بغداد/ تميم الحسن
حتى الان لم يستطع الإطار التنسيقي تجاوز الخلافات الداخلية او اقناع الشركاء في التحالف الحاكم (ائتلاف ادارة الدولة) في قضيتي التعديل الوزاري والموازنة.
ورغم اللقاءات السياسية الاخيرة التي بدت وكأنها جلسات صلح بين الأطراف المتخاصمة الا انه لا نتائج واضحة حتى الان بحدوث اتفاق.
ومازالت أطراف شيعية تنفي وجود تعديل وزاري، كما تتحدث عن وجود نسختين للموازنة واحدة فنية واخرى سياسية.
وانقضت الان من عمر حكومة محمد السوداني 6 أشهر بلا موازنة، فيما تواجه تعهدات الاخير شكوكا خصوصا فيما يتعلق بورقة الاتفاق السياسي.
ويفترض ان ينتهي البرلمان بعد غد الاربعاء من نقاشات الموازنة، بحسب مهلة القوى المهيمنة على المجلس، لكن قد يحتاج الاخير الى ضعف المهلة المعلنة على الاقل.
وتفيد معلومات حصلت عليها (المدى) من داخل البرلمان بان الترجيحات تذهب الى ان أقرب وقت لحسم مناقشات الموازنة هو في "20 ايار المقبل او نهاية الشهر الحالي".
وقابلت اللجنة المالية التي تجتمع يوميا نحو 12 ساعة على فترتين نهارية ومسائية، حتى الان 11 وزيرا آخرهم وزير الداخلية عبد الامير الشمري.
وتخطط اللجنة لمناقشة الموازنة مع كل الوزراء ورؤساء الهيئات، فيما لايزال هناك تعثر في مواعيد اللقاء مع وزير الدفاع ثابت العباسي.
ويقول كمال كوجر عضو اللجنة المالية في البرلمان لـ(المدى) عن مهلة انهاء الموازنة: "نتمنى ان نحسم الامر بالتوقيت المعلن لكن ليس على حساب المهنية والتدقيق".
وهذه الموازنة هي الاكثر جدلا في تاريخ الموازنات بعد 2003، بسبب تخطيطها لـ3 سنوات، وحجمها الذي بلغ نحو 200 تريليون، والعجز الذي يصل الى 64 تريليون دينار.
وكان ائتلاف ادارة الدولة قد قرر في اجتماعه الاخير بمنزل زعيم تحالف السيادة خميس الخنجر، منح البرلمان اسبوعا واحدا لحسم مداولات الموازنة.
وشهد هذا الاجتماع اللقاء الاول بين السوداني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي اللذين جلسا بجوار بعضهما لإعطاء رسالة بحدوث صلح بين الطرفين رغم ان كاميرات التصوير التقطت صورا اظهرت عكس ذلك.
وجرى اللقاء النادر في منزل الخنجر الذي مازالت بعض القوى السياسية لا ترحب بوجوده في العملية السياسية، بعد سلسلة من التسريبات عن خلافات بين رئيسي الحكومة والبرلمان.
ولم يظهر في الاجتماع الاخير زعيم دولة القانون نوري المالكي او قيس الخزعلي زعيم العصائب الذين تداولت حولهما انباء عن خصومات.
ويفجر حسين مؤنس رئيس حركة حقوق في البرلمان (وهي المظلة السياسية لكتائب حزب الله) مفاجأة عن كواليس الموازنة.
ويقول مؤنس في لقاء تلفزيوني ان "هناك نسختين للموازنة واحدة للموت والاخرى للسخونة" في اشارة الى وجود موازنة موازية للمعلنة تظهر في الوقت الحرج.
ويوضح القيادي في الكتائب: "الى جانب النسخة التي تناقشها اللجنة المالية (وهي نسخة الموت) توجد نسخة للقوى السياسية (نسخة السخونة) ستتداول في الساعات الاخيرة حين يعجز البرلمان عن تمرير الاولى".
ويتحدث مؤنس عن ان النسخة الثانية تتضمن "الاتفاقيات السياسية" التي تجري داخل الغرف المغلقة.
وكانت قضية الموازنة قد مرت بسلسلة من التعقيدات بداية من تأخر الحكومة أكثر من 4 أشهر حتى ارسلتها الى البرلمان ثم حدوث ارتباك في عرضها داخل المجلس.
كما قفزت بشكل مفاجئ مخاوف القوى الشيعية التي من المفترض انها أكثر الجهات التي ناقشت الموازنة بعدة جلسات قدر وقتها بأكثر من 15 ساعة.
وبرزت أكثر المخاوف في استقواء السوداني على "الإطار" والبرلمان فيما لو منح موازنة لـ3 سنوات قادمة، واستخدام الاموال الهائلة في الدعاية الانتخابية.
وتقول الاوساط السياسية الشيعية ان هذه المخاوف مازالت مستمرة رغم وجود مقترحات ذات جوانب فنية تتعلق بحضور السوداني امام البرلمان كل عام لتعديل الموازنة، او كما تشترط اللجنة المالية في البرلمان ارسال جداول العامين المقبلين (2024 و2025) كل بداية سنة.
لكن هذه المقترحات، وفق ما تقوله تلك الجهات، لا تضمن عدم تحكم رئيس الحكومة بأموال الموازنة لتحقيق اهداف انتخابية.
بالمقابل ان القوى السنية هي الاخرى لم تحصل على ضمانات أكيدة بتنفيذ ورقة المطالب فيما لو وافقت على نسخة الموازنة الحالية.
ويتداول في الغرف المغلقة كلام عن تشريع العفو العام بعد الموازنة، وهو ما اشار اليه الخنجر في مؤتمر اقتصادي جرى قبل ايام في بغداد.
وقال الخنجر ان: "بنود الاتفاق السياسي ليست شروطاً بل رؤية، وهي ملزمة لجميع الأطراف".
واضاف: "تم تنفيذ بعض البنود وإقرار الموازنة سيسهل تنفيذ بقية البنود الأخرى".
وكان لقاء الحلبوسي قبل ايام مع زعيم دولة القانون قد فسر في أنه يتعلق بتنفيذ الالتزامات نحو السُنة مقابل الموافقة على الموازنة.
وأعقب هذا اللقاء اجتماع بين المالكي والسوداني، وهو الاول بعد تسريبات الخلافات بين الطرفين خصوصا فيما يتعلق بقضية التعديل الوزاري.
وتؤكد مصادر قريبة من الإطار التنسيقي لـ(المدى) انه "رسميا لم يتم طرح قضية تغيير الوزراء داخل التحالف الشيعي وانما فقط في الاعلام".
وتتأرجح هذه القضية بين عدد المشمولين بالتعديل الوزاري (بين 4 و10 اسماء) واسمائهم وحتى دوافع التغيير بين مهني وسياسي وفيما لو ان السوداني اخذ موافقة "الإطار" ام لا.
وكان السوداني قد هدد في مقابلة تلفزيونية سابقة بفضح المعترضين على التعديل امام الشعب، حيث يفترض ان يقدم هذا التغيير الوزاري امام البرلمان وهو ما يعني يجب حصوله قبل ذلك على حد أدنى من التوافق السياسي.
وتوقع مراقبون ان الحماسة للتعديل الحكومة ربما ستقل بعد اللقاء الاخير بين المالكي والسوداني الذي اعتبر بمثابة صلح بين الطرفين.
وينكر المالكي ونواب ائتلاف دولة القانون بشكل متكرر وجود تعديل حكومي قادم.
وترى المصادر القريبة من المجموعة الشيعية ان "السوداني يبحث عن التأييد الشعبي من وراء رواية التعديل الحكومي وتحقيق انجاز قبل مضي اول 6 أشهر من حكومته".