علي حسين
تعودت منذ أن بدأت في كتابة العمود الثامن، على أن أكون "متطفلاً" على السادة النواب والمسؤولين،فأبحث في مواقع التواصل الاجتماعي عن أخبارهم وآخر صولاتهم، ورغم أن بعض القرّاء الأعزاء يرون في هذا الأمر نوعاً من التدخل في شؤون الناس،
لكنني تعلمت أيها السادة أن الصحافة مهنة البحث عن الحقائق كما قال ذات يوم عميدها في العراق الراحل فائق بطي.. ولهذا اسمحوا لي أن أشغلكم بحكايات السيدة النائبة حنان الفتلاوي التي لم نسمع لها صوت منذ شهور ولم تعترض وغابت صرخاتها داخل قبة البرلمان، ولم تعد تستفزها دول الخليج ، ولا تحركات السفيرة الأمريكية !! ، وغاب التوازن من خطابها واختفت نظرية 7×7 لتحل بدلاً منها نظرية العدالة التي تسعى أن تنافس عليها المرحوم أفلاطون .
السيدة النائبة وفي آخر أخبارها تزور ألمانيا بدعوة من منظمة كونراد أديناور، وأتمنى عليها وهي تقضي " الويك إيند " في بلاد العمة ميركل أن تتعرف جيداً على سيرة العجوز أديناور الذي قاد بلاده وهو في سن الثالثة والسبعين واستطاع خلال سنوات قليلة أن يجعل من ألمانيا المهزومة، واحدة من أقوى اقتصاديات العالم. يصنع التاريخ أولئك الرجال الذين خرجوا من طائفيتهم ومذهبيتهم إلى فضاء أوسع، المتعصب لا يصنع اللحظة التاريخية. لم يكن اديناور صاحب ائتلاف سياسي كبير ، ولا نادى بدولة القانون مثل السيد نوري المالكي، ولا رفع شعارات عن الإصلاح والتكنوقراط كان مجرّد رجل نحيل يرفض أن يخدع الناس بخطب زائفة.
أديناور المولود عام 1876 كان من عائلة متوسطة الحال، جده عمل خبازاً، وكان متعصباً لبلاده . درس أديناور الحقوق وعمل في المحاماة ثم اصبح رئيس بلدية كولونيا في عام 1917 إلى أن جاء النازيون الذين اعتقلوه ورموه في السجن . ولكي يتجنب جماعة هتلر ترك الوظيفة واخذ يعمل في محل للزهور ، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عاد اوظيفته رئيسا للبلدية وهي الوظيفة التي تسلمها العلامة نعيم عبعوب في بغداد .عام 1949 انتخب مستشاراً. ولكي يعيد بناء المانيا اعتمد على كفاءات مثل لودفيغ إرهارد الذي اطلق المعجزة الاقتصادية الالمانية .. لتنتقل المانيا مع اديناور من تعنت إلى حياة التسامح والبناء .
هل أنا بطران عندما أتحدث عن تجارب الشعوب التي لا علاقة لها بتجربتنا الديمقراطية؟. هل استطعنا ان نقدم نموذجا مثل اديناور او لي كوان .. للاسف نحن قدّمنا النموذج الأمثل. وقفنا وقفة رجل واحد من أجل ان يعود ابو مازن للبرلمان .
المواطن هو الأمن والمستقبل في الدول الديمقراطية.. حيث لا يتعلم الشعب الديمقراطية ولا الوطنية من تجمعات طائفية، وخطب وأناشيد عن نصرة الطائفة .