بغداد/ تميم الحسن
تستعد قوى داخل الإطار التنسيقي لجولة ثانية من إضعاف احتمالات مشاركة محمد السوداني رئيس الحكومة، في الانتخابات المحلية المقبلة بعد الازمة مع اقليم كردستان بشأن الموازنة.
وانتقدت قيادات داخل التحالف الشيعي اجراءات الحكومة بشأن ما يعرف بـ"لجنة ابو رغيف"، كما هاجموا اية محاولات لإقرار العفو العام.
وكانت الحكومة قد اعلنت اول أمس، يوم 18 من شهر كانون الأول المقبل موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات.
وجرت تسريبات في الايام القليلة الماضية، عن ان السوداني قد لا يشارك في الانتخابات بسبب اشتراطات من "الإطار".
وتحدثت هذه التسريبات عن ان المجموعة الشيعية وافقت على تمرير الموازنة لـ3 سنوات شرط خروج السوداني من سباق التنافس حتى تضمن عدم استخدام الاموال في الدعاية الانتخابية.
كما ان هناك اراء تعتقد ان السوداني يقترب من منافسة الاحزاب التقليدية داخل "الإطار" ولذلك يجب ابعاد حزبه "تيار الفراتين" عن الانتخابات.
وقال احسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي لـ(المدى) ان "الإطار التنسيقي سيصل الى مرحلة الاصطدام السياسي إذا شعر بان السوداني سيتحول الى زعيم سياسي".
وفي هذا السياق هاجم قيس الخزعلي زعيم عصائب اهل الحق، من يحاول اجراء تعديل على العفو العام.
وقال الخزعلي في تغريدة على تويتر أمس: "محاولات إجراء تعديل على قانون العفو حتى يشمل عتاة الإرهابيين، هي استهتار بالأرواح البريئة التي ازهقت، وتعريض الأمن الداخلي للخطر، ودوافعها انتخابية ليس إلا".
وفهم من الخزعلي بانه يقصد القوى السنية التي تطالب منذ سنوات بتعديل القانون، وربما يقصد رئيس الحكومة الذي شكل لجنة قبل شهرين لمراجعة "العفو العام" بحسب وزير العدل.
وقال الوزير خالد شواني في نيسان الماضي، لعدد من الصحفيين ان "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني شكّل لجنة لغرض إعداد مشروع قانون العفو العام"، مبينا أنه "سيكون إنجازا لجميع الكتل السياسية المنضوية داخل ائتلاف إدارة الدولة".
وتدعي القوى السنية بان "العفو العام" هو ضمن ورقة الاتفاق السياسي الذي تشكلت على ضوئه الحكومة الحالية، ما يعني ان التراجع عنه تنصل عن الاتفاق.
واكد مستشار السوداني وامين الحزب الاسلامي رشيد العزاوي هذا الكلام في حديث سابق مع (المدى)، لكنه قال حينها في نيسان الماضي، "لا يوجد تحرك جدي بخصوص هذا الملف".
والى جانب الخزعلي، اصدرت لجنة الشهداء في البرلمان بيانا مشابها لكلام الاول ضد قانون العفو العام.
وقالت اللجنة في بيان تبدو فيه لمسات "العصائب" حيث يرأس اللجنة النائب عن الكتلة حسن سالم، ان "مجرّد الحديث عن قانون العفو العام يعدّ إهانة لدماء الشهداء".
واضافت اللجنة في تحميل مباشر للحكومة المسؤولية عن القانون: "نستغرب من ان يطرح مجلس الوزراء في جلسته موضوع قانون العفو العام وتعديل قانون مكافحة الارهاب".
وبينت ان القانون الاخير يتضمن "تخفيض وتخفيف العقوبات عن المجرمين فضلا عن إطلاق سراحهم وخصوصا المجرمين من المشاركين والمساهمين والممولين للعمليات الارهابية".
وتقول مصادر مطلعة، ان هناك شبه اتفاق سياسي قد جرى على اعادة تعريف من هو "الارهابي".
ووفق تلك المصادر انه تم تعريف الارهابي بانه "الشخص الذي قام بأعمال عدائية ضد القوات الامنية (جيش او شرطة او باقي التشكيلات) وضد مواطنين".
وبحسب هذا التوصيف الاخير فانه سوف يزيل اللبس عن الذين وصفوا سابقا بـ"الارهاب" بسبب "الانتماء او التأييد" لجماعات ارهابية في وقت من الاوقات "دون ان يرتكبوا جرائم".
وتزعم القوى السنية ان هناك احكاما بين 10 و15 سنة صدرت ضد عدد كبير من المراهقين اعمارهم كانت في وقت الحكم بين (13 و15 سنة) بتهمة الانتماء الى "داعش".
وترى هذه القوى بان الوقت قد حان الان لإطلاق سراح هؤلاء المتهمين (المراهقين) عبر قانون العفو العام الجديد، خصوصا وان تقديرات الحكومة تتحدث عن وجود نحو 80 ألف معتقل في العراق.
بالمقابل فان بيان لجنة الشهداء حذر من "التوافقات السياسية والمساومات الرخيصة" لتمرير قانون العفو العام على حساب "دماء الشهداء الزكية".
وقال يحيى المحمدي لـ(المدى) في وقت سابق عقب أحد اللقاءات بين رئيس البرلمان والسوداني بعد فترة قطيعة بين الطرفين، ان الاخير "وعد محمد الحلبوسي بتنفيذ ورقة المطالب السنية (التي تتضمن العفو العام) بعد الموازنة".
ويرى مراقبون ان محاولة أطراف في "الإطار" عرقلة الجزء المتعلق بالسنة في الاتفاق السياسي هو احراج جديد لرئيس الحكومة كما جرى في أزمة الموازنة والتراجع عن الاتفاق السابق مع كردستان.
ويرجح الباحث في الشأن السياسي احسان الشمري تراجع التحالف الشيعي عن تعهداته بانه: "ثمن تدفعه القوى السياسية التي كانت متحالفة مع مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري".
لجنة ابو رغيف
وفي الإطار نفسه انتقدت القيادية في دولة القانون حنان الفتلاوي اجراءات الحكومة الاخيرة بخصوص قضية "لجنة ابو رغيف".
واعلنت الحكومة صباح أمس، تحويل احمد ابو رغيف، وكيل وزير الداخلية الاسبق، واعضاء لجنته المعروفة بـ"لجنة الامر الديواني 29" الى التقاعد.
وردت الفتلاوي على ذلك في تويتر بالقول: "ثبوت تورط لجنة ابو رغيف بالتعذيب أمر يدعو للمحاسبة بأقسى العقوبات وليس فقط إحالتهم للتقاعد".
وادين ابو رغيف المحتجز حاليا، و8 ضباط اخرين في اللجنة بالإضافة الى 5 موظفين اخرين، بحسب وثائق سربت أول أمس من جهاز الامن الوطني، بتهم التعذيب والابتزاز.
ويقول محمد نعناع الباحث والمراقب للشأن السياسي في حديث لـ(المدى) ان "ما يجري هو محاكمة شاملة لحقبة مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء السابق لإسقاطها بالكامل".
ويضيف نعناع: "حكومة الكاظمي كانت قد اخذت قرارات كثيرة لم تنسجم مع مطالب الطبقة السياسية في حينها لذا يجري اسقاط لجنة ابو رغيف، وقبلها وزير المالية علي علاوي، والنفط احسان الشمري، ومساعدي الكاظمي".
وكان القضاء قد اعتبر لجنة ابو رغيف قد "التزمت بتطبيق جميع معايير حقوق الانسان التي نص عليها الدستور" في بيان صدر عن الاخيرة في ايلول 2020.
واعاد القضاء في تشرين الاول من نفس العام عقب شكاوى ضد اللجنة، قوله في بيان بأن: "جميع معتقلي لجنة الأمر الديواني رقم 29 قد التقوا بذويهم أو محاميهم، وأن هذا حق مضمون قانوناً".
وكان الكاظمي قد شكل اللجنة في اب 2020، وحققت مع أكثر من 160 شخصا كما تسربت معلومات آنذاك عن تمكنها من اعادة نحو 7 مليارات دولار من اموال سرقها موظفون كبار ومنتمون الى احزاب.
ويرى محمد نعناع ان القوى السياسية "لا تستطيع محاكمة الكاظمي لأسباب ربما تتعلق بوجود اتفاق غير معلن لذلك تثأر من الفريق الذي كان يعمل معه".
لكن علي تركي وهو نائب عن العصائب قال في حديث لـ(المدى) ان "هناك تحركات ضد مصطفى الكاظمي لكن التحقيقات مازالت غير مكتملة".
وبين تركي ان "لجنة ابو رغيف سوف تعرض على القضاء بسبب عمليات التعذيب وتوقيع معتقلين بالتنازل عن اموالهم، كما ستحقق النزاهة بتضخم اموال اعضائها".