اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: حكم المأثورات الساذجة

قناطر: حكم المأثورات الساذجة

نشر في: 11 يونيو, 2023: 12:01 ص

طالب عبد العزيز

ستبدو بعض المقولات الدارجة معينا لنا في فهم الحياة السياسية في العراق، مثل مقولة: "الناس على دين ملوكهم"، أو ما جاء في الحديث المزعوم: " كَيفَمَا تَكُونُوا يُوَلَّى عَلَيكُم"! "، أو قول المتنبي:" وَإِنَّما الناسُ بِالمُلوكِ وَما. تُفلِحُ عُربٌ مُلوكُها عَجَمُ". ويبدو أيضاً أنَّ الناس في العراق خاضعون بالتمام الى المقولات الغبية هذه من خلال إصرارهم على القبول بأنموذج الحكم الحالي، الذي تأسس على أوجاعهم منذ عقدين من الزمان.

والغريب أنَّ الطبقة الحاكمة الدينية تحديداً تصرُّ على تسويق مقولات مثل هذه بوصفها مأثورات شعبية، نابعة من روح الدين واخلاق الأئمة والعلماء والمجتمع، وهكذا يستثمر السياسي الحاكم السيء حسنَ نوايا اتباعه المخدوعين به، ليستمر متبوعاً لا سبيل الى خلعه، لأنه آتٍ من نسيج الفكرة المقدسة والمعتقد الديني، وإن أخطأ فقد تأول وأبيحت له الجرائم كلها. ومع الخلاف الشرعي في قضية التصدي للحاكم الظالم والذي تتبناه بعض المذاهب وتركن اليه إلا أن مقولة الإمام النووي: "وأمّا الخروج على الحاكم الجائر وقتاله فحرامٌ بإجماع المسلمين؟ وهي الفاعلة عند الغالبية، أو بمعنى ما: فأنَّ الخشية منه، ومن العقاب الذي يتأتى منه في الدنيا، لا محالة واقع، على وفق الحق الممنوح له، مع صحة الخشية من العقاب الرباني المنتظر من معصيته هناك.

ستظل المقولات هذه حاكمة ومفصلية في الحياة السياسية العراقية بوجود الحاكم السافل والناخب الجاهل، وستستمر الكارثة طالما أصرَّ الحاكم على استبداده وظل الناخب على جهله، وواضح أنَّ المتوالية هذه وليدة شرقنا العربي بامتياز، وهناك مؤسسات دينية ونظم اجتماعية تغذي طرفي المعادلة، ولا سبيل لحدوث التغيير المؤمل، ذلك لأنَّ مهيمنة الدين المتشظية على السنة ملوك الطوائف وأحزاب الاسلام السياسي ومنظومة المجتمع المتخلفة (العشيرة) ماتزال فاعلة في الحياة، من خلال الاصرار على أغفال دور القوانين المدنية في تسيير وتغيير عجلة الحياة.

الغالبية من ابناء الشعب العراقي متيقنة بأنَّ الطبقة السياسية الحاكمة هي الاسوأ طراً، لكنهم لا يعترفون باختيارهم الخطأ ووسوء ما أقدموا عليه بانتخابهم لها، فيما هناك جمهور عريض مازال ينظر لوجودهم عبر قناة منفعته الشخصية، فهم أولياء نعمته قبل كل شيء، إذا ما علمنا بأنَّ وظائف الجيش والداخلية والحشد والكهرباء ووو إنما تتم عبر قنوات الاحزاب الحاكمة، التي تمنح الوظائف مقابل الولاء والانتخاب، وهناك طابور مازال واقفا ينتظر دوره في وظيفة ما، ومن يقتفي أثر تأخير إقرار الموازنة سيعثر على الحصص التي تطالب بها الأحزاب ضمانة لناخبين جدد.

انفردت جماهيرُ تشرين -التي قُمعت من هؤلاء- عن القاعدة هذه، فلم تعمل على وفق آلية القبول بالحاكم الجائر، إنما خرجت عليه، فكانوا الفرقة الثورية الوحيدة بين صفوف الشعب، ولم تعتدْ أفواجُهم بالماثورات الشعبية، فكانوا خير ممثل للوعي السياسي الجديد، ولولا القمع الذي تعرضوا اليه، وانقسام قياداتهم، لولا خيانة الجماهير الاخرى لهم لتفلت العراق من قبضة الحاكم (المسلم) الجائر وانتقلت البلاد من حكومة الهزال والخداع الشعبي الى الحكم الحق المديني، والمبني على اسس المواطنة والهوية العراقية الواحدة، ولأنتفت الحاجة الى المأثورات الساذجة تلك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram