TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > عن أي ذكاء نتحدث؟

عن أي ذكاء نتحدث؟

نشر في: 11 يونيو, 2023: 10:44 م

حسن مدن

يفرّق علم النفس بين نوعين من الذكاء. الأول هو الذكاء الدافئ، والآخر الذكاء البارد. وفي مؤلف يبحث "سيكولوجيا الأعماق" نقرأ توصيفاً لهما: الذكاء الدافئ هو الذي يتألف من أحاسيس وحدوس. "يمكن وصفه بأنه هوائي الحياة الذي يلتقط ما في هذه الحياة، ويعيد بثه"؛ لذا فإنه حيوية الحياة ودفقها، أما الذكاء البارد فيتصف بالصلابة، إنه منطقي يتشكل من آراء قاطعة، محدودة.

أوردنا مرة تعريفاً لمعدل ذكاء معظم الناس، الذي يتراوح بين 100 و130، أما المعدل لدى الأشخاص ذوي أعلى نسبة ذكاء فيتجاوز 150، ويظلّ الذكاء معطى اجتماعي – تربوي في المقام الأول قبل أن يكون أمراً وراثياً أو معطى بالفطرة. صحيح أن قدرات الناس الذهنية متفاوتة، ولكن حتى لو كانت هذه القدرات عالية عند بعضهم بالفطرة، فإنها إن لم تجد الحاضنة الاجتماعية – التربوية، التي تبدأ من محيط العائلة الصغيرة لتشمل المدرسة والجامعة والمحيط الاجتماعي عامة، فإنها عرضة للتآكل والتلاشي، أو التحوّل إلى طاقة شريرة تتغذى من الجهل والتعصب.

وعلى صلة بمعدل الذكاء هذا، يجري تداول حكاية لا نستطيع الجزم بصحتّها، ولكن يهمّنا منها الدلالة، حيث يقال إن أعضاء منظمة دولية تعرف ب "منسا"، تتخذ من سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية مقراً لها، خاصة بالأشخاص الأذكياء ممن يبلغ معدل الذكاء لديهم 140 أو أعلى، خرجوا ذات يوم لتناول طعام الغداء في مطعم، وبعد أن اختاروا طاولتهم وجلسوا أمامها، اكتشف أحدهم أن زجاجة الملح تحتوي على الفلفل، فيما كانت زجاجة الفلفل معبأة بالملح، فدخلوا في نقاش حول الطريقة الأنجع لتبديل محتوى الزجاجتين دون انسكاب ما في داخل أي منهما، وباستخدام الأدوات المتاحة على الطاولة فقط.

كانت تلك المسألة بمثابة اختبار لقدرات "الأذكياء" المتحلقين حول الطاولة، الذين تباروا في اقتراح الأفكار الأنسب، وفي النهاية توصلوا إلى حل بأن يسكبوا محتوى كل زجاجة، على حدة في صحن فارغ، ثم يعيدوا تعبئته في الزجاجة الأخرى. مبتهجين بما توصلوا له نادوا على النادلة ليقولوا لها: "لاحظنا أن زجاجة الفلفل تحتوي على الملح وزجاجة الملح تحتوي على الفلفل".

قبل أن يكملوا كلامهم قالت النادلة: "آسفة جداً بشأن ذلك"، وبعفوية انحنت على الطاولة، وتناولت الزجاجتين وفكّت غطائيهما، الذي كتب على أحدهما: ملح وعلى الآخر: فلفل، واستبدلت الواحد بالآخر، وأغلقت الزجاجتين.

ووسط دهشة "الأذكياء" الذين راحوا يتبادلون النظرات، ساد صمت مميت على الطاولة، بعد أن رأوا بأم العين أن حلّ الأمر أبسط بكثير من فذلكاتهم.

· عن صحيفة الخليج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القضاء يأمر بالقبض على نور زهير ويمهل الكفلاء 13 يوماً لجلبه

نائب رئيس مجلس محافظة نينوى يعلن استعداده للاستقالة من منصبه بسبب تعطيل المجلس

الأنواء الجوية: انخفاض درجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

عالمياً.. النفط يعود للانخفاض بعد 3 جلسات من الارتفاع

السوداني يبدأ زيارة رسمية إلى مصر وتونس

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: ذهب نور وجاء زيد

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

 علي حسين الحزن والكآبة والتعوّد على طقوسهما، موضوع كتاب صدر قبل سنوات بعنوان "ضدّ السعادة"، حشد فيه مؤلفه إيريك جي. ويلسون جميع الشواهد التي ينبغي أن تردعنا عن الإحساس بأي معنى للتفاؤل، فالمؤلف...
علي حسين

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي (الحلقة 3)التجربة الكوريةتجربة كوريا الجنوبية في التعليم تعتبر واحدة من أنجح التجارب العالمية فقد استطاعت أن تحقق قفزة نوعية في مسارها التنموي، فحوّلت نفسها من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية عظمى في...
د. محمد الربيعي

مركزية الوهم العربي: بين الشعور بالتفوق ونظريات المؤامرة

قحطان الفرج الله مفهوم "المركزية" الذي يقوم على نزعة الشعور الجارف بتفوق الأنا (سواء كانت غربية أو إسلامية) وصفاء هويتها ونقاء أصلها. بحسب الدكتور عبد الله ابراهيم الناقد والمفكر العراقي، الذي قدم تحليلًا معمقًا...
قحطان الفرج الله

تفاسير فظيعة في تفخيذ الرضيعة

حسين سميسم وجد الفقهاء أن موقفهم ضعيف في تشريع سن الزواج، نظرا لضعف الروايات التي اعتمدوا عليها، اضافة الى خلو القرآن من نص صريح يوضح ذلك، فذهبوا إلى التفسير بحثا عن ضالتهم، ووجدوا في...
حسين سميسم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram