TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > إشعاعاته تدوم مئة ألف سنة..المستقبل الرهيب لعادم الوقود النووي

إشعاعاته تدوم مئة ألف سنة..المستقبل الرهيب لعادم الوقود النووي

نشر في: 9 أغسطس, 2010: 07:05 م

 هلسنكي/ بقلم ريستو ايسوماكيقررت الولايات المتحدة، بعد عقود طويلة من البحث والتمحيص، التخلي عن خطتها لتخزين الوقود النووي المستهلك في جبل يوكا (في نيفادا، على بعد 160 كيلومترا من مدنية لاس فيغاس).ومع ذلك، فتواصل فنلندا والسويد برامجهما لدفن الوقود النووي المستعمل في أعماق الصخور داخل إسطوانات من الحديد والنحاس.
فبالفعل، تتولى الشركة الفنلندية بوزيفا (Posiva) حاليا بناء شبكة واسعة من الكهوف الصخرية بالقرب من مجمع الطاقة النووية "أولكيليوتو". وتؤمن الشركة بأن نظام الكهوف هذا المسمى "أونكالو"،-ومعناه "كهف عميق" باللغة الفنلندية،- قادر على تخزين الوقود النووي بأمان لأكثر من 100،000 سنة.والمعروف أن الوقود النووي، لدى جمعه من المفاعل وإيداعه داخل بركة التبريد، دائما ما يكون حارا للغاية بل وأعلى إشعاعا من اليورانيوم الطبيعي بنحو مليار مرة.ومع ذلك، فينخفض معدل الإشعاعات التي تبعث من الوقود النووي المستهلك بمرور الوقت مقارنة باليوارنيوم الطبيعي.فبعد 100سنة يبلغ 100000 مرة، وبعد ألف سنة 5000 مرة، وبعد 10000سنة حوالي 1500 مرة.وبعد 100000سنة يصبح مجرد 200 مرة أكثر إشعاعا من اليورانيوم الطبيعي.عند هذا المعدل الأخير، أي بعد مرور 100000سنة، يبث مخزن للوقود النووي المستهلك من طراز "أوناكالو" كمية من الاضمحلال الذري أقل من تلك التي تبعثها المواد المشعة الموجودة طبيعيا في القشرة الأرضية.لكن هناك جانب آخر بل ومشكلة أكثر خطورة تجاهلتها سلطات المراقبة النووية والوكالة الدولية للطاقة الذرية والشركات النووية.فمن بين الشوائب المشعة الموجودة في كل طن من الوقود النووي المستنفذ، هناك أيضا 20-30 كيلوغراما من البلوتونيوم.ويمكن فصل البلوتونيوم من اليورانيوم بطرق كيميائية وبالأساليب التي تم تطويرها بالفعل في القرن التاسع عشر.ومن الجدير بالذكر أن أي دولة يتوفر لديها وقود نووي مستخدم يمكنها صنع قنبلة نووية بمجرد حل قضبان الوقود النووي في حمض قوي واستخراج البلوتونيوم منها.ثمة طريقة أخرى لصنع قنبلة نووية وهي تخصيب النظائر الانشطارية المشعة 235 داخل وقود اليورانيوم.هذه الطريقة تعتبر أكثر تعقيدا بكثير نظرا لعدم إمكان فصل النظائر المختلفة بالوسائل الكيميائية.فعندما جرّب علماء هتلر هذه الطريقة خلال الحرب العالمية الثانية، كل ما استطاعوا تحقيقه هو تخصيب محتوى اليورانيوم 235 من 0.7 في المئة الى 1.5 في المئة في الغرام الواحد من غاز اليورانيوم سادس فلوريد، علما بأن صنع سلاح نووي صغير يتطلب 400 كيلوغرام بمحتويات يورانيوم 235 بنسبة 20 في المئة. اما بالبلوتونيوم، لأمكن تحقيق هذه الغاية في غضون بضعة أشهر إن لم يكن أسابيع.هذا وتخطط فنلندا الآن لدفن 11،000طنا من الوقود النووي المستخدم -ما يكفي لعشرات الآلاف من القنابل التي أطلقت على ناغازاكي- في "نظام الكهف" يعرف الجميع موقعه الدقيق.لكن الواقع هو أن البلوتونيوم الموجود في الوقود المستهلك يصبح أكثر خطرا بمرور الوقت.فلدى دفن الوقود النووي المستهلك، عادة ما يحتوي على 70-65بالمئة من نظير 239 وهي النسبة المثالية لصنع اسلحة نووية، بل ويمكن استخدام هذا النوع من بلوتونيوم المفاعل لصنع قنبلة نووية.أما البلوتونيوم الأخرى، مثل 238، 240 و241، فهي تحتوي على عدد من التعقيدات.ومع ذلك، فهي أقصر عمرا بنسبة النصف مقارنة بالبلوتونيوم 239.هذا يعني أن البلوتونيوم الموجود في الوقود المستهلك يتخصب طبيعيا، فيتحول أولا إلى ما يسمى البلوتونيوم من الدرجة العالية للغاية، ثم في النهاية إلى ما يقرب من البلوتونيوم النقي 239 الذي يمكن استخدام كمية ضئيلة منه لإطلاق المرحلة الأولى من صنع سلاح نووي ضخم حقا.وهذا يعني أيضا أن حكاماً من طراز هتلر وستالين وجنكيز خان سوف يبحثون في المستقبل وبلهفة شديدة عن مخازن الوقود النووي المستنفذ، وذلك بالاستعانة بعلماء الجيولوجيا والأنثروبولوجيا والمؤرخين وغيرهم.فإذا نجح حاكم من طراز هتلر في العثور على كنز الوقود النووي المستخدم في مخزن من نوع "أونكالو" بعد 10،000 أو 100،000 سنة، لتمكن من انتاج ترسانات نووية جبارة.بل ولربما ضمن مثل هذا الحاكم الهيمنة على العالم كله.فهل هذا هو الإرث الذي نريده للأجيال القادمة؟ *ريستو ايسوماكي، الناشط البيئي والكاتب الفنلندي المعروف الذي ترجمت أعماله إلى عدة لغات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

متابعة/المدىرأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram