اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الديمقراطية والحداثة

الديمقراطية والحداثة

نشر في: 12 أغسطس, 2010: 06:19 م

حسين علي الحمدانيشهد المجتمع العراقي تغييرات كبيرة جدا ومن أبرزها بالتأكيد طبيعة النظام السياسي وطريقة الحكم في هذا البلد حيث أصبح الشعب هو مصدر السلطات إي وجد الشعب العراقي نفسه أمام مسؤولية اختيار الحاكم والمشرع عبر آليات الديمقراطية التي مارسناها جميعا لأكثر من مرة
ولأكثر من غاية فقد صوتنا لانتخاب جمعية عامة وللدستور وبرلمان أول والى آخر ما وصلنا إليه في يوم السابع من آذار الماضي . وهذه العملية التي لم يهيأ لها الشعب العراقي لا ثقافيا ولا سياسيا ولا حتى اقتصاديا كانت نتائجها مشوهة وهي بالتأكيد انعكست على مجمل مفاصل الحياة في هذا البلد ، لأن عملية البناء الديمقراطي تتطلب تمهيدات كثيرة في مقدمتها إيجاد الأرضية الفكرية التي تؤمن بنجاح أية عملية ديمقراطية وتكون نتائجها إيجابية وليست سلبية من جهة ومن جهة أخرى أن يؤمن الجميع بأن الديمقراطية هي ليست خياراً للوصول للسلطة فقط بل هي أيضا خيار للخروج منها ، فأننا لا يمكن أن نجد من يرحب بالديمقراطية حين تنقله الى الواجهة حيث السلطة ، ويتنكر لها لحظة يكتشف بأن صناديق الاقتراع أبعدته عما يريده ، لهذا فأن البناء الديمقراطي يتطلب تجديداً مؤسسياً وثقافياً وسلوكياً، وهذا يعني بأن نكون مهيئين كشعب وقادة وأحزاب لأن نؤمن بالديمقراطية ومخرجاتها مهما كانت وان نحمل صفة مهمة جدا  هي " ثقافة الاعتراف بالخسارة إن وقعت " وتهنئة الفائز وهذه نقطة مهمة جدا تفتقدها الديمقراطية في العراق. وربما كان حضور الديمقراطية في العراق بشكل مفاجئ هو الذي جعلها تصاب ببعض التشوهات هنا أو هناك  لأن تطبيقها وممارستها لم يكن تدريجياً كما أشرنا من قبل بقدر ما كان مشروع طرحه البعض دون أن يحسب نتائجه ومنحنياته ، ولم يكن الذي حدث في العراق هو حراك مجتمعي داخلي افرز هذا التطور بقدر ما كان نتيجة طبيعية لنظام حكم خسر حربا شبه عالمية لتكون المحصلة بالنهاية البحث عن بديل  غير تقليدي لهذا النظام فكانت الديمقراطية كآلية من آليات لسد الفراغ السياسي والدستوري وحتى الشرعي ، بالتأكيد فأن بناء المجتمع ديمقراطيا يحتاج إلى مقومات كثيرة منها إزالة كافة نتائج حقبة حكم النظام الشمولي حتى لا تكون هذه النتائج هي أسباب فشل المشروع الديمقراطي في العراق وأولها تثقيف الشعب وتوعيته والقضاء على الأمية حيث نجد بأن أكثر من 50% من الذين يحق لهم التصويت هم أميين الأمية الأبجدية وهي نسبة عالية جدا وتزداد في كل دورة انتخابية خاصة وان نسبة التسرب من المدارس العراقية في السنوات التي تلت 2003 نسب مخيفة حسب تقديرات منظمة اليونسيف ، الشيء الثاني الذي لا بد أن نشير إليه هي عملة تحديث المجتمع العراقي بما يتلاءم والتطورات الحاصلة حيث لا يمكننا أن ننجز مشروعاً حضارياً في مجتمع تقليدي لازالت تتحكم به النزعات الطائفية والعشائرية ولا زالت المرأة مهمشة بشكل كبير جدا ولا يمكننا أن نظل نرفع تلك الشعارات الكاذبة التي رفعت من قبل ونحاول من خلالها خداع أنفسنا والآخرين بأننا متحضرون ، فالمنجز الحضاري هو في حركية المجتمع وتحولاته، هذه التحولات تشكل في مجملها استجابة إيجابية للمتغيرات الدولية التي لم تعد في مقدور أي مجتمع أو دولة عزل نفسه عنها. ولعل التحول الديمقراطي يعبر عن أهداف وتطلعات غالبية أفراد المجتمع في بناء دولة وطنية حديثة تكون فيها المواطنة المتساوية المحك الأساس للوجود الاجتماعي للأفراد والجماعات، إضافة إلى كون تلك المواطنة المتساوية دلالة هامة وعلامة مميزة للتحديث السياسي المعبر عنه في التعددية والديمقراطية، وإن يرتبط به مباشرة ضرورة وجود ثقافة سياسية حديثة أهم مفرداتها: (التعدد، التنوع، المنافسة، المشاركة، تداول السلطة، التسامح، الحوار، الاختلاف، نبذ العنف..) وهي مفردات تدخل ضمن منظومة متكاملة تشكل وعيا ضديا للتقليدية والعصبوية وما يرتبط بهما من قيم ثقافية، وهنا تتجلى في الواقع المجتمعي إشكالية تعكس صراعاً ثقافياً بين مرجعيتين متباينتين تنتمي كل منهما إلى مجال زمني ومعرفي مغاير، وتعبر كل منهما عن قوى اجتماعية محددة. وذلك يعني أن التحول إلى الديمقراطية في المجتمع العراقي ترتبط به وتترافق مع بروز إشكالية الصراع والتداخل والتأرجح بين نمطين من المحددات الثقافية تعكس طبيعة السياق المجتمعي العام ومسار تطوره التاريخي، وبما إن المجتمع العراقي شأنه في ذلك شأن المجتمعات الشرقية  يصنف على إنه مجتمع تقليدي، فإن الموروث الثقافي لا يزال يؤثر في مجمل الحياة الاجتماعية بل ويؤثر أيضا في الحياة السياسية. من هنا يمكن القول أن الواقع الراهن في المجتمع يشهد صراعا بين الثابت والمتحول في القيم والمعايير وأنماط السلوك في إطار جملة من التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يتعرض لها المجتمع ، فالتحول السياسي نحو الديمقراطية يتطلب بدوره محددات ثقافية جديدة تعبر عن محاولة الخروج من البناء التقليدي ومنظومته الثقافية الموروثة والولوج إلى مرحلة الحداثة السياسية التي تنتمي إليها الدولة الوطنية والتطور بكل محدداته وتداعياته. rn 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram