TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلام ابيض : كلنا معنيون بالأمر

كلام ابيض : كلنا معنيون بالأمر

نشر في: 10 أغسطس, 2010: 06:01 م

 جلال حسنمن مظاهر تردي الوعي غياب روح المواطنة، وجعل الولاءات إلى المذاهب والأعراق والطوائف والقبائل، بدلا عن الوطن، ما يجعل رد الاعتبار الى البديهيات حاجة ضرورية، لان غياب الفكرة الوطنية  يستفز كل الغيورين على صون ذاكرة الناس بحب أوطانهم .
 نسمع في حياتنا اليومية مصطلحات متداولة من فئات اجتماعية كثيرة في الرد على أي خطأ مقصود بكلمة "أني شعليه" بمعنى"أنا لست معنيا بهذا الأمر". وبقدر ما يشير هذا المصطلح إلى اللامبالاة والهروب الحقيقي من المواجهة الفعلية من فعل الخطأ ، الا انه يفسر في الوقت ذاته  أشياء كثيرة بحاجة ماسة إلى مراجعة موضوعية، لأن حب الوطن هو تربية اجتماعية ، تفاعلية، تترابط وتتداخل فيها اعتبارات كثيرة وتزرع مثل الشجر. "شعليه" كلمة فيها تهاون وتكاسل وعدم شعور بالمسؤولية، بل تفرغ آدمية البشر من محتواها العام والخاص، فأي نكوص يتكلس في هذه الكلمة الشريرة؟ وأي هروب بليد يجر وراءه هزائم لعينة ومخزية نحو وخز الضمير المشارك في الإثم بمضاعفات الندم!لا يمكن لأي انسان ان يرى غريقا او حريقا او أي موقف يحتاج المساعدة دون ان يتدخل بإنقاذه، تلك ضرورة انسانية تفرضها اعراف الوجود الكوني ولأي كائن اجتماعي ومهما يكن، و في أي بقعة من العالم،فان السعادة في المساعدة هي تأكيد الذات بالرضى والاطمئنان على فعل الخير والشعور بالسمو العالي بالإنسانية والوجود. شعوب كثيرة تتباهى بمساعدة الآخرين وتقديم المعروف على طبق الشكر فقط ودون مكافأة، وتلك دلالة إنسانية  تعطي فكرة التمييز بين الإنسان والحيوان، وإلا ما الفرق. ما زلنا نسمع ان العراقي صاحب غيرة وحمية، يعني هو غيور وحامٍ ،وهذا ما يثلج الصدر ويفتح أسارير القلوب على الشهامة وهذه صفة نادرة ، تجعل المرء يشعر بالفخر، ونجدها بالغربة حين تلاقي أي عراقي وأنت بضيق فانه لا يتأخر بفعل الخير، بل يزيد على ذلك بالكثير. هذه الصفات لم تأت اعتباطا،ً انها ملازمة لحب الآخر باعتباره إنسانا وأخا وصديقا ونظيراً. الوطن بالمفهوم الاجتماعي البسيط هو العائلة بوجود الأب والأم والإخوان والأخوات والأصدقاء والندماء والحارات والشوارع والحدائق والجسور، هو الانتماء الحقيقي للتراب الذي يحتاج إلى بذور حب وتسامح وإيثار ومسؤولية  تنمو وتكبر في ضمائر الناس. ان أي خطأ بسيط لا نصلحه أو نخيطه باللسان واليد  والقلب والفعل والحرص من مغبة النتائج ، فانه ينقلب الى كارثة تجعلنا أضحوكة للآخرين، بل يصل دماره إلى بيوتنا، الحياة تحتاج إلى من يحافظ عليها، وبهذه المحافظة تصون سر ديمومتها ووجودها ، أذن كلنا معنيون بالأمر شئنا أم أبينا.jalalhasaan@yahoo.com

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram