طالب عبد العزيز
لا أخفي أعجابي بصور مونيكا بيلوتشي التي يبعث بها لي صديقي، من مغتربه بالولايات المتحدة، وهي لا شكَّ من أجمل ما يمكن أن تقع عليه العين، وتنفتح بها النفوس، النجمة وعارضة الازياء والممثلة بيلوتشي اسطورة في الجمال وقد رأيت فيلمها(مالينا) ذات مرة فوقع في روحي الكثير من الجمال ذاك، ولقائل لي مالك؟ أقولُ: مَنْ أنا إنْ لم أنسحر بالجسد الملائكي هذا، وأنّى لنا، نحن الناظرين الوقوع تحت سوط الرحمة الربانية تلك؟
سأجد من يعيب عليَّ اسرافي في وصف ربّة الانوثة بيلوتشي، لهذا لن أذهب بعيداً، وأكتفي بالقْدر المتاح هذا، لأذهب متحرياً عناصر الجمال الاخرى، وهي كثيرة من حولنا، ثم لأقول الى أصدقائي كتاب وشعراء وقارئين: اكتبوا عن الجمال في الحيّز المُزهر من أعماركم، فهي قصيرة والله، واستثمروا اللغة وهي في عزِّ صباها وفتوتها، واكتبوا عن ما هو جميل وانثوي، فوالله إنَّ اللغة لتعتق، وينخرها الزمن، وأنَّ مصائب الدنيا كثيرة، وستطالكم منسأتها ما حييتم، فاكسروها بالانبذة والنساء ومنابت الجمال الاخرى، ودعوا عنكم ما دونها لمن هو دون، وأنني لأورد ماقاله جذيمة الابرش هنا: "خَبِّريني رَقاشِ لا تَكذِبيني- أبِــحُـرِّ زَنَـيـتِ أَم بِهَـجـيـنِ/ أَم بِـعَـبدٍ فَأَنتِ أَهلٌ لِعَبدٍ - أمْ بُـدونٍ فَـأَنتَ أَهلٌ لِدونِ" ولكتن مجالس الادب خالصة لهذه، وإن كثر المتنطعون، وسادت الامةُ ربَّتهاـ، وازدحم الشعراءُ وكتبةُ السوء على باب الخليفة هذا وذاك، فمزبلة التاريخ قمينة بابتلاعهم جميعاً.
إذا كانت مقولة كارل ماركس "إن التأريخ يعيد نفسه مرتين، في الأولى كمأساة، وفي الثانية كمهزلة". فأن آدم ميتشنيك من بولندا يعتقد بأنَّ التاريخ لا يتعلق بالماضي، فقط لأنه يتكرر باستمرار، وليس كمهزلة كما وصف ماركس، بل بصفته نفسه. ويكتب ميتشنيك "العالم مليء بالمحققين والزنادقة، وبالكذابين وبالإرهابيين وبالمرهَبين" وضمن التورات هذه نعتقد بأنَّ السلوك الانساني سيظلُّ ضمن المتوالية هذه بوجود الطارئين، إذْ يحدث أن يجتمع وسط مدينة ما، في مقهى ما نخبة من أدباء ومثقفين ويجرى الحديثُ عن الادب والثقافة وعن (أديب) ما، وهذه بقيننا، مفردة ثقيلة في ميزان السمو الانساني، والرجل لم يكُ أديباً بمعنى الادب الذي نعرفه، لأنَّ الله وأهل المدينة يعلمون بقبيح أفعاله وشنيع سلوكه، ولا غرابة في الامر، إذْ بيننا من لم ترققهُ يدُ الجمال والانوثة يوماً، و لا يملك من الادب إلا ما يملكه القِردُ عند مرقِّصِه، وهناك من تجتمعُ فيه الخبائث، فقد حدَّثني من أثق بحديثه بأنَّ أدباءَ المدينة تلك يحمدون اللهَ على النهاية التي انتهى اليها، بعد ان حاق المكرُ السيِّءُ بأهله، في الجلسة الانيقة وباذخة اللطافة تلك كنتُ مضطراً الى أنْ أذهب في الحديث عن سواه، وأصرفه عن رأسي الى منصرفه الحق.
اعتدتُ أنْ اداوي الضجر بالسينما، وأن اضمِّدَ ما انتكأ من جراح القلب بالاغاني، ولأنَّ صورة مونيكا بيلوتشي ماتزال ماثلة في الروح فقد ذهبتُ الى صفحة صديقي المغترب الامريكي، اطالعها، فإذا هي عامرة بصورها، وبما تطيب عنده النفوس، ولكي اكمل دورة الجمال فقد وجدتُ أصابعي تتعجلني الى كأس النبيذ التوسكانيّ، فكانت الاولى هدهدةً، والثانية مرقِقةً والثالثة وسادةً، فسلام على مونيكا بيلوتشي أجمل نساء الارض، حيث تقول: الحسد هو طبيعة بشرية، ويصبحُ الجمال حيًا ومثيرًا للاهتمام عندما يكون مسكونًا، ومتعة حقيقية أنْ آكل مع أصدقائي، وعندما أستمتع بحياتي.... حياتي المهنية في الوقت الحالي مثيرة للغاية، لكنَّ الحب يأتي أولاً لأنه يوازنني.