د. اسامة شهاب حمد الجعفري
لا يمكن تصور الحياة من دون حقوق, و يتولى القانون حماية تلك الحقوق, فيقرر قواعد قانونية ذات طابع عام مزودة بجزاء جنائي و مدني اذا ما حصل اعتداء عليها, و من هذه الحقوق حق الانسان في سلامة سمعته,
الذي يعد احد الحقوق الشخصية للانسان التي تولد معه و تبقى باقية حتى بعد مماته, فهي لا تقبل الانتقال بالتصرف بهاللغير, و لا يحق لصاحب الحق التنازل عنها, فالقانون يحمي الكيان المعنوي للانسان كما يحمي بدنه و جسده من الاعتداء, و هذه من مناقب العصر الحديث ان هناك حداً ادنى للاحترام يجب ان توفره لكل فرد, فلكل مواطن الحق ان يطلب من الغير ان يحترم شرفه, و السمعة هو مجموع القيم المعنوية التي يخلعها الفرد على نفسه و التي تجعله مقدراً بين افراد مجتمعه و التي من خلالها تمنحه سمعه جديرة بالتقدير.
و يحصل العدوان على سمعة الفرد عن طريق الحط من قدر ذلك الفرد او بتعريضه لاحتقار الناس, كأن يقول عنه انه على شفا الافلاس, او انه شريكاً في جريمة, او انه مزور لوثائق رسمية و شهادات, او انه كذاب, او تنسب اليه اعمال مزرية كأن يقول انه سكير او انه يرتشي او انه طبيب تسبب باهماله في موت احد مرضاه, او انه مقاول يخالف اصول المهنة مخالفة جسيمة, او انه محامٍ يخسر قضاياه لاهماله, او انه موظف يتاجر بنفوذه السياسي... الخ.
و يعاقب قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 على الاعتداء على شرف الانسان, اذ يعد السب جريمة يعاقب عليها عندما يرمي غيره بعبارات و اوصاف تخدش شرفه او اعتباره او تجرح شعوره سواء كان الفعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي او في الواقع بموجب المادة (434) منه. و يعاقب على الاعتداء على السمعة فيعد البلاغ الكاذب (المخبر الكاذب) و التسبب باتخاذ اجراءات قانونية ضد شخص و هو يعلم ببراءته جريمة يعاقب عليها بموجب المادتين (243 و 244) منه. كما يعد القذف جريمة يعاقب عليها, و القذف معناه اسناد واقعة و اعمال الى الغير باحد طرق العلانية من شأنها لو صحت ان توجب احتقار من اسندت اليه عند اهل وطنه و مجتمعه بموجب المادة (433) من قانون العقوبات العراقي.
اضافة الى العقاب الجنائي فإن حق الانسان في سلامة شرفه محمي من الناحية المدنية ايضاً, فللمتضرر حق المطالبة بالتعويض عن الاضرار المادية و الادبية, و ازالة العمل الضار, كأن ينشر في الجريدة انه يعتذر عما صدر منه و يلتزم بتصحيح المعلومة التي نشرها و على نفقته الخاصة. و هذه الحماية الجنائية و المدنية لحق الانسان في سلامة شرفه تستمر حتى بعد وفاة الانسان فيحق لأولاد و احفاد و اقارب المتوفي المعتدى عليه اقامة الشكاوى القضائية للمطالبة في بسط الحماية القانونية لشرف ابيهم, فشرف المرء ينتقل الى الورثة باعتباره شرفهم فسمعت ابيهم سمعتهم.