ترجمة: حامد أحمد
أشار تقرير لمنظمة (UN Woman) التابعة للأمم المتحدة لرعاية النساء ومنظمة (جندا) لتمكين النساء التي تتخذ من دهوك مقرا لها الى إحصائية بأوضاع النساء الارامل في العراق، مؤكدا ان ارملة عراقية واحدة من بين كل عشر ارامل يعشن حالة فقر شديدة.
سكنة محمود، ارملة تبلغ من العمر 32 عاماً، قضت طفولتها المبكرة في قرية الحسانيا قرب مدينة الموصل، وعندما بلغت الثالثة عشرة من العمر أجبرتها عائلتها على الزواج المبكر من رجل يكبرها بتسع سنوات، وكان ذلك عائقا لإكمال تعليمها.
بالنسبة لكثير من نساء وفتيات في العراق، فان عقودا من حروب وعدم استقرار خلفت جيلا يحمل تبعات فقر وتعليم متعثر مع حالات الزواج القسري المبكر للفتيات. وبسبب حالات الوفيات الكثيرة، فان الحرب قد خلفت أيضا اعدادا لا تحصى من النساء الارامل، من بينهن الارملة سكنة محمود.
على الرغم من حقيقة وجود أكثر من 258 مليون ارملة حول العالم، فان جميعهن قد تركن بدون اهتمام وبدون دعم وغالبا لا يلقى لهن بال في مجتمعاتنا. غالبا ما يجبر الترمّل النساء بان يكن خارج الهيكل العائلي والمجتمعي، تاركيهن معرضات للإقصاء والعنف والفقر. وأشار التقرير وفقا لإحصائيات جمعت ما بين 2009 و2013 الى ان هناك ما يقارب واحدة من بين كل عشر أرامل يعشن في حالة فقر مدقع. في العراق، فان نساء من أمثال الارملة محمود كن أكثر عرضة لحالات الحروب المستمرة. وعندما نشبت معارك عشائرية في منطقتها عام 2017، تُركت محمود بدون أمن او موارد مالية، ولا تمتلك دخلا ولا وظيفة أو مؤهلات. وهربت الى مخيم الخازر للنازحين بحثا عن أمان، حيث ما تزال تعيش هناك مع والدتها واختها واطفالها الخمسة. وبدون زوج، تُركت محمود لوحدها وعلى غير هدى في مجتمعها.
تقول الارملة محمود "اواجه مصاعب في التعامل مع الناس حولي، ولا اعرف كيف أجد حلا لمشاكلنا، اشعر بوصمة خجل في العيش بمخيم وذلك يسبب لي مصاعب وازمات نفسية، يجعلني اشعر بالتوتر والضيق واليأس وعدم الاستقرار." ولاجل إيجاد حلول للاحتياجات الاجتماعية الطارئة للنساء والفتيات في مخيم الخازر، شكلت منظمة الأمم المتحدة للنساء فريقا مع منظمة (جندا) للنساء في دهوك لتوفير دورات تمكين تستهدف النساء الأكثر تضرر. وبدعم مالي عبر منظمة الأمم المتحدة للنساء ومنظمة (جندا) في دهوك تم تسهيل تطبيق برنامج تمكين النساء وحمياتهن وتوفير الحلول لهن، حيث يهدف هذا البرنامج الى تنمية ثقة النساء والفتيات بأنفسهن واعطائهن الالهام والإصرار لمواجهة التحديات والعوامل التي جعلتهن يشعرن بالخنوع والخوف في الحياة. أكملت محمود دورة تأهيل في كيفية التعامل والتعبير عن نفسها امام الناس، وبدأت سريعا تشعر بتأثير هذا التعليم في حياتها اليومية.
قالت محمود "كنت اشعر بالإحباط والغضب الى ان جاء الوقت لأدخل هذه الدورة. لقد تعلمت كيف اختلط واتعامل مع الناس، ووفر ذلك لي فرصة لأتعامل مع أناس صعبين، وعزز ذلك الثقة بنفسي كثيرا." تقول محمود انها تعترف بفضل هذه الدورة في مساعدتها على تجاوز خجلها وبدأت تندمج على نحو أفضل بمحيطها الخارجي والمجتمع الذي تعيش فيه بالمخيم، وأنهى ذلك عزلتها التي كانت تعاني منها. وأصبحت لديها الان وسائل وأدوات لمواجهة أية تحديات بمنهجية.
وقالت محمود "اشعر بانني وصديقاتي تطورنا كثيرا منذ ان بدأن التعلم في هذه الدورة، جميعنا كان لديه مستوى متدنيا من التعليم مما يسبب ذلك عقبات ضمن المجتمع." نساء اخريات دخلن هذه الدورات، مثل روجينا إبراهيم 24 عاماً، وجدن أنفسهن في طريق النمو والتمكين الشخصي والتطور. وكونها بنت ارملة، فان إبراهيم كانت داعمة لامها واشقائها منذ ان فقدت العائلة الوالد. فقد اجتازت إبراهيم الدورة وتعلمت بناء الثقة والاعتماد على النفس وأصبحت تمثل نموذجا لمجتمعها.
تقول خالد "عندما شاهدت عنوان البرنامج التعليمي أصبحت لدي رغبة للانضمام اليه، وجدت فيه فرصة لتحسين وضعي الشخصي وان يرى الناس قيمتي الحقيقية. كان الناس يقولون لي بأنني ضعيفة لأنني عشت بدون أب، وأردت ان اثبت لهم العكس."
وتضيف خالد "صحيح ان العيش بدون أب امر صعب في حياتنا ومجتمعنا، ولكنني اردت ان اثبت للعالم بان النساء هن أقوياء ويتمتعن بالتحمل."
عن: منظمة (UN Woman)