بغداد/ فراس عدنان
أفادت وزارة الموارد المائية باتخاذ العراق إجراءات لخزن أكبر كمية من المياه لمواجهة الموسم الصيفي، لافتة إلى أن اطلاقات نهر دجلة ما زالت مقبولة في ضوء المباحثات الأخيرة مع تركيا.
لكن مراقبين يتحدثون عن مخاوف من استنزاف جميع الخزين الستراتيجي قبل نهاية العام الحالي، محذرين من انتقال الأزمة إلى مياه الشرب.
وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال، إن "ازمة المياه في العراق تنطوي على شقين، الأول خارجي كون مصادر البلاد للمياه من دول الجوار، وهي تركيا وسوريا وإيران".
وتابع شمال، أن "أكثر من 70% من مياه العراق تأتي من دول الجوار"، نافياً "ابرام اتفاقية مع هذه الدول التي قامت بإنشاء مشاريع سدود كبيرة وغيرت واستنزفت العديد من مسارات الأنهر وتصريفها".
وأشار، إلى أن "الشق الثاني يتعلق بالمتغيرات المناخية"، مؤكداً أن "العراق يعد خامس الدول تضرراً بالمتغيرات المناخية والجفاف".
وبين شمال، أن "هذا الامر القى بظلاله على الواقع المائي العراقي وتحديداً في المحافظات الجنوبية وهي البصرة وذي قار وميسان".
ولفت، إلى "إجراءات اتخذتها الوزارة بداية من الموسم الشتوي بخزن أكثر من يمكن خزنه لتعزيز الخزين الستراتيجي واستخدامه في موسم الصيف".
وتحدث شمال، عن "تطبيق سياسة توزيع مياه ومناوبة ومراشنة صارمة للسيطرة على توزيع المياه على ضفتي الأنهر، مع عدم إطلاق أية إضافات مائية على نهري دجلة والفرات إلا للحاجة الفعلية".
وأكد، "تنفيذ حملة لرفع التجاوزات على الحصص المائية وتلك الواقعة على محرمات الأنهر وتلك المتعلقة بالجانب البيئي".
وزاد شمال، أن "معالجة الملوثات البيئة كانت باطلاق دفعات مائية، لكن الوضع قد تغيّر في الوقت الحاضر بسبب قلة المياه، ولذا اتجهنا للتنسيق مع القوات الأمنية ومجلس القضاء الأعلى ثم اتخذنا إجراءات رادعة بحق المتجاوزين".
ويواصل، أن "الجانب التركي يتعامل مع نهري دجلة والفرات على أنهما أنهر تابعة له، يأتي ذلك بالتزامن مع عدم وجود اتفاقية للمياه مع تركيا وقلة التساقط المطري على حوضي دجلة والفرات".
ويسترسل شمال، أن "ملف المياه سيادي"، منبهاً إلى أن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني كان قد زار تركيا في آذار الماضي وتم الاتفاق على مضاعفة اطلاقات المياه في نهر دجلة بعد أن عرض مشكلته المائية".
وأردف، أن "الجانب التركي وفي اليوم الثاني لزيارة السوداني ضاعف من اطلاقات نهر دجلة واستمرت هذه المضاعفة، وهي إيرادات مقبولة نوعاً ما مقارنة بما كانت عليه في السابق".
وأفاد شمال، بأن "الوزارة استفادت من هذه الاطلاقات عبر خزنها في سد الموصل، وتعزيز المياه في نهر دجلة من خلال تحسين وضعه المائي وزيادة التصاريف ورفع المناسيب".
وتابع، أن "العراق لديه حقوق تاريخية في نهري دجلة والفرات، والانهر المشتركة مع إيران وعلى هاتين الدولتين أن تعطينا هذه الحقوق ومن ثم تجري مناقشة جميع الاعتراضات التي سجلتها هاتان الدولتان على استخدامات العراق للمياه".
ومضى شمال، إلى أن "المشكلة الأساسية لا تتعلق بهدر المياه، لكنها ترتبط بقلة الإيرادات التي انخفضت بنسبة 70%، وهذا مؤشر خطير ينبغي الالتفات إليه، لذا فأن الحديث ينبغي أن يكون على أمرين الأول ضمان حقوق العراق التاريخية في نهري دجلة والفرات والثاني هو تقاسم الضرر".
وضيفت بغداد المؤتمر الثالث للمياه بمشاركة عدد من الدول والمنظمات المعنية بالملف المائي، حيث أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في كلمته بأن حل أزمة نهري دجلة والفرات بحاجة إلى تدخل دولي عاجل.
من جانبه، ذكر الباحث في الشأن المائي عادل المختار، أن "الأمم المتحدة أقرت بأن الجفاف سيكون قاسياً مع العراق".
وتابع المختار، أن "العراق لديه مذكرة تفاهم لم تفعل لغاية الوقت الحالي تلزم الجانب التركي بمنحنا حقوقنا المائية وعليها تقاسم الضرر".
وأشار، إلى أن "الوضع المائي يحتاج إلى إعادة نظر بالسياسة الزراعية، فليس من المعقول بناء خطة زراعية على أساس 30 إلى 40 مليار متر مكعب، ويجب أن يتم تقليصها إلى 10 مليارات متر مكعب".
وبين المختار، أن "اعتراضاً كبيراً سجلناه على الخطة الزراعية للموسم الشتوي التي اعتمدت في الري السطحي التي وصلت إلى 6.5 دونم".
ولفت، إلى ان "العراق استطاع خلال الموجة المطرية الأولى خزن مليارين إلى مليارين و500 مليون متر مكعب، وغطى الرية الأخيرة التي تقدر بنحو 3 مليارات متر مكعب".
ويرى المختار، أن "الخطة الزراعية الشتوية افقدت العراق 3 مليارات متر مكعب كان من المفترض خزنها، ليرتفع الخزين إلى 15 مليار متر مكعب بدلاً عن 10 مليارات متر مكعب".
وأورد، أن "الخزين المائي العراقي لا يكفي حتى نهاية العام الحالي، لكن السؤال الذي ينبغي وضعه: ماذا لو كان الشتاء القادم جافاً بلا امطار؟".
ويجد المختار، أن "المؤشرات تفيد بأننا وصلنا إلى مرحلة الخطر، وهذا يعني أننا قد ندخل في أزمة لمياه الشرب إلا في حالة قيام تركيا بزيادة الاطلاقات حتى نتجاوز الأزمة".
وأفاد، بأن "الوقت قد حان لرسم سياسة زراعية، حتى نقنع الجانبين التركي والإيراني لكونهما يحتجان بأن العراق يهدر المياه".
وانتهى المختار، إلى أن "التوقعات تؤكد بأن العام سيكون قاسياً على العراق في ظل هذا التناقص الواضح للخزين المائي وعدم إيجاد حلول للأزمة".
ويعاني العراق أزمة تعد الأشد منذ عقود في الملف المائي مع اتخاذ دول الجوار سياسات فاقمت حدة الجفاف.