ترجمة: حامد أحمد
أفاد خبراء بأن تجهيزات مياه الشرب في البصرة، ثاني أكبر مدينة تعدادا بالسكان في العراق، معرضة للخطر، لافتين إلى أن ذلك رغم جهود دولية ضخمة لإعادة تأهيل محطات المعالجة لسد الطلب المتزايد.
وكانت الازمة قد حظيت أخيرا في العام 2018 باهتمام دولي عندما تدنت مناسيب المياه في دجلة والفرات في فترة جفاف ازدادت سوءا مع انتشار بناء السدود في تركيا وإيران.
جاسم المالكي، خبير في مديرية زراعة البصرة، يقول لموقع (ذي ناشنال) بحسب تقرير ترجمته (المدى)، إن "المشكلة قد تتكرر وقد نشهد وضعا أسوأ مما كان عليه عام 2018، ولكن هناك إمكانية تلافي ذلك إذا ما وُجد الحل."
دجلة والفرات اللذان يشكلان نسبة 90% من موارد العراق من المياه العذبة، يلتقيان عند شط العرب الذي يصب في البصرة. كل هذه الأنهر الثلاثة تمر بأزمة. شط العرب كان يشكل مصدر المدينة الرئيسي للمياه العذبة، ولكن تدني مناسيب المياه فيه دعت مياه البحر للتدفق اليه بسبب المد العالي مما جعل ذلك نسبة الملوحة فيه عالية.
في العام 2018 تسبب تلوث المياه في البصرة الناجم عن تردي البنى التحتية لشبكة الصرف الصحي بتعرض أكثر من 120 ألف شخص لأمراض متعلقة بتلوث المياه غصت المستشفيات بهم مما دعا ذلك الى تحرك جهد دولي متمثل ببرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة ووكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية مدعوم بجهود محلية لتجديد وإعادة تأهيل محطات معالجة المياه المتهالكة.
وقال برنامج التنمية للأمم المتحدة ان ما يقارب من واحد مليون شخص مقيم في المدينة يستفيد اليوم من نتائج هذا الجهد في الحصول على مياه نظيفة.
علي، مهندس يعمل في محطة معالجة المياه في البصرة الذي اعطى اسمه الاول فقط، يقول انه ليس هناك عملا كافيا يمنع حدوث ازمة أخرى.
وتابع، أن "وضع الماء في البصرة ما يزال لا يبدو جيداً ويتطلب إجراء مزيد من العمل لمنع حدوث ازمة أخرى كما حصلت في عام 2018".
وطالب علي، "الحكومة بان تعالج أسباب وجذور هذه المشكلة، مثل الاستثمار في البنى التحتية وتحسين طريقة إدارة ملف المياه وتقليل التلوث والضرر البيئي".
مشروع محطة الهارثة لمعالجة المياه في البصرة الذي تولى إنشاؤه ائتلاف من شركات يابانية وفرنسية ومصرية انطلق في أوائل عام 2014 وكان من المتوقع الانتهاء منه بعد ثلاث سنوات فإنه يعمل الان ولكن شبكة خطوط توزيع المياه ما تزال تحتاج لسنوات أخرى كي تكتمل.
العام الماضي اشارت ادعاءات إعلامية عراقية ان خطة لمد شبكة أنابيب للمشروع بطول 37 كم قد تعرقلت بسبب الفساد. الشبكة الجديدة هي شيء جوهري، حيث تقول الأمم المتحدة ان 45% من المياه في البصرة يتم فقدانها جراء تسرب من شبكة أنابيب قديمة متهالكة وكذلك جراء عمليات ربط غير شرعية.
ويقول علي، ان "الزمن المطلوب لإكمال جميع شبكة أنابيب المياه قد يستغرق خمس سنوات أخرى".
وتابع، أن "الفساد ما يزال يعرقل هذا القطاع"، مشيرا الى انه "فان معدل ضخ المياه حالياً، وسط التأخيرات الحاصلة في مشروع الهارثة، هو بسعة 5 آلاف متر مكعب بالساعة، او ما يعادل 120 ألف متر مكعب باليوم، وهو اقل من السعة المصممة للمشروع والبالغة 360 ألف متر مكعب باليوم".
جراء التأخير الحاصل في مشروع الهارثة، فان كثيرا من أهالي المحافظة ما يزالون يعتمدون على ما يشترونه من مياه معقمة تنقل بالصهاريج رغم ان كثيرا منهم عاطلون عن العمل.
في تقرير للأمم المتحدة صدر في العام 2019 ذكرت فيه ان هنالك ما يقارب من 300 معمل صغير اهلي لتحلية ومعالجة المياه يوفر مياها للأهالي، هذا يعني ان نوعية المياه غير منظمة أيضا.
ويحذر الخبير في مديرية زراعة البصرة، المالكي، من ان سكان البصرة قد يعايشون سيناريو مشابها لما حدث عام 2018، او حتى أسوأ، على الرغم من عدد مشاريع معالجة المياه التي تم فتحها او تجديدها منذ ذلك الوقت.
وقال المالكي "هناك تحسن مؤقت في البصرة الان فيما يتعلق بمياه الشرب، ولكننا نتوقع ازمة قد تحصل هذا الصيف، والسبب الرئيسي في ذلك هو تدني تجهيزات المياه في شط العرب."
وقال ان العراق يحتفظ الان بخزين من المياه بما يقارب من 10 مليارات متر مكعب محفوظة في سدود وبحيرات وذلك بفضل موجة الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد مؤخرا، مضيفا بان هذا الرقم هو اقل بكثير من 59 مليار متر مكعب كانت متوفرة في العام 2019.
ويقول الخبير الزراعي، إن هذه العشرة مليارات متر مكعب تحتاج الى إدارة حكيمة، وان نتوقف عن هدر المياه من خلال أساليب قديمة في الزراعة التي تستهلك ما يقارب من 80% من كميات المياه."
ومضى إلى القول، "هذا بالإضافة الى تلوث المياه الحاصل من مخلفات المستشفيات ومياه الصرف الصحي ومحطات الطاقة في وقت توقفت فيه إجراءات التجريف والتنظيف منذ عقود الان وهذا شيء كارثي."
عن: موقع (ذي ناشنال) الإخباري