ترجمة: حامد أحمد
تناول تقرير لوكالة (شينخوا) الإخبارية الصينية مشكلة انتشار المخدرات في العراق والجهود المبذولة من قبل الحكومة لمكافحة هذه الظاهرة التي لم تكن موجودة قبل الغزو الأميركي للعراق عام 2003، مشيرا الى ان محافظات ميسان والبصرة والانبار هي الأكثر رواجا لتجارة هذه المواد الممنوعة وذلك لقربها من الحدود الإيرانية والسورية.
وذكر التقرير الذي ترجمته (المدى)، أن "العنف والأوضاع الامنية المتردية التي عقبت الغزو الأميركي للعراق فضلا عن عوامل البطالة والفقر وتردي منظومة الرعاية الصحية وغياب الرقابة قد حولت البلد الى ملاذ لتهريب وتعاطي المخدرات وان شريحة الشباب أصبحوا من أكبر ضحايا هذه الظاهرة".
وقال مدير المكتب الإعلامي للمديرية العامة لشؤون مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية العراقية فاخر منذر، في ندوة توعية حول المخدرات عقدت مؤخراً، إن "أكثر المشاكل تعقيدا التي تؤثر على المجتمع العراقي حاليا هي ظاهرة انتشار المخدرات خصوصا بين شريحة الشباب".
وتابع منذر، أن "مادة الكريستال المخدرة وحبوب الكبتاغون هي الأكثر انتشارا في العراق وقد تسبب الموت لمتعاطيها، بالإضافة الى انتشار مادة الحشيشة المخدرة، الكنابيش، المعروفة باسم ماريجوانا ومادة الهيروين الاقل انتشاراً".
وأشار منذر، إلى أن "هناك زيادة في تعاطي حبوب الفاليوم ومواد مخدرة أخرى مثل الترامادول، وهو عقار مخفف آلام يستخدم بعد اجراء العمليات الجراحية".
وأكد التقرير، أن "القانون العراقي يعاقب بالإعدام او السجن المؤبد كل من يتاجر او يهرب المخدرات او يصنعها، وكل من يقتني المخدرات يعاقب بالسجن من 10 الى 15 عاماً وهناك عقوبات أخرى بالنسبة للذين يعتقلون كمتعاطي مخدرات".
ورأى التقرير، أن "هذه العقوبات الرادعة فشلت في كبح انتشار المخدرات وتعاطيها، هذا بغض النظر عن أنشطة التهريب لهذه المواد".
وتابع، أن "مديرية مكافحة المخدرات القت القبض، وخلال الفترة ما بين تشرين الثاني 2022 وأيار 2023، على 8 آلاف و676 تاجر ومتعاطي مخدرات وذلك خلال عشرات المداهمات تم تنفيذها في بغداد وبقية المحافظات".
ويعود منذر ليقول، إن "المدة ذاتها شهدت مصادرة 9 ملايين و27 ألف حبة كبتاغون بالإضافة الى 456 قطعة سلاح و118 قنبلة يدوية و808 عجلة".
وتنقل الوكالة الصينية عن منذر القول، إن "محافظات ميسان والبصرة والانبار هي الأكثر تضررا بتجارة المخدرات وذلك بسبب قرب تلك المحافظات من الحدود مع إيران وسوريا".
بدوره، قال الناشط المجتمعي في مجال مكافحة المخدرات، علي الساعدي ان "المجتمع العراقي يواجه خطراً حقيقياً وذلك لان اضرار المخدرات لا تقتصر فقط على متعاطيها ومتداوليها، بل انها تؤدي الى انهيار المجتمع من خلال زيادة حالات العنف والقتل والتفكك الأسري وحتى التدهور الاقتصادي والثقافي".
من جانبه يرى أخصائي الأمراض النفسية، احمد محمد شاكر، من مستشفى ابن رشد في بغداد، ان "الزيادة في الإدمان على المخدرات تعجل في انهيار المنظومة الاسرية".
وتابع شاكر، أن "الحروب والمعارك التي شهدها البلد بعد العام 2003 تسببت في فقدان العوائل لأفراد عديدين من أعضائها من أولاد واباء وامهات، وأدت هذه الأمور الى خلق مشاكل اجتماعية ونفسية تخللها تعاطي المخدرات".
وأورد التقرير، أن "رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، كان قد ذكر في كلمة القاها ضمن إطار مؤتمر بغداد الدولي الأول لمكافحة المخدرات الذي عقد في 9 أيار، بان حربنا مع المخدرات لا تقل ضراوة وخطورة عن حربنا على الإرهاب".
وتابع السوداني، بحسب التقرير، أن "الاتجار بالمخدرات هو احدى الطرق الرئيسية لتمويل الإرهاب وان انتشار المخدرات يزداد في ظل الإرهاب". وذهب التقرير، إلى أن "تعاطي المخدرات والاتجار بها في العراق قبل العام 2003 كان محدوداً جداً".
واستدرك، أن "ظاهرة تهريب المخدرات وتناولها انتشرت في البلد بعد مرحلة الغزو وغياب الامن وانفتاح الحدود بدون رقيب".
ولفت التقرير، إلى أن "حالات الفقر المنتشرة ومعدلات البطالة العالية قد فاقمت من استياء الناس وزيادة احتمالية وقوعهم في مستنقع تعاطي المخدرات".
وأضاف، أن "وزارة التخطيط ذكرت ان معدل الفقر في العراق عام 2022 وصلت نسبته الى 25%".
ونوه التقرير، إلى أن "معدل البطالة في البلد وقف عند حد 16.5% واستنادا لبيان صادر عن منظمة العمل الدولية في العام 2022 فان معدل البطالة بين شريحة الشباب وصل الى 36%".
وتحدث التقرير، عن "صعوبة أخرى تواجه الحكومة العراقية في إجراءاتها لمكافحة المخدرات هو عدم قدرتها على تأمين رقابة وسيطرة شاملة على حدودها مع البلدان المجاورة للحد من عمليات التهريب وتسلل المهربين". وأكد، أن "جانب الرعاية الصحية الخاص بعلاج المدمنين على المخدرات يعاني أيضا من نقص وتردي في البنى التحتية وتوفر العلاجات المطلوبة".
ويقول مدير مستشفى ابن رشد للعلاجات النفسية عدنان ياسين، إن "المستشفى لم يعد قادرا على احتواء العدد الضخم من مرضى الإدمان على المخدرات".
وتابع ياسين، أن "أغلب المدمنين الذين يتم قبولهم في المستشفى تتراوح أعمارهم ما بين 20 الى 40 سنة، وهناك حالات لمدمنين دون العشرين سنة". وأشار ياسين، إلى أن "شحة ما تزال موجودة في عدد الردهات الخاصة بالمدنيين مع قلة عدد الاسّرة".
ومضى التقرير، إلى أن "الحكومة رغم أنها قد افتتحت مؤخرا مستشفيين لعلاج مدمني المخدرات في بغداد، فان الطبيب ياسين يؤكد بانه ما تزال هناك حاجة لبناء المزيد من هذه المستشفيات".
عن وكالة (شينخوا) الصينية