كربلاء / نورا خالدوصلت إلى مدينة كربلاء الساعة التاسعة مساءً، وبعد رحلة بحث طويلة وجدت غرفة شاغرة في احد الفنادق، وعلى الرغم من سعرها المرتفع الا أنني استأجرتها لان اغلب الفنادق كانت محجوزة، لكثرة الزائرين العراقيين والأجانب،بعدها تجولت في المدينة ورغم ان الساعة تعدت العاشرة والنصف مساءً
الا ان الأسواق والمطاعم كانت مفتوحة والناس يتجولون في الشوارع المزدحمة، والإنارة الملونة تبعث في النفس الراحة والبهجة، استغربت هذا المنظر كثيرا، إذ ان المدينة في عهد النظام السابق كانت تبدو كمدينة أشباح بعد الساعة التاسعة مساءً. وبما ان رائحة الحلويات المنبعثة من الأسواق القريبة من مرقد الإمامين تجذب الزائرين فبدأت جولتي عند تلك المحال التي تشتهر بها مدينة كربلاء واقتربت من احدها والتقيت بزائرة إيرانية وهي تحمل مجموعة من العلب، سألتها عن زيارتها لكربلاء وهل هي الأولى فأجابتني بعد ان أصبح صاحب المحل بمثابة المترجم: هذه هي زيارتي الأولى لكربلاء المقدسة، فلم نكن نستطع في السابق زيارتها بسهولة،وفوجئت كثيراً بها فهي جميلة بكل شيء بقداستها وأسواقها وناسها فترى وجوه الناس مهللة، وتجد عندهم حميمية المشاعر وحسن الضيافة،وأضافت: لا استطيع وصف مشاعري وأنا في هذه الأرض المقدسة، وبعد ان زرت الأضرحة اقوم الآن بجولة في الأسواق لا تبضع منها وأخذ الهدايا الى أهلي في إيران.صاحب محل (...) الشهير في كربلاء لبيع الحلويات حدثني عن سوق كربلاء بعد التغيير قائلاً: ان مظاهر التغيير بدت تنعكس على حياة المواطنين خلال السنوات القليلة الماضية بعد أن عانت المدينة إهمالاً ً في مختلف القطاعات الحيوية في زمن النظام السابق، ويضيف: الآن بدأنا نلاحظ مظاهر التغيير، خصوصا في مجال الخدمات والأمن بالإضافة إلى استقرار الأوضاع الاقتصادية، خاصة بعد ان أصبحت المدينة من أهم المدن الدينية في العالم، وكثرة الزائرين من مختلف أنحاء العالم أدت الى انتعاش السوق فيها، وعندما سألت صاحب المحل حول سر الرائحة التي تجذب الزوار أجابني ضاحكاً:سر هذه الرائحة هو وضع (صينية) من الدهينة بجوز الهند والدهن الحر على نار هادئة، فتنبعث مثل هذه الروائح الطيبة وتملأ المكان، ويحرص جميع الزوار الوافدين الى كربلاء على شراء الحلويات كهدايا لعوائلهم ولجيرانهم، ولم اخرج من المحل الا وانا محملة بمختلف انواع الحلويات. تعدت الساعة الثانية عشرة عندما التقيت الزائر جعفر هادي من مدينة كربلاء وسألته عن ايجابيات التغيير فقال: هو الانفتاح غير المسبوق الذي شهدته المدينة على مختلف دول العالم، بعد ان استردت مكانتها ووضعها الطبيعي، فكربلاء مدينة لها تاريخها وقدسيتها عند عموم المسلمين،وكما ترين فالأسواق تبقى مفتوحة على مدار الساعة خاصة المحال القريبة من الإمامين لتلبي طلبات الزائرين، الا انه لا يزال هناك الكثير من السلبيات في المدينة ويعود ذلك إلى تراكمات من العهد السابق فالمدينة ورثت عبئاً كبيراً وانهياراً للبنى التحتية، لذلك نحتاج الى وقت للنهوض بواقع المدينة.عدت الى الفندق عند الساعة الثانية صباحاً ولا تزال الأسواق مفتوحة ومكتظة بالمتبضعين.
كربلاء المدينة التي لاتنام..أسواق ومتبضعون حتى ساعات الصباح الأولى
نشر في: 7 أغسطس, 2010: 05:25 م