TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > صدر عن دار المدى..الشعر والوجود .. دراسة فلسفية فـي شعر أدونيس

صدر عن دار المدى..الشعر والوجود .. دراسة فلسفية فـي شعر أدونيس

نشر في: 10 أغسطس, 2010: 05:19 م

عبد الأمير خليل مرادأدونيس شاعر ذو تجربة عميقة وغنية ، حيث تمتد صلته بكتابة الشعر إلى خمسينيات القرن الماضي ، وقد أثارت هذه التجربة العديد من الإشكاليات ، منها ما هو توفيقي يندرج في إطار العادي والمألوف ، ومنها ما هو فلسفي يعمق أسئلة الشاعر الموجهة إلى الإنسان والعالم ،
 واذا كان الشعر كما يراه احد الفلاسفة صفوة الفنون ، فان في شعر ادونيس الكثير من الرؤى الفلسفية التي تفسر علاقة أدونيس – الشاعر بالوجود وهموم الإنسان المعاصر . وفي كتابه (الشعر والوجود) الصادر عن دار المدى يحاول الدكتور عادل ظاهر استنطاق نصوص أدونيس الشعرية من خلال الفلسفة ، حيث أشار إلى ما ذهب إليه هيدجر بان الشعر بصفته شعرا – يمكن ان يقرأ قراءة فلسفية ، مبينا ان هذه القراءة ليست بالأمر السهل ، حيث تملي القراءة الفلسفية على الباحث الإحاطة بتكوين شخصية أدونيس الشعرية – الفكرية ما هي حدود انتمائه .... وما هي علاقته بالتراث ... وما هي العوامل التي ساهمت في تطوره الشعري والفكري ، وقد أشار الباحث في فصول هذا الكتاب إلى أهم الأسئلة التي تثيرها تجربة أدونيس الشعرية منذ بواكيره الأولى .ففي الفصل الأول قدم د. عادل ظاهر مدخلا موضوعيا إلى عالم ادونيس بوصفه شاعرا  ومنظرا يقرأ الحياة والعالم برؤية فلسفية قائمة على أسس عقلية لا يمكن استنطاقها بصورة معزولة عن وهج التجربة ، غير ان هذا الشاعر لا يريد ان يتقمص دور الفيلسوف الذي يتهجى معاناة الإنسان من خلال العقل .وبين في الفصل الثاني من خلال بحثه (التفلسف شعريا)، إن هذه القراءة الفلسفية لمنجز أدونيس الشعري قد تقابل بالاستهجان ، لان إسقاط الفلسفة على الشعر لم تكن راسخة في الفكر النقدي الغربي ، وقد قوبل هيدجر بقراءته لشعر هولدرن بهذا الاستهجان ، وفي تراثنا العربي هنالك قصائد للمعري  وزهير بن أبي سلمى انطوت على الكثير من موثبات الفلسفة وهي لم تقرأ قراءة نقدية فلسفية ، فالفلسفة في الشعر كما يرى تتخذ صورة تحريض القارئ على طرح الأسئلة الفلسفية الصعبة  حول العالم والإنسان والحب والقيم . او استنفار صورة حسه الفلسفي النقدي ، وليس تقديم أفكار فلسفية جاهزة او صورة برهان فلسفي .وبين د. عادل ظاهر بان الشعر ، وبخاصة الشعر العظيم ، قد يثير في القارئ شتى الأسئلة الفلسفية ويدعوه إلى التأمل الفلسفي في هذه المسالة أو تلك ، وقد اعتبر هيدجر الفكر من مكونات الشعر ، وان كان الشاعر حين يفكر لا يكون معنيا بالفكرة نفسها ، بل فقط في التعبير عن المعادل أو النظير الانفعالي . وفي الفصل الثالث (تماهي الشعر مع فلسفته في تجربة أدونيس) ، بين الباحث بان الفلسفة لم تظهر في شعره من خلال قصيدة أو عمل شعري واحد بل ان هذه الرؤية استغرقت مجمل أعماله الناضجة ، بدءا من كتاب التحولات والهجرة في أقاليم الليل والنهار ، والمسرح والمرايا ، ومفرد بصيغة الجمع ، واحتفاء بالأشياء الغامضة الواضحة ، والكتاب أمس المكان الآن .وأوضح في تحليلاته لهذه الأعمال بأنها تمثل حالة لتماهي الشعر مع الفلسفة الخاصة ، او حالة لتماهي الشعر مع الميتا – شعر ، وان ما نقرؤه فلسفيا في شعر أدونيس – هو انه ليس بإمكاننا من ان نتبين في العمل الشعري أي تمييز بين الوجود والماهية ، وان ما نراه في هذه الإعمال انه لا وجود لماهية ثابتة ونهائية للشعر ، أي ان ماهيته تكمن في انه بدون ماهية محددة قبليا . وفي الفصل الرابع (العودة إلى الذات) يدرس الباحث المكونات الجوهرية للذاتية ، وان قصائده تثير في القارئ المثقف فلسفيا ا لعديد من الأفكار حول القيم ، والمعرفة ، والحقيقة ، والعقل ، والاغتراب ، ومركز الإنسان في الكون ، والمكونات الانطلوجية للوجود الإنساني باعتباره وجودا فرديا وذاتيا .ولعل عودة أدونيس لذاته كما يرى الدكتور ظاهر تمثل بحثه عن اليقين الذي يعجز عن إيجاده خارج الوعي المباشر لذاته ، وانه في هذه العودة إلى الذات يحاول تجاوز المعرفة العقلية ، ومحاولة اكتشاف او حدس ذاته خارج كل نسق عقلي .وأوضح إن الحالة التي ينتهي إليها شعر أدونيس ، انها حالة للتذوت باعتباره سيرورة مستمرة ، حيث يتحول الشاعر نفسه الى ذات نازعة باستمرار نحو القبض على ذاتها . إنها سيرورة لا تكتمل الا بالموت ، وهذا بدوره ، هو بمثابة تشيئ له ، وتخليه عن نفسه ليتلاشى بصورة تامة في عالم الأشياء ، وكأن هناك مفهوما سابقا على وجوده يحدد معنى كونه هذا الشخص  ادونيس ، أي يحدد هويته الثابتة، وما عليه سوى ان يقطع أشواطا معينة خلال حياته ليصل الى تجسيد هذا المفهوم القبلي والتماهي مع ذاته .وفي الفصل الخامس (التموند واختبار الذات) يشرح المؤلف فردانية عودة أدونيس الى ذاته ومغامراته في بلوغ حالة من الوجود الذاتي ، والانفتاح على الآخرين . حالة التموند (حالة استقلالية خاصة) تجسر بين الاستقلالية والوجود .وبين الباحث بان سيرورة التذوت تبدأ بالتفردن لتنتهي إلى الانفتاح على العالم ، بدايتها الانشقاق والتموند ونهايتها البث . ولعل ادونيس في ذلك يريد بلوغ حالة لا يعود يأنس (إليه فيها) غير الهواء والحجر ، ولا تعود تسر به غير الأشياء ، وفي عودته إلى

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram