بغداد/ تميم الحسن
بدأت بوادر الازمة حول الموازنة تتمدد الى جوانب سياسية حيث وقع ما كان يحذر منه قبل ايام من تعرض الائتلاف الحاكم "ادارة الدولة" الى هزات.
وحتى مساء الاحد، وهو اليوم الرابع المفترض لاستكمال ما تبقى من الموازنة، مازالت القوى الكردية تعترض على بعض البنود التي مررت بدون اتفاق.
وتمكن البرلمان باجواء مشحونة في الايام الثلاثة الاخيرة من حسم 36 مادة بالموازنة من أصل أكثر من 60.
واعتبرت الموازنة، حسب مراقبين، بانها "سياسية" بعد ان نفذ الإطار التنسيقي المقترحات المفاجئة للجنة المالية التي كانت توصف بـ"الفنية".
وظهر "الإطار" مدافعا عن تلك التعديلات التي عرقلت تمرير الموازنة في الاسبوعين الاخيرين، مما أثار غضب الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وتوقفت الموازنة مساء السبت الماضي، عند المادة 14 خاصة في البند الثامن الذي يعتبره اعضاء في "الديمقراطي" بانه ذريعة لقطع التمويل المالي عن كردستان.
وتقول اوساط سياسية ان عدم الاتفاق السياسي على الموازنة سوف "يمدد الازمة الى جوانب اخرى ويهدد تماسك ائتلاف ادارة الدولة".
وتفترض تلك الاوساط سيناريوهين لما جرى في الايام الاخيرة، الاول هو ان "ينتهي الائتلاف الحاكم بخروج الحزب الديمقراطي وقد تتبعه أطراف من السنة مع اقتراب الانتخابات المحلية".
والسيناريو الثاني هو "تعمد القوى الشيعية عدم ارضاء الاطراف الكردية لانتهاء الحاجة الى التوافق الذي كان ضروريا لتحقيق النصاب القانوني لتمرير الموازنة".
خاصة وان الموازنة التي مررت هي لـ3 سنوات قادمة مما قد لا يحتاج "الإطار" الى تفاهمات جديدة خلال الاعوام القادمة.
كما ان الاتفاقية بين بغداد والإقليم حول مخصصات الأخير واستخراج وبيع النفط قد تصبح غير مهمة لـ"الاطار" لأنها في الاساس "مؤقتة لحين اقرار الموازنة". بحسب ما وصفتها الحكومة في نيسان الماضي.
لكن يبقى موقف رئيس الوزراء محمد السوداني غامضا في تلك المعادلة خصوصا مع استمرار صمته عن التطورات الاخيرة.
ويحذر مراقبون من ان التقاطع السياسي مع الحزب الديمقراطي سيربك العلاقة بين حكومتي الاتحاد والاقليم.
وقرر البرلمان مساء السبت بعد تأخر عقد جلسة البرلمان الى أكثر من 5 ساعات عن موعدها الاصلي، المضي في التصويت على المادة 14 من الموازنة.
وقالت فيان صبري رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي في البرلمان ان أبرز الخلافات تتعلق بفقرة: "إذا كانت هناك خلافات بين الاتحاد والإقليم حول الالتزامات هم يريدون في هذه الحالة إعطاء مهلة الـ15 يوماً وبعدها يقطعون مستحقات الإقليم".
وأضافت: "مع أنه في حالة الخلاف بين الاتحاد والإقليم تقوم لجنة مشتركة في ثلاثين يوماً بكتابة تقرير ويحال إلى رئيس وزراء الحكومة الاتحادية ليتخذ القرار الصحيح".
وتتحدث رئيسة كتلة "الديمقراطي" هنا عن الفقرة السابعة والثامنة من المادة 14 الخاصة باقليم كردستان.
حيث تشير الفقرة الاولى الى ان رئيس الحكومة هو من يحسم الخلافات اذا حدثت بين الاقليم والاتحاد بعد انتهاء الشهر لاعمال اللجنة المشتركة.
لكن وفي نفس الوقت الفقرة الثامنة من نفس المادة تفرض قطع التمويل عن كردستان اذا لم تحل الخلافات خلال 15 يوما.
وكان وزير الخارجية وهو رئيس وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني المفاوض في بغداد، فؤاد حسين، صرح قبل جلسة السبت بأنه تم الاتفاق على الفقرة السابعة للمادة 14.
وقال حسين، عقب انتهاء اجتماعه مع ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني خالد شواني (وزير العدل)، داخل البرلمان "تم الاتفاق مع الإطار التنسيقي على الفقرة السابعة للمادة 14 من قانون الموازنة العامة"، مشيراً الى ان الخلافات المتعلقة بإقليم كردستان انتهت.
وفي وقت لاحق عقد فريق "الإطار" وصاحب المقترحات المفاجئة في الموازنة، مؤتمرا في البرلمان أمس، وأعلن بانه سيعاود التصويت على فقرة تم تأجيلها بسبب رفض "الديمقراطي".
وقال عضو الفريق عدي عواد إنه "بعد تهديد الحزب الديمقراطي الكردستاني تقرر تأجيل التصويت على فقرة الادخار الإجباري الواردة في المادة 14 الخاصة بحصة كردستان في الموازنة".
وأضاف عواد، أنه "سيتم التصويت عليها بعد التصويت على باقي مواد الموازنة".
وسبق ان جمع نواب من بينهم اعضاء في الحزب الديمقراطي الكردستاني، تواقيع لإلزام الحكومة بتخصيص اموال الى الاقليم لتعويض اقتطاعات الادخار الاجباري.
وكان البرلمان قد عقد جلسته لليوم الثالث على التوالي لتمرير الموازنة يوم السبت بعد 11 مساء فيما كان الموعد المفترض في الـ6 مساء.
وتأجل فتح الجلسة بسبب عدم اكتمال النصاب وخلال ذلك اجتمع النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، بقيادات كتل الإطار التنسيقي لبحث آخر مستجدات الموازنة.
وقبل أقل من ساعة على منتصف ليلة السبت/ الاحد، فتحت الجلسة بحضور 241 نائبا من بينهم اعضاء الحزب الديمقراطي قبل ان ينسحبوا اعتراضا على تمرير المادة 14.
واحتفلت منصات مقربة من "الإطار" فيما اعتبرته نصراً للتحالف الشيعي، فيما اطلق اسم "نمور المالية" على الاعضاء المحسوبين على الحشد في اللجنة.
وعلى إثر خروج الحزب الديمقراطي وجه محمد الحلبوسي رئيس البرلمان بإيقاف جلسة التصويت على الموازنة لمدة 10 دقائق.
وبعد دخول البرلمان اليوم الرابع لتمرير الموازنة عاد الحلبوسي من دون "الديمقراطي" الى الجلسة التي استؤنفت بعد الواحدة من فجر يوم أمس الاحد وبحضور 212 نائبا.
وخلال ذلك قال وزير المالية والاقتصاد في حكومة كردستان اوات جناب نوري، إن السلطات العراقية الحالية تعمل على تقليص حجم إقليم كردستان، مشيرا إلى أن مواطني كردستان لم يعاملوا كمواطنين عراقيين في الموازنة.
وذكر نوري في بيان: "أدين كل هذه التغييرات والتعديلات الجائرة في المواد المتعلقة بالكرد في الموازنة، خاصة بعد خفض معظم مبالغ تكاليف النفط وغيرها من التعديلات المتعلقة بقروض مصرف التجارة وقضايا اخرى".
ولفت وزير مالية الاقليم: "لا يمكن فصل مشاكل شعب اقليم كردستان عن الصراعات السياسية والحزبية والشعبوية".
وأضاف، أن "المناخ غير الصحي المفروض على إقليم كردستان يعادل عملية أنفال اخرى بحق سكان اقليم كردستان".
وعاد النواب فجر الاحد، لتمرير ماتبقى من فقرات الموازنة وسادت سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي من عدم قدرة اعضاء اللجنة المالية على قراءة المسودة وانشغال النواب بالهواتف، حسب ماظهر خلال بث احداث الجلسة.
وفي النهاية مرر البرلمان 18 مادة جديدة في الموازنة فيما رفع جلسته الى الساعة الواحدة بعد ظهر الاحد (أمس).
وذكرت الدائرة الاعلامية لمجلس النواب في بيان أن الاخير: "صوت على المواد 14 و25 و26 و27 و28 و29 و30 و31 و32 و33 و34 و35 و36 و37 و38 و39 و40 و41 من مشروع قانون الموازنة".