علاء المفرجي
خمسة أعوام مرت على رحيل واحد من أهم مخرجي السينما العالمية، المخرج التشيكي ميلوش فورمان، وفورمان هو مخرج وممثل وسيناريست وأستاذ جامعي أميركي تشيكي، كان يعد أحد مخرجي «الموجة التشيكية الجديدة» في السينما فترة الستينيات.
هاجر إلى أمريكا أوائل السبعينيات، وأصبح أستاذ السينما في جامعة كولومبيا، ورئيسا مشاركاً لقسم التصوير، وتعد أشهر أفلامه طار فوق عش المجانين (1975) وفيلم أماديوس (1984) والتي حصد من خلالهما على جائزتي الأوسكار لأفضل مخرج، كما حصل فورمان أيضاً على 3 جوائز جولدن جلوب وجائزة البافتا. وأعتزل العمل الفني في عام 2011 توفي في أبريل 2018 في ولاية كونيتيكيت بالولايات المتحدة بعد صراع مع المرض.
بعد عام على رحيله فقط، قدم عنه فيلم (فورمان يواجه فورمان) الذي اخرجه التشيكيان (جاكوب هينجا) و(هيلينا تريستكوفا). وهو فيلم وثائقي، عن سيرة المخرج فورمان. تنتمي أفلام فورمان إلى السينما الخالصة، أي السينما التي تتعاطى وتشتبك مع القضايا الإنسانية الكبرى، فقد حاول من خلال الفن السينمائي التعبير عن همومه وأفكاره بشكل فني بليغ ومُعبر إلى أقصى درجة.
يُسجل الفيلم حياة المخرج بدءاً من ولادته عام 1932 حتى وفاته عام 2018، فالفيلم يحتفي بمرور عام على وفاة ذلك الفنان المبدع الذي قدّم للسينما العديد من الأفلام الهامة التي تُعد الآن من كلاسيكيات السينما. والفيلم فضلا عن قيمته الفنية، هو ايضا تحية لذكرى رحيله قبل عام من اخراج الفيلم.
ولد فورمان في قرية تشاسلاف في إقليم بوهيميا الوسطى في تشيكوسلوفاكيا، أو ما يعرف الآن باسم جمهورية التشيك، من أب يهودي، وأم مسيحية بروتستانتية. تيتم صغيرا قبل العاشرة، نتيجة موت والده في معسكر اعتقال تورينغن بسبب انضمامه للمقاومة التشيكية ضد الاحتلال الألماني لتشيكوسلوفاكيا، وسجنت والدته أيضا وتوفيت في معسكر اعتقال أوشفيتز. كتب فورمان في مذكراته، أن عمليات القتل تمت على يد الألمان، ويذكر فورمان أنه لم يكن يعرف بالضبط ما حصل لوالديه إلى أن شاهد أشرطة معسكرات الاعتقال -التي عرضت بعد نهاية الحرب- حين أصبح في ال16 من عمره.
التحق فورمان بعد الحرب، بمعهد الملك جورج العام،. وفيها كان زميلا لفاتسلاف هافيل، والأخوان ميشين (المعارضين للدولة الشيوعية). اتجه بعدها إلى أكبر مدرسة للفنون في التشيك أكاديمية الفنون المسرحية في براغ (التي تخرج منها مخرجون مثل جان نيميك وأمير كوستوريتسا) لدراسة كتابة السيناريو. في الستينات أخرج وكتب عددا من الأفلام الكوميدية التشيكية في تشيكوسلوفاكيا. عندما قام الإتحاد السوفيتي وحلف وارسو، بغزو براغ عام 1968، وقّع في باريس أول عقد لإنتاج الفيلم الأمريكي الأول له.
طرد فورمان من الاستوديو الذي كان يعمل فيه في التشيك بحجة أنه يعمل بشكل غير قانوني خارج البلاد. فغادر أوروبا إلى أمريكا. انتقل بعدها إلى نيويورك، وأصبح أستاذ السينما في جامعة كولومبيا، ورئيسا مشاركا لقسم التصوير مع أستاذه السابق المخرج التشيكي المعروف فرانتيسيك دانيال. من أشهر طلابه المخرج جيمس مانغولد الذي درس عند فورمان كتابة السيناريو.
أخرج فورمان أول أفلامه في أمريكا عام 1971، الفيلم الكوميدي «الإقلاع»، الذي الذي يحكي قصة زوجين متوسطي الحال في ضواحي مدينة نيويورك تهرب ابنتهما المراهقة من المنزل.
وصل فورمان إلى قمة النجاح والشهرة بعد إخراجه للفيلم المقتبس من رواية الكاتب كين كيسي الشهيرة وطار فوق عش المجانين، الذي حصد جوائز الأوسكار الخمس الكبرى، أفضل فيلم، أفضل مخرج، أفضل ممثل، أفضل ممثلة، أفضل سيناريو. ولم يحقق مثل هذا الإنجاز إلا فيلمان آخران هما: حدث ذات ليلة (1934) وصمت الحملان (1991).
لم تكن رواية كيسي آخر نجاحات فورمان، فنفذ بعدها فيلمه أماديوس عام 1984 عن قصة حياة موزارت، والذي فاز بثمانية أوسكارات. ثم العالم ضد لاري فلينت عام 1997 عن ناشر المجلات الإباحية لاري فلينت، الذي فاز بجائزة في مهرجان برلين.