ترجمة: عدوية الهلالي

في هذا الفيلم، تصور المخرجة الأرجنتينية تحرر الشباب الأرجنتيني، في بلد لا يزال يتميز بقوة التقاليد، من خلال الرحلة التي تخوضها كاميلا، وهي فتاة شابة مصممة على استعداد لفعل أي شيء للدفاع عن حريتها ومعتقداتها.

وفيلم (سيطلق سراح كاميلا الليلة) الذي يعرض حاليا في دور السينما هو الفيلم الروائي الرابع للمخرجة الأرجنتينية إينيس ماريا باريونيفو (أول فيلم يتم توزيعه في فرنسا)، والذي يحكي قصة شباب بلدها وهم يعيشون واقعا جديدا، من خلال قصة كاميلا، الفتاة التي تبلغ من العمر17عاما وتتمتع بشخصية قوية.

وتعيش كاميلا (الممثلة نينا دزييمبروفسكي)، في أجواء بسيطة مع والدتها (أدريانا فيرير) وأختها الصغيرة في مدينة لابلاتا. ولكن عندما تمرض جدتها وتدخل المستشفى، تنتقل الأسرة إلى بوينس آيرس. ويواجهها تغيير في نمط الحياة حيث تجد كاميلا نفسها وسط مجتمع خاص ذي قيم محافظة للغاية.

تنسج كاميليا روابط صداقة مع زميل وزميلة لها،وتعيش تجاربا عاطفية متحررة من دون سابق إنذار، ولا خوف من نظرة الآخرين. ومثل أية مراهقة، تصطدم وتختلف مع والدتها فيكتوريا (التي لعبت دورها أدريانا فيرير). فجأة، تصبح كاميلا فتاة شابة نسوية حديثة، متحررة في رغباتها وقناعاتها التي تحاول الدفاع عنها في هذا العالم الذي يسود فيه العنف والنفاق.

وتحرك كاميلا القوالب الجامدة، فحريتها تثير القلق ويسلط وصولها الضوء على أحلك الأسرار وعلى العنف الذي ينتشر في المدرسة المخصصة للشباب في بوينس آيرس. وبالتدريج، تكتشف كاميلا أيضًا الأسرار وجانبًا آخر من جوانب جدتها المحافظة التي تكرهها، تلك الجدة الغنية والبخيلة والتي تصفها كاميلا بطريقة قاسية بقولها: " هذا الجلد القديم الذي سيموت قريبًا" في حديث ساخن مع امها.

وتستحضر المخرجة إينيس ماريا بايونويفو في هذا الفيلم الهيمنة الأبوية، وعنف الذكور، وإيقاظ روح الحياة في الشابة، والرغبة والوعي السياسي وتطرح جميع القضايا التي تشغل المجتمع الأرجنتيني الذي لا يزال حتى اليوم يتميز بالتقاليد القديمة التي تفوح منها رائحة زنخة لكنها تواجه ظهور وعي سياسي في صفوف الشباب.

وتجسد الممثلة الشابة نينا دزييمبروفسكي، البالغة من العمر 18 عامًا شخصية كاميلا ببراعة واضحة فهي الشخصية المركزية للفيلم وتدعمها شخصيات ثانوية أخرى.ويعبرهذا الفريق بأكمله وبدقة عن زخم الشباب الأرجنتيني الذي يبحث عن نفسه، ويتلمس طريقه ويتساءل وهو يسير (بالنسبة للبعض) في مسارات مختلفة عن تلك التي يفرضها شيوخهم.

وكانت إينيس ماريا بايونويفو محاطة بفريق مكون من 80٪ من النساء، وهي تصور هؤلاء الشباب بطريقة أنيقة للغاية، مع ممارسة تقنيات باهرة في الاضاءة والألوان، التي تذكر بعمل الرسامين، إذ يستحضر ظلام الشقة دفء الخارج، فالألوان الصامتة التي لا حياة لها تقريبًا يعبر عنها اللون الرصاصي الذي يسود المدرسة،ويتناقض مع الألوان الأكثر إشراقًا للحفلة.

وتدعم هذه المعالجة الدقيقة للصورة بشكل فعال فكرة الفيلم معبرة عن فترة ما قبل الحياة وهي فترة المراهقة، مع التغيرات العاطفية، والغموض في المجتمع المتغير.لكن جمال الصور،الذي يكاد يكون خياليا في بعض الأحيان، يتداخل أحيانًا مع قوة الموضوع الذي يتجسد بشكل رائع من قبل ممثلين استثنائيين.

ولدت المخرجة إينيس ماريا بايونويفو في قرطبة الارجنتينية عام 1980، وهي حاصلة على شهادة في التواصل الاجتماعي من جامعة قرطبة، كما حصلت على دورات إضافية في المسرح والسينما بالإضافة إلى المشاركة في العديد من ورش العمل، وقد كتبت وأخرجت العديد من الأفلام القصيرة والمسلسلات التلفزيونية. وكان قد عرض آخر فيلم قصير لها وهو فيلم (الهدوء) عام 2013 في مهرجان لوكارنو السينمائي، اما فيلمها الأخير (سيطلق سراح كاميلا الليلة) فقد تم اختياره للمشاركة في مهرجان سان سيباستيان.