اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > علم السرد من منظور الصيني بيو شانغ

علم السرد من منظور الصيني بيو شانغ

نشر في: 20 مايو, 2023: 11:35 م

د. نادية هناوي

يعد الناقد الصيني بيو شانغ Biwu Shang واحداً من مطوري علم السرد ما بعد الكلاسيكي بكل ما فيه من تهجين بين علوم السرد ما بعد الكلاسيكية كعلم السرد النسوي والمعرفي والثقافي والبلاغي والتاريخي.

وتتنوع مجالات شانغ النقدية بين دراسة النظرية السردية والنقد الادبي والاخلاقي والروائي. وله مؤلفات باللغتين الصينية والانجليزية مثل كتابه(ديناميات السرد) 2011 و(دراسة في نظرية السرد والبلاغية عند جيمس فيلان) و(علم السرد الغربي الحديث: وجهات نظر ما بعد كلاسيكية)2013.

ولقد قدّم شانغ اقتراحا باتخاذ التعددية طريقاً مستقبلياً يعطي علم السرد ما بعد الكلاسيكي قوة وتطويراً. فكتب في مستقبلية علم السرد ما بعد الكلاسيكي دراستين: الأولى هي (التعدد والتكامل في السرد ما بعد الكلاسيكي) وفيها دعا الى دراسة ما بعدية للسرد ووقف عند دان شين ودراستها لانحراف السارد عن قوانين السرد وموثوقيته التي تختلف من قارئ الى آخر كما وقف عند انسجار ننونغ ودراسته للسارد بوصفه وسيطا بين المؤلف والقارئ.

والدراسة الثانية لشانغ هي(استقبال علم السرد الكلاسيكي وتنوعه في الطروحات الصينية) وفيها قام شانغ بمسح احصائي لما تم تقديمه خلال ثلاثين عاما من عمر علم السرد الكلاسيكي في الصين، ونقل شانغ عن ادوارد سعيد قوله:(مدارس النقد مثل البشر تنقل الافكار والنظريات من شخص لاخر ومن موقف الى اخر.. وسواء كانت تأخذ شكل التأثير المعترف به أو اللاوعي أو الافتراض الابداعي أو الاستيلاء بالجملة، فإن حركة الافكار والنظريات من مكان الى اخر هي حقيقة من حقائق الحياة)(نقلا عن كتاب ادوارد سعيد "العالم والنص والناقد") لذا كان الانتقال المعرفي النظري ظاهرة مثيرة ميزت الدراسات الصينية.

وحدد شانغ ثلاث مراحل لعلم السرد الصيني: مرحلة الثمانينيات ثم مرحلة التسعينيات من القرن العشرين ومرحلة العقد الأول من القرن الحادي والعشرين التي فيها ساهمت منح بحثية في دراسة هذا العلم باللغة الانكليزية. فأما المرحلة الأولى التي تبدأ عام 1979 ففيها أخذ المنظرون الصينيون يهتمون بالتعريف بالسرد البنيوي عند فلاديمير بروب وروبرت شولتز ويوري لوتمان. وتمت ترجمة نصوص النظرية البنيوية الفرنسية الى اللغة الصينية لاسيما كتاب شلوميت ريمون كنعان(الشعرية المعاصرة) 1983 وكانوا يسيرون مع فكرة أن السرد مات أو انتهى كموضة متأثرين بمفاهيم جيرار جينيت ولاسيما مفهوم التبئير الأكثر حضورا في علم السرد الكلاسيكي. واهتموا بحجج بروب وغريماس وبارت وتشاتمان.

وفي عام 1987 ترجم مينغ هوا وشياسو هو وشيان زو كتاب واين بوث(فن البلاغة القصصي) فتعرف النقاد الصينيون على مفاهيم السرد الأساسية التي صارت شائعة في الدراسات الصينية مثل المؤلف الضمني والسرد غير الموثوق والسرد غير الادبي.

وفي عام 1989 قامت يانيد وانغ بتحرير كتاب(دراسات في علم السرد) وقسم الصيني يوان yuan النظرية البنيوية الى ثلاث فئات: 1/التحلل النحوي للأدب من منظور لغوي و2/ التحقيق في بنية اللاوعي من منظور التحليل النفسي و3/ دراسات أنماط الجنس الأدبي. وتفاعل النقاد ويندي زانغ وليتشوان لتشين وبن شو وبيغ يوان تشن مع نظرية ليفي شتراوس عن الهياكل الأسطورية ومربع غريماس وقواعد تودوروف السردية وكانوا يرون في قطع النص عن سياقه الثقافي اغفالا لما في النص من قيم جمالية.

أما المرحلة الثانية فكانت في تسعينيات القرن الماضي وفيها توسعت الترجمات فقدمت دان شين مساهمتها المهمة بعد تخرجها في جامعة ايدن يورغ بدرجة الدكتوراه ونشرت العديد من المقالات في السرد كما ألف شين بوب 1998 كتاب(علم السرد وأسلوب الرواية) وأخذ عليه شانغ أنه لم يوضح بعض المفاهيم السردية الغامضة، بل قام بتعديل وتحسين عدد من النماذج السردية الراسخة بوجهة نظر مع التغاضي عن ظاهرة عبور الحدود.

ووضع داي شو عام 1992 كتاب(سرد الخيال) عام 1992 وفيه قدم رؤية بانورامية لعلم السرد البنيوي ثم الف كنغ لويس (مقدمة في علم السرد) عام 1994 وحاول وضع منهجية في دراسة علم السرد من حيث الوظيفة السردية والزمان والصوت والاستقبال والقارئ المثالي والقراءة السيميائية والسردية، ويعتمد هذا الكتاب كمقرر دراسي في بعض الجامعات الصينية. وفي العام نفسه نشر ير نانغ مقالا رائدا بعنوان(علم السرد الصيني) كما ترجم شياو مينغ كتاب والاس مارتن (نظرية السرد الحديثة)

ثم جاءت المرحلة الثالثة في العقد الاول من القرن الحادي والعشرين، وفيها استمر الاهتمام بالدراسات السردية وصعد نجم (علم السرد ما بعد الكلاسيكي) بالتوازي مع ما صار للسرد الصيني والسرد الغربي من ترجمات. وألفت دان شين عددا من الاعمال النقدية في علم السرد ما بعد الكلاسيكي جنبا الى جنب أعمال ديفيد هيرمان وجيمس فيلان وهيلس ميلر وماري لوري رايان. وازدادت معرفة الصينيين بالعلوم السردية ما بعد الكلاسيكية كعلم السرد النسوي وعلم السرد المعرفي، واشترك جان وليا وانج عام 2005 مع هيرمان في تحرير كتاب(نظريات السرد الانجلوامريكية)

ولم تعد الاعمال النظرية الغربية تترجم الى اللغة الصينية حسب، بل حاول النقاد أيضا اكتشاف نقاط الضعف وتحسين النماذج السردية وصياغة مفهوم القراءة الشاملة. وتم في عام 2009 تأليف كتب نقدية في السرد والاسلوب والنص الفرعي وإعادة قراءة القصص الكلاسيكية والانجلوامريكية مع الاهتمام بالتقاليد السردية الصينية وتطور علم السرد الصيني من خلال دراسات نشرت باللغة الانجليزية في مجلات أدبية متخصصة ومعروفة مثل poetics today و style و The journal of literary Semantics وNarrative.

ويرى شانغ أن المنظرين الصينيين سيعملون مستقبلا على إتمام خمس خطوات نقدية هي: 1) تقديم نظرية السرد الغربية وتطويرها من خلال الاهتمام المتزايد بعلم السرد ما بعد الكلاسيكي 2) إنشاء شعرية صينية سردية تركز على الرموز النظرية المخفية 3) المقارنة بين السرد الصيني والغربي 4) تطبيق النظرية السرد الغربية والصينية الكلاسيكية وما بعدها على الروايات الغربية والصينية 5) دراسة مقارنة بين الرواية الصينية والغربية والحاجة الى مزيد من المقدمات والترجمات للسرد الغربي. هذه الخطوات هي التي ستتحول بنظرية السرد ـــ كما يقول شانغ ـــ الى علم عبر وطني ليس باللغة الانجليزية بل الصينية أيضا فيتطور مستقبل علم السرد في الصين.

وهذا التطوير غدا مؤكدا بما صار للنقاد الصينيين من موقع مهم في الشبكة الدولية لمنظري السرد ما بعد الكلاسيكي ومن بينهم بيو شانغ نفسه الذي يسعى إلى أن يكون هناك تبادل متكافئ للأفكار حول نظرية السرد الغربي والصيني.

وغني عن القول إن المنظرين الصينيين يعرفون سردهم أكثر مما يعرفه منظرو السرد في الغرب، يقول شانغ: (كلما تبادلنا الافكار حول الأعراف زادت قدرتنا على التعلم من بعضنا بعضا، وزادت العلاقة الانتاجية على الارجح وهذا جزء من الحوار المفيد لكلينا).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram