TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: الموسيقى تهددُ الأمنَ في البصرة

قناطر: الموسيقى تهددُ الأمنَ في البصرة

نشر في: 24 يونيو, 2023: 10:56 م

طالب عبد العزيز

لا نجدُ غرابة في موقف أفراد مفرزة شرطة النجدة بمنع فرقة تعزف الموسيقى في شارع الفراهيدي بالبصرة، وإنْ ذهبنا بحسن النوايا على أنَّهُ تصرفٌ شخصيّ، فهو لا يختلف عن قرار وزارة التعليم العالي بمنع إتحاد الطلبة من العمل في الكليات والجامعات العراقية،

لذا، يتوجب علينا الهمس بآذان القوى الوطنية والتنظيمات المهنية والاحزاب والتجمعات الصغيرة التي لا تملك السلاح والمناصب وألا ينخدعوا بديمقراطية احتكار السلطة والسلاح وتجييش العشائر وأن لا يضعوا سلال بيضهم مكشوفاً على رؤوسهم، فالحذر واجب، وليكونوا مؤمنين أكثر من غيرهم، فالتاريخ السياسي العراقي يعيد نفسه.

الفرق بين من يرتدي الاسود ويستقل السيارات شبه الحكومية، التي تحمل أكبر مكبر للصوت، ويطلقها بأعلى ما في صوتها، مبشراً ومنذراً بمناسبته الدينية والحزبية والشخصية أحياناً وفرقة الموسيقى الصغيرة، في شارع الفراهيدي، الصغير والمحدود بسيط جداً، هو أنَّ الاول يملك السلاح والسلطة والثاني لا يملك أيٍّ منهما، فالفعل مباح مطلق للاول، ومحرّم مقموع عند الثاني، وبموجب المعادلة البسيطة هذه تفهم آلية التسلط في العراق، إذْ كل فعل من أفعال الحياة وقوامها عرضة للطرد والنفي، وكل فعل من أفعال الموت والقبر متسيدٌ ومتاحٌ، والحياة متعطلة من وجهة نظر المتسلط المستبد.

على مدى عقدين من الزمن تسنم أكثر من عشرة قائدين للقوات الامنية في البصرة، وكلٌّ يعدُ في حفل تنصيبه بتوسعة الحرية الشخصية ووضع حدٍّ لمظاهر التجييش، والنزاعات المسلحة، واستتباب الامن في المدينة، لكنْ ذلك لم يحدث، ويتحقق إلا بنسبة لا تتجاوز الـ 50% مع قولنا بأنَّ ظاهر الوضع العام في المدينة آمنٌ بنسبة الـ 50% أيضاً، لكنَّ الواقع والمسكوت عنه خلاف ذلك، لأننا لم نرَ قوة أمنية تمكنت من فضِّ نزاع مسلح بين عشيرتين الى اليوم، وما زلنا نسمع لعلعة الرشاشات والبكيسييات بين فترة وأخرى.

ولا يقتصر الامر على البصرة، ابداً، فالقضية عامة في معظم مدن الجنوب، ولن نلوم قائداً أخفقَ في تحقيق أمانيه، ذلك لأنَّ القاعدة التي بنيت عليها الاجهزة الامنية منذ السنوات تلك كانت خاطئة، وتفاقم الخطأ، ومن ثم اعتمدته الحكومات المتعاقبة نهجاً، حين جعلت من وزارتي الداخلية والدفاع مغانم للاحزاب الحاكمة، وركيزة لبقائها، دون مقدرتها على وضع حدٍّ للخراب الذي مازال ينخر جسد البلاد، ويجعل من كل حلم بالتغيير سراباً. أمّا إذا تحدث أحدنا عن بحبوبة الامن التي نعيشها في بيوتنا فهي بفضل توازن القِوى جميعها(أشخاص وبيوت وعشائر وطوائف وأحزاب) ذلك لأنَّهم مسلحون، فالحوار معلّق ومعطّل حين تتوازن القوة بتكافئ السلاح.

من بعد ظهر كل يوم جمعة يفتح أصحابُ شارع الفراهيدي(شارع الثقافة)في البصرة اكشاكهم لبيع الكتب، الكتب لا غير، ويأتي الرسامون بالوانهم وأحبارهم ليرسموا بعضهم، أو الامكنة الجميلة في المدينة، ومعهم يحمل البعض آلاتهم الموسيقية ويغنون انفسهم، متاملين وطناً أجمل، ومع أول خيوط الظلام ينسحب الجميع، هذا كل ما في الامر!! لكنْ فعلاً كهذا يغضبُ مفرزة الشرطة ويرضي زعماء الطوائف، أمّا حوادث القتل والسرقة والسطو والترويع ومظاهر التجييش واقتتال القبائل واستشراء المخدرات والفساد المالي والاداري فهي أفعال مقبولة ولا تقع ضمن عناية أبطال المفرزة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

سوريا تعلن دمج الوحدات العسكرية كافة ضمن وزارة الدفاع

ريال مدريد يتعاقد مع هويسن

ترامب: سأتصل ببوتين لوقف "حمام الدم"

(المدى) تنشر نص "إعلان بغداد

السوداني يطلق "العهد العربي" للإصلاح الاقتصادي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الطبيب أنور وصاحب "ألوان"

العمود الثامن: الزعيم منزعجاً

العمود الثامن: إخجلوا !!

تفكيك الأمم المتحدة ومنظومة العدالة الدولية..؟

الغاز الإيراني و الفرصة التاريخية

العمود الثامن: إخجلوا !!

 علي حسين يخوض السياسي العراقي، وعذراً على كلمة "سياسي" التي لا تنطبق على 80 بالمئة ممن نشاهدهم على شاشات الفضائيات، معارك من اجل المغانم بحجة انهم تبحروا في علوم السياسة حتى تجاوزوا عميد...
علي حسين

قناطر: قبورنا التي تلتهمنا

طالب عبد العزيز بعيداً عن السردية الدينية التي تؤسس لمقبرة النجف(وادي السلام) يتوجب على الدولة العراقية أنْ تفكر ملياًّ في المساحات الشاسعة من الأرض التي تقضمها المقبرة، إذا ما علمنا بأن 500.000 الف جنازة...
طالب عبد العزيز

الغاز الإيراني و الفرصة التاريخية

ثامر الهيمص نعم الغاز الايراني بات درسا، بل قاسيا وضعنا في حرج شديد ووضع الحليف الامريكي في الاشد انسانيا واخلاقيا. اذ لا زال الغاز الايراني يتدفق باريحية عالية الى تركيا, فبطلت الحجة. وهكذا بلا...
ثامر الهيمص

بيت المنقسم والمعركة المؤجلة: أزمة الشرعية في ظل استحقاق انتخابي مضطرب

محمد علي الحيدري حين تقترب اللحظة الانتخابية، لا تختبر الأنظمة السياسية فقط قدرتها على التنظيم والإدارة، بل تُعرّي أيضًا بنية التفاهمات التي قام عليها التوازن السياسي في مرحلة ما. وفي الحالة الراهنة، يبدو أن...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram