك بالتنمية المستدامة وحتى الموقتة وشاهدنا الصدوق وزارة التخطيط. لا نحتاج لمحاججة فيما يتعلق بسوء الاداء كما جسدته سرقة القرن كما ذكرها السيد رئيس الوزراء’ او بكارثة 123الف متجاوز على رواتب الرعاية الاجتماعية, والعجز التاريخي المجازف في الموازنة. ومع ذلك نعاند ونقول ان الضوء لاح في نهاية النفق وتجلت الامور عندما يعلن السيد وزير النفط عن فرص استثمارية لست مصافي في ميسان وذي قار والسماوة وواسط وغيرها من (المحافظات)؟. لا نتمنى للمصافي المذكورة نفس فترة الانجاز والتفعيل لمصفى كربلا ءالمقدسة, ونتمنى لباقي المصافي ان لا يدخلن حلقة التحاصص قبل حلقة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية.

لا شك ان للتعليم العالي والتربية اهداف عامة وخاصة وعندما لا يلتقيان وطنيا تنعكس مباشرة على الاداء العام كما يتجسد الان في التعليم العالي وضعف بنيوي في التربية كما لمسناها في التسرب لملايين التلاميذ والطلبة ومشكلة البنايات المدرسيه وترك الغارب للتعليم الاهلي الباهض على كل صعيد. ولذلك تكون اهمية توحيد المناهج للتعليم والا يترك لكل جماعة اثنية او مذهبية ان تنشئ نظامها التعليمي الخاص بها غير الخاضع لرقابة الدولة, كما يجب الا تقوم هذه المناهج على التعصب الاثني او المذهبي. ( سهام فوزي /التحول الديمقراطي في المجتمعات الاثنية /دراسة مقارنة بين العراق وجنوب افريقيا / ص322/2019|). بدون هذا الشرط تصبح المخرجات اشبه بما حصل في مخرجاتنا اعلاه, اذ كل قوم بما لديهم فرحين’ والله لا يحب الفرحين احفاد قارون.

مما جعل الوظيفة العامة مجرد ملاذ امن بالاضافة لمركزها الاجتماعي. وهذا من مخرجات تجميد الاقتصاد الحقيقي لصالح راسمالية الدولة المحتكرة لملاذ التقاعد بغض النظر عن الاداء, وهذا يتقاطع كليا مع جدوى الاقتصادية ومعايرها’ فترهل الجهاز الاداري. ففي السعودية ( البلد العربي النفطي مثل العراق) بلغ عدد الموظفين الحكوميين 560678 سنة 2002, وربما بلغ عددهم الان زهاء 600000موظف وان عدد سكان السعودية يقدر 25000000نسمة فان النسبة تكون 2,4‌%. واذا اعتمدنا هذه النسبة كون السعودية بلدا نفطيا كالعراق) سيكون العدد المقبول لموظفي الدولة العراقية 800000موظف. وهو ما يعني ان الدولة العراقية تضم 3200000موظف فائض وهو ما يمثل نسبة 80‌% من عدد الموظفين الفعلي. ( ا. د. سليم الوردي /الاستبداد النفطي في العراق المعاصر /ص138 /2013) 0 هذه هي المعطيات المباشرة ونتائجها, فالان لدينا 6الاف مدير عام في اسفل هرم الدرجات الخاصة. فهل الـ 80‌% من الفائضين يحتاجون ستة الاف مدير عام؟.

لا يفوتنا ان هذا الفشل المتراكم له اسبابه التاريخية والسياسية واولها تدمير الطبقة الوسطى في الزراعة من خلال قوانين اصلاح زراعي مؤدلجة (1958—1971) تخللها تاميمات 1964 مواكبة لاشتراكية عبد الناصر’ في حين كان عسكر تلك الفترة لا تتجاوز معلوماتهم عن الاشتراكية معلوماتي عن المريخ. بوسعنا ان نتبين الكثير من اوجه الشبه في تكيف البرجوازيات المصرية والسورية والعراقية (القديمة) واستجاباتها لسياسات الانفتاح, الا ان ثمة اختلاف مهم يميز حالة العراق, فمن المعروف ان كثيرا من قدامى راسماليي البلدان الثلاثة ( وكذلك ايران اختارت الهجرة اثر الخضات الثورية) الا ان العراق شهد بالاضافة لذلك اقتلاعا جذريا لفئات من الشيعة الاكراد كانت من بين اكثر تجار المرحلة القديمة ثراء’ فعشية اندلاع الحرب العراقية – الايرانية, وخوفا من ان يلعب هؤلاء الدور الذي لعبه البازار الايراني في دعم الثورة ضد الشاه, جرت حملة تهجير قسرية لمئات الوف الشيعة, مما ترك بصماته على اعادة هيكلة المجتمع والاقتصاد فيما بعد, مع ان رجال الاعمال الشيعة. (د. عصام الخفاجي/ ولادات متعسرة ص524/ 2013).

فغياب الشريحة الرائدة في التجارة او الصناعة او جزء حيوي منها’ يصعب ايجاد بديل جاهز محلها والبلد في حرب ثم في حصار, مما ادى عمليا لاقامة شبكة توزيع سريعة شبه رسمية للحلول محل هذه الشريحة ناهيك عن مواقف رسمية فيما يتعلق بالاشتراكية المزعومة, هذه الشبكة الجديدة اسست فقط للاستيراد فيما يتعلق بالغذاء والدواء بموجب برنامجها النفط مقابلهما, فهي تستورد فقط بكل الاساليب المشروعة وغير المشروعة من تهريب النفط والاموال الى غيرها من مواد استهلاكية. وصولا لحد الان بنشاط لم يختلف كثيرا استيرادا وتهريبا.

لذلك بالمستطاع القول ان جميع القوى السياسيه بمختلف ايدلوجياتها تشترك بقاسم مشترك واحد هو الفشل في اقامة دولة التنمية المستدامة من خلال اقتصادنا الحقيقي. ففي المجتمع العراقي اخذت مختلف صنوف الفكر السياسي الوافد حظها وفرصتها للتجريب في صياغة توجهاته, وكانت نتائج هذه التجارب شبه كارثية وتمخض عنها مزيد من الفشل ومزيد من المعاناة والتخلف والجهل. (د. مهندس خالد المعيني /الطبقة القائدة /ص251/ 2017).

كما لا يفوتنا ان تجربة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كراع للاقتصاد العراقي كونه يمثل الدولة الراعية’ فقد فشلت فشلا ذريعا يتناسب مع خطأ احتلال العراق باعترافهم هم اذ تبين انهم مخدوعين والعهدة على رواتهم وما حصل على الارض, ولذلك كان العمل مرتبكا ابتزازيا ولا زال’ لان ما بني على الباطل باطل.

لا يسعنا الان ونحن مقبلون كما نسمع ولا نرى ان الشراكة قادمة بين القطاعين العام والخاص, املين ان استثمار تجربة القطاع المختلط النموذجية والتي لا زالت ناجحة’ حيث الروح المؤسساتية التي لا تهزها الاعتبارات غير الاقتصادية وجدواها, كما ان الشراكة لكي نضمن نجاحها لابد من استدعاء تاريخها وتفعيله, بالاضافة لمبادئ عامه مقوننة مثل مركزية التخطيط ولا مركزية التنفيذ برقابة مالية حكوميه مستوفية الضرائب واستقطاعات الضمان الاجتماعي والصحي باجهزة الكترونية, اذ التوظيف حسب الكفاءة وليس بموجب الولاء, والمبدأ الثالث هو دفع الانشطة الموازية التي تحتل مكانها الان بين القطاعين لتصب في مخرجاتهم ايضا اي ضمن دائرة التخطيط, لان كل من خارج التخطيط لا يمكن الا ان يكون منافس لدود, سواء في الزراعة او الصناعة او السياحة’ ما دام ينطلق بارادة مختلفة واهداف غير متكاملة مع نظيراتها في البلد. المبدأ الرابع اقامة شراكات حقيقية مع الجيران خصوصا دول المنبع, حيث لم تنفع العوامل التاريخية في معالجة الموقف المالي والمائي بكل الاحوال, اذ لديهم راسمالية ليست طفيلية حديثة عهد’ ولها انجازات معروفة مؤسساتيا’ اما خامسا فالاطار الدولي لهذه الشراكة ينبغي ان يكون هو اننا لسنا لدينا عمالة رخيصة قياسا لبعض الدول في مرحلتها الانتقالية بسبب المرض الهولندي عمالة رخيصة بدليل اننا لدينا مليون عامل اجنبي لسد فراغات هذا المرض, كما انه ليس مشهودا لنا بالمهارات المجربة لانشغالنا كثيرا بالتصحر والهجرات وداعش وتضخم جهازنا الامني, هذه حقائق, يأخذها اي مستثمر بنظر الاعتبار. كما ان تشوه مخرجات التعليم لا يبشر بخير كونه خارج مستلزمات خطة اي تنمية مستدامة ولا يواكبها لانه لم تحدده جهة مركزية’ اذ تأسست هذه المخرجات التعليمية وفق توجهات الهويات الفرعية’ او استجابة لمنطق المحاصصة الثلاثية.

فاما نأخذ هذه الاعتبارات والمعطيات والمبادئ كما هي وليس كما يجب ان تكون التصورات المبنية وفق المصالح الفئوية الحالية, او نذهب للترقيع الاعلامي لتغطية عورة سوء الاداء وعاهة الاقتصاد الريعي المتفاقمة حتى اخر موازنة. فالشراكة نقلة نوعية لها شروطها النوعية والكمية تكاملا بدون سرب او اسراب تحلق منفردة سابحة عكس التيار حتما. فالشراكة اخيرا هي فقط القاعدة الكونكريتية للتنمية الوطنية المستدامة التي باتت خيارا اوحدا ومصيريا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: ذهب نور وجاء زيد

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

 علي حسين الحزن والكآبة والتعوّد على طقوسهما، موضوع كتاب صدر قبل سنوات بعنوان "ضدّ السعادة"، حشد فيه مؤلفه إيريك جي. ويلسون جميع الشواهد التي ينبغي أن تردعنا عن الإحساس بأي معنى للتفاؤل، فالمؤلف...
علي حسين

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي (الحلقة 3)التجربة الكوريةتجربة كوريا الجنوبية في التعليم تعتبر واحدة من أنجح التجارب العالمية فقد استطاعت أن تحقق قفزة نوعية في مسارها التنموي، فحوّلت نفسها من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية عظمى في...
د. محمد الربيعي

مركزية الوهم العربي: بين الشعور بالتفوق ونظريات المؤامرة

قحطان الفرج الله مفهوم "المركزية" الذي يقوم على نزعة الشعور الجارف بتفوق الأنا (سواء كانت غربية أو إسلامية) وصفاء هويتها ونقاء أصلها. بحسب الدكتور عبد الله ابراهيم الناقد والمفكر العراقي، الذي قدم تحليلًا معمقًا...
قحطان الفرج الله

تفاسير فظيعة في تفخيذ الرضيعة

حسين سميسم وجد الفقهاء أن موقفهم ضعيف في تشريع سن الزواج، نظرا لضعف الروايات التي اعتمدوا عليها، اضافة الى خلو القرآن من نص صريح يوضح ذلك، فذهبوا إلى التفسير بحثا عن ضالتهم، ووجدوا في...
حسين سميسم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram