ترجمة :عدوية الهلالي

أشاد به النقاد لمدة عشرين عامًا ولكنه لا يزال مجهولا بالنسبة لعامة الناس ، وهاهو الكاتب ماتيو بيليزي يقدم رواية رائعة بعنوان (مهاجمة الأرض والشمس ) والتي تجسد جنون وجحيم استعمار الجزائر في القرن التاسع عشر.

وتحكي رواية (مهاجمة الأرض والشمس ) قصة حفنة من المستوطنين والجنود الذين وقعوا في الجحيم المنسي للاستعمار الجزائري في القرن التاسع عشر.

وكانت رواية “مهاجمة الأرض والشمس” لماثيو بيليزي قد فازت في النسخة التاسعة والأربعين من جائزة الكتاب الدولي ، التي أعلن عنها يوم الإثنين 5 حزيران في فرانس إنتر رئيس لجنة التحكيم ديفيد فوينكينوس من بين عشر روايات كانت في المنافسة لهذا العام .

يقول الكاتب :”أنا سعيد إلى حد ما ، فقد بدت الجائزة بعيدة المنال بالنسبة لي فقد اعتقدت بأن الموضوع لا بد أن تعرقله المداولات”مؤكدا على ان أربع أو خمس دور نشر على الأقل رفضت النص قبل أن تنشره دار نشر لو ترايبود.

لقد سلط أعضاء لجنة التحكيم البالغ عددهم 24 شخصًا الضوء بشكل خاص على شعرية اللغة في الرواية ، بالإضافة إلى موضوعها “الخطير جدا” الذي “يتطلب لغة معينة”كما يرى الكاتب الذي يستنكر قائلا : الأدب الفرنسي “لا يتحدث” عن غزو الجزائر في القرن التاسع عشر من قبل المستوطنين الفرنسيين الأوائل ، “ولا السينما كذلك” مما دفعني لتناول الموضوع .ويتابع ماتيو بيليزي: “أردت أن أتحدث عن الاستعمار بشكل عام ، عن أوروبا في القرن التاسع عشر والتي كانت تشكل خطراً على بقية العالم ، وما زلنا ندفع ثمن ذلك حتى الآن”. ويقول الكاتب إنه استخدم “وثائق قليلة نسبيًا” لبناء روايته ، ولكن قبل كل شيء استفاد من رسائل من جنود “يروون كل ما يفعلونه يوميًا” وبعض القصص من المستوطنين.

منذ عشرين عامًا ، كان ماثيو بيليزي قد ألف رواية ذات تماسك مذهل ، وجمل منسوجة بشكل رائع . ويبدو ان الموسيقى التي تنطلق من الأسطر الأولى من كتاب “مهاجمة الأرض والشمس” تردد أصداء روايته الاولى (الملك الصغير )الصادرة عام 1998عن دار فيبوس للنشر . أما بالنسبة لموضوعها ، فمن الواضح أنه يشير إلى ثلاثيته الجزائرية العظيمة ، التي نشرها على التوالي وهي رواية (كانت ارضنا) الصادرة عام 2008 عن دار نشر ألبين ميشيل ، ورواية (الشيوخ الحمقى) الصادرة عام 2011 عن دار فلاماريون ؛والرواية الثالثة(خطوة خاطئة في حياة إيما بيكار)الصادرة عام 2015عن دار فلاماريون ايضا. فهل كان تجانس تلك الرحلة هو ما يفسر تألق هذه الرواية الجديدة التي كتبها في اشهر قليلة والتي تصور بجمال مأساوي من خلال صوتي امرأة وجندي جحيم الاستعمار الجزائري ؟

ولد الكاتب الفرنسي ماتيو بيليزي ، واسمه الحقيقي جيرار مارتيال برينسو في ليموج عام 1953 .درس الجغرافيا في جامعة ليموج ، ودرّس في لويزيانا (الولايات المتحدة) ، وسافر كثيرًا. عاش في المكسيك ونيبال والهند والجزر اليونانية والإيطالية. ومنذ عام 1999 قرر تكريس نفسه للكتابة ونشر العديد من الروايات والقصص القصيرة. وفي عام 2004 غادر فرنسا للعيش في جنوب إيطاليا.

من اهم رواياته (الملك الصغير ، تذكرة ذهاب بلاعودة،الوحيدون،اطير ،بعوض شاتوبريان ، نوع من الآلهة ، الموت يعني الثعبان، كانت أرضنا ) وغيرها ..اما اهم الجوائز التي نالها فهي جائزة قراء كتاب الجيب / المفضلة عام 2010،وجائزة مارغريت اودو لعام 1999عن روايته (الملك الصغير) ، كما حازت روايته (مهاجمة الارض والشمس ) على جائزة الأدب العالمية لعام 2022 وجائزة الكتاب الدولي لعام 2023 .

يقول بيليزي عن كتاباته : “أنا أهرب من الأدب الذاتي مثل الطاعون”كما قال عن رفض دور النشر لكتابه :” قلت لنفسي: لقد انتهى الأمر ، ولن يمكنني النشر بعد الآن. وربما في يوم من الأيام ، بعد وفاتي ، سيكتشف ناشر شاب كتبي في صندوق بائعة كتب على ضفاف نهر السين ، ويُعجب بها ويقرر إعادة نشرها !!”