الجـزء الأول احمد ابريهي عليان تأجيل الاحتكام الى قواعد التداول السلمي للسلطة بعد ثورة 14 تموز 1958 وتحويل التدابير التي أنشأها الانقلاب الأخير عام 1968 الى نظام دائم يقوم على الدكتاتورية والرعب كان من أكثـر العوامل تدميراً لفرص الارتقاء السياسي نحو النضج وبلورة أنماط السلوك المؤسسي المعاصر،
بل ان ذلك التأجيل قاد الى تردي الثقافة الاجتماعية واستفحال أمراض التفكير العنصري الطائفي في فهم التاريخ والعالم والحاضر والمستقبل، ويبدو ان الطفرة النفطية في السبعينيات وانعكاسها الفوري في رخاء العائلة العراقية قادت الى استنساخ صعود النازية في العراق، وفي نفس الفترة ساعدت زيادة الموارد النفطية في إيران الى تقويض النظام السياسي جذرياً هناك ونجاح الثورة التي قطعت إيران عن تحالفاتها السابقة ومصادر الدعم الستراتيجي لها على المستوى الدولي.rnلقد فاجأت إيران العالم والمنطقة بسياستها المتشددة، بعد الثورة، تجاه الغرب، وأساليب تعاطيها مع القضية الفلسطينية، وإعلامها الديني والسياسي، ولقد بالغت في شعارات العداء للولايات المتحدة الأمريكية ما دفع ألأخيرة وحلفاءها الى التصدي لها بعد تجريدها من الدعم العسكري الذي كانت تحظى به أيام الشاه، وأصبح واضحا إن إيران ستنقطع عنها إمدادات السلاح وإن الدول الكبرى تريد تحجيمها.في تلك الأوضاع الملتبسة اندلعت الحرب العراقية ألإيرانية، وكان رد فعل المجتمع الدولي يتسم بالبرود والتريث، وبسبب اعتماد البلدين على السلاح المستورد أصبح من الممكن التحكم في مجريات الحرب ومسارها وما تنتهي إليه على النحو المعروف، لقد انحطت قيمة الإنسان في حرب الثمان سنوات الى مستويات سحيقة وكان يجري مسلسل سفك الدماء والتدمير الحضاري في سياق من التواطؤ الإقليمي والدولي وأجواء من الصخب الإعلامي والتضليل ليس لها مثيل، وكانت الحرب قد ضيعت على البلدين ربع قرن من فرص التنمية إضافة على مآسيها الإنسانية وأهوالها.بعد انتهاء الحرب مع إيران تغيرت سياسة الولايات المتحدة ألأمريكية تجاه العراق وبدأت تضغط لتحجيم قدراته العسكرية، وأثارت قضية أسلحة الدمار الشامل ومخاوف من مسعاه لامتلاك قدرات نووية.وكان العراق مدينا بحوالي 82 مليار دولار نهاية عام 1988 واشتد ضغط الدائنين بينما استمرت أسعار النفط عند مستويات منخفضة بدأتها منذ عام 1986، ولم تبادر دول الخليج بشطب ديونها التي كانت مساعدات في سياق التحالف العربي ألأمريكي ضد ايران، كما شعرت الحكومة العراقية بالاحباط والفشل عندما أدركت إن الحرب أريد منها مجرد الضغط على إيران لاسقاط الثورة، أو تغيير مسارها أو حتى إضعافها بإيقاف تطورها الاقتصادي، دون ترجيح مكانة العراق، وبالفعل لم يعترف للعراق بأية مكاسب ستراتيجية رغم حجم الخسائر البشرية والمادية، إضافة على تورطه بصراع مكشوف مع إيران ليس من السهل إدارته بعد تفكك التحالف المساند للحرب وتحول دوله إلى مواقف أخرى.وكانت الحرب مع إيران قد جعلت العراق محوراً لثنائيات قومية وطائفية، أسهمت في تكريسها ثقافة التعبئة الحربية التي روجت، دون تحفظ، لأنساق فكرية تميز بين البشر لأسباب دينية وقومية، وتتهم الاخر الديني واللغوي بالدونية والشر، وبدأت تسري آثارها التدميرية في نسيج المجتمع العراقي.لاشك ان الحدود مع الكويت، بذاتها، لم تكن محسومة تماما من وجهة نظر الدولتين على خلفية القول بتبعية الكويت لولاية البصرة أيام العثمانيين، رغم انه لم يتخذ الصيغة الرسمية إلا نادراً وربما في مناسبتين متباعدتين.في خضم تلك ألأوضاع حدثت المفاجأة صباح يوم 2/8/1990 عندما إتضح إن الجيش العراقي قد إحتل الكويت وفي اليوم نفسه أصدر مجلس الأمن الدولي قراره 660 الذي ادان ألأحتلال، وأمر العراق بألأنسحاب الفوري دون قيد او شرط وحل المسائل المعلقة بالتفاوض، ولم يصدر هذا القرار تحت الفصل السابع.عندما تأكد ضعف إيران أواخر الثمانينيات أصبح من الممكن، في نظر الغرب وحلفائهم في المنطقة، إلغاء الدور العراقي بضرب قوته العسكرية وإيقاف نموه وكأنه مجرد فقرة تسوية في ميزان القوى ما دفع إلى التشدد في معاملته، وقد أسهم تاريخ السياسة في تغذية هـذا المنحى الإقليمي والدولي الخطير، والذي يهدد مقومات الدولة العراقية في الصميم.وتواطأ ساسة العراق مع أطروحات تؤكد جزئية العراق من نطاق اكبر وايديولوجيات تلغي المستقبل السياسي للعراق وتسمى تمجيد الهوية الوطنية وشرعية الدولة العراقية قطرية وشعوبية، وقد تضافرت سلبيات السياسة الإيرانية مع المحاور العربية والرؤى المتوارثة على التعامل مع العراق وكأنه منطقة صراع على النفوذ بين إيران والدول العربية (مجتمعة) وتقسيم شعبه على وفق تلك التصورات الإجرامية.يوم 6/آب/1990 صدر القرار 661 عن مجلس الامن الدولي تحت الفصل السابع والذي فرض الحصار الشامل وأسس لتدويل الشأن العراقي بذريعة عدم تنفيذ العراق للقرار 660.وفي 29/11/1990 صدر القرار 678، وهو الحادي عشر تحت الفصل السابع منذ غزو الكويت، وبموجبه أعطى مجلس الأمن فرصة أخيرة للعراق حتى 15/كانون الثاني/1991 لتنفيذ القرارات السابقة ومنها الانسحاب غير المشروط في القرار 660، وبخلافه سيكون للدول الأعضاء الحق في استخدام التدابير الض
إنهاء ملفات التدويل
نشر في: 8 أغسطس, 2010: 04:49 م