اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > نوال جويد..الصوت الواحد يستولد بلاغة اللغة

نوال جويد..الصوت الواحد يستولد بلاغة اللغة

نشر في: 17 يونيو, 2023: 10:45 م

ناجح المعموري

تتمتع نوال جويد بقدرة على الانصات الجيد، وتلتقط كل ما تريده من النسوة. ودائماً ما تكون هي الوسيط الراوي الذي ينقل لنا مرويات أنصتت لها بمحبة لأنها شغوفة بالكلام وديمومة الانصات والقص.

ودائماً ما تتبدى شخصية نوال جويد قوية في الحكي، لتذهب نحو مرويات توقظها الذاكرة لتعبر بها وعنها عن خزان الافراد والجماعة وتمنحهم حضوراً باستعادة القص وترتضي أن تكون وسيطاً تتشارك مع الراوي الأول.

ولأن المرويات التي تنتجها الأهوار باستمرار حتى تصير مواليدها التي تستولدها وتنتجها النهارات، وتختبرها بالحكي في الليالي التي دائما تستقطب أعداداً ولكنها قليلة، لأن حركة المساء الشتوية ضعيفة ولكن تنتشر المحكيات سريعاً ومن المؤكد فإن الحكي المتكرر وتختار بعض الحكايات ما يجعلها ذات طاقة تحفيزية وخصوصاً التي تًشيد على مرويات الاستضافة لمن يتقدم نحو البيت وأيضاً الشجاعة واندفاع على الجيران وتقديم العون لمن يحتاجه حتى تتحول مثل هذه المحكيات دروساً يفتخر بها الأفراد والجماعات، خصوصاً إذا كان البطل فيها معروفاً ضمن جغرافية تشتمل على أعداد غفيرة من الرجال. ولكن أكثر المحكيات إثارة للولع بها وكشف استعادتها، لأنها تقترن بقضيتها مع شاب تعثرت تحققات قصتها. وتمنحها الراوية أملاً لانتظار الآتي.

دائماً ما يكون الجسد الانثوي طاقة كلامية نادراً ما تلوذ بالصمت لأنها تشعر دائماً بأنها مطرودة ومنفية نفسياً وسط المحيط وسلطة الذكورة، لذا دائماً ما تلوذ المرأة او الانثى بمقاومتها التي هي الحكي، تستأنس به ويتحول قوة لجسدها وطاقة شفاهية وآلية تستعين بها لتقوي على انجازات ما هو ضرورة ليوميات البيت في النهار وترقباً لعودة الزوج والابناء من المهام الضرورية.

وسيبقى على هذا الشكل الى الابد، فهذا في واقع الامر لا مبرر له سوى وجوده وتقوم شرعيته على ديمومته. المرأة تختزن وتحكي وتعرف بوقت مبكر كيف تبث الشفرات لان الجديد / الحداثة قوة ثقافية، هذا ما شفت عنه كاهنة الرغبات شمخت / وحوار.

كل من شفرات الجسد الذكوري / والانثوي يؤكدان على جوهر الكاهن وحضور الكينونة، لكن الانثى اكثر تدفقاً وهذا ما اشارت له الديانات القديمة / الاساطير / الطقوس، كثيرة هي مزاولات الانثى، لان الفراغ مفتوح. ان تعطل طاقات الانثى غير قابلة بالتعطل لان الانشغال هو جوهرها، المعبر قوة جسدها بما يعلن عنه لامتلاكه للخبرة وخصوصاً عند التعرف على المذكر.

انا اعتقد بأن الانثى كجسد، حالة لما بعد الحداثة ــ لذا اعتنت بها الدراسات الثقافية واطلقت مفهوماً جديداً، جسد الانثى دين بوصفه ديناً. واشار ديفيد هارفي بأن ما بعد الحداثة كمرأة المرايا.

اما الرجل الذي يعيش ازمة الثنائية، لا يدرك بأنه القسم الحيوي الذي يضفي للأنثى ما هو يريد وما تحلم هي به. المذكر يكتمل لحظة التشارك عندما توفر اللغة بلاغة مفهومة للاثنين الانثى تغور بالمذكر وهو يلوذ بها ويتعلم كل منهما من افكار الافكار والسبب الحيوي الذي الانثى في حداثة مستمرة لأنها ذات سرديات مبتكرة.

الانثى الراوية / الشهرزادية موسوعية تتمركز حول ذاتها لأنها ــ كذات ــ هي الاخر الذي يوفر فرصاً لإعطاء الاخر مزودات ثقافية للهوية التي تنفتح امام المتلقي وتمنحه تأويلاً واسعاً وعميقاً، لأنه ــ التأويل، يمتلك قدرة على تعريف ما نمتلك من امكانات في الكينونة.

والمألوفة لتلبي احتياجات العائلة من المصاريف والطعام. والعودة عند غروب الشمس لحظة انتهاء اليوم والعودة محملاً بما تجود به الطبيعة وما ترتاح له الذاكرة، لان الرجل يستمع لكل ما يروي له ويحفظ ما يراه جوهرياً من الاغاني الجديدة والاشعار ومنها تردده النسوة ولعاً به ومحكيته التي تحولت شعراً وغناءاً، والملاحظ ان الذكور المحتلة لجغرافية الهور هي التي تنتج الجمال وتشكل صوره ويساهم الاخرون به وهكذا، تتحول الاهوار الى فضاءات مائية تعليمية، ومثلما قال ليفي شتراوس: يمكننا ان نأخذ على عاتقنا مهمة تمثيل بعض اشكال الجمال بشكل دقيق وحرفي، ونعترف في الوقت ذاته، بأن اشكال الجمال هذه لم تعد موجودة في العالم المحيط بنا وان علينا اختراعنا / جورج ربونيه / حوارات مع شتراوس / ت / د. مي محمود / دار نون / ص127//

وبالمستطاع اعتماد ما هو متداول في جغرافية الهور بوصفه نوعاً من الجماليات المطلوبات وهي الغذاء الروحي والاتصال الثقافي. ومثل هذه الحاجيات ليست ثابتة دوماً، بل هي متحولة وكل مرحلة وحدها قادرة على صوغ المتداول المناسب للزمن الاجتماعي.

قال ليفي شتراوس / لقد كان للفن وتبعاً لشكل عصر، موقفاً عدائياً، نوعاً ما ازاء، العالم الخارجي، وان الرسم وسيلة الفنان الى معرفة في عصر النهضة، الا انه9 كان ايضا وسيلة للامتلاك / ن. م / ص122//

عودة الرجل عند الغروب مشبعاً بالحكايات والاغاني والشعر ومستعيداً الماضي الذي سيأخذه للحاضر والمستقبل، كل هذا هدف الكائن فكل واحد من هذه الجماعات تعتقد ان هدفها الاساس وغايتها النهائية، هي الابقاء على ما هي عليه داخل وجودها، وادامته مثلما صنعه الاجداد، لا لسبب الا لان الاجداد صنعوه هكذا. ما من حاجة لمبرر اخر، حينما نسأل المرشد عن سبب هذا التقليد او تلك المؤسسة، فان الجواب الذي تتلقاه منه هو واحد: صنعونا على هذا النحو.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram