المدى الثقافيبعد معاناة مريرة مع المرض توفي الروائي الجزائري الطاهر وطار مساء أول أمس الخميس بالجزائر العاصمة عن عمر ناهز الـ 74 عاما حسبما أوردت وكالة الأنباء الجزائرية إستنادا إلى أقاربه.وكان الطاهر وطار قد قال عن الموت في أحد حواراته الصحفية:
"الموت لا يخيفني، لأنني أؤمن به منذ صباي، وأنتظره كل يوم كحق وواجب". وكان موعده معه مساء الخميس 12 اب 2010 .ولد الطاهر وطار في15 اب 1936 في بيئة ريفية وأسرة بربرية تنتمي إلى عرش الحراكتة الذي يتمركز في إقليم جنوب غرب الجزائر... كان جده أميا لكن له حضور اجتماعي قوي فهو الحاج الذي يقصده كل عابر سبيل حيث يجد المأوى والأكل, وهو كبير العرش الذي يحتكم عنده, وهو المعارض الدائم لممثلي السلطة الفرنسية,. يقول الطاهر وطار, إنه ورث عن جده الكرم والأنفة, وورث عن أبيه الزهد والقناعة والتواضع, وورث عن أمه الطموح والحساسية المرهفة, وورث عن خاله الذي بدد تركة أبيه الكبيرة في الأعراس والزهو والفن. تنقل الطاهر مع أبيه بحكم وظيفته البسيطة في عدة مناطق حتى استقر المقام بقرية مداوروش التي لم تكن تبعد عن مسقط الرأس بأكثر من 20 كلم. هناك اكتشف مجتمعا آخر غريبا في لباسه وغريبا في لسانه, وفي كل حياته, فاستغرق في التأمل وهو يتعلم أو يعلم القرآن الكريم. التحق بمدرسة جمعية العلماء التي فتحت في 1950 فكان من ضمن تلاميذها النجباء. أرسله أبوه إلى قسنطينة ليتفقه في معهد الإمام عبد الحميد بن باديس في 1952. انتبه إلى أن هناك ثقافة أخرى موازية للفقه ولعلوم الشريعة, هي الأدب, فالتهم في أقل من سنة ما وصله من كتب جبران خليل جبران ومخائيل نعيمة, وزكي مبارك وطه حسين والرافعي وألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة. يقول الطاهر وطار في هذا الصدد: الحداثة كانت قدري ولم يملها علي أحد. راسل مدارس في مصر فتعلم الصحافة والسينما, في مطلع الخمسينات. التحق بتونس في مغامرة شخصية في 1954 حيث درس قليلا في جامع الزيتونة. في 1956 انضم إلى جبهة التحرير الوطني وظل يعمل في صفوفها حتى 1984. تعرف عام 1955على أدب جديد هو أدب السرد الملحمي, فالتهم الروايات والقصص والمسرحيات العربية والعالمية المترجمة, عمل في الصحافة الجزائرية والتونسية وأسس في 1962 أسبوعية الأحرار بمدينة قسنطينة وهي أول أسبوعية في الجزائر المستقلة. اغلقتها السلطات بعد فترة من صدورها، ثم أسس في 1963 أسبوعية الجماهير بالجزائر العاصمة أوقفتها السلطة بدورها، وفي عام 1973 أسس أسبوعية الشعب الثقافي وهي تابعة لجريدة الشعب, أوقفتها السلطات في 1974 لأنه حاول أن يجعلها منبرا للمثقفين اليساريين.ترك الأديب الراحل وطار تراثا أدبياً مهماً شكل علامة فارقة في الادب الجزائري والعربي في مجال الرواية والقصة والمسرح ، ومن ابرز اعماله الروائية ( اللاز) عام 1974 ، ( الزلزال) عام 1974 , ( عرس بغل) عام 1983 ، و( العشق والموت في الزمن الحراشي) عام 1982 . اما في مجال القصة (الشهداء يعودون هذا الأسبوع )، (على الصفة الأخرى) وغيرها..وعرف عن الراحل اعتراضه على قرار ألغاء نتائج انتخابات 1992 التي تسببت في اندلاع أعمال عنف أودت بحياة عشرات الآلاف.وتفرغ وطار في نهاية حياته إلى النشاط الثقافي مكرسا معظم وقته للجمعية الثقافية الجاحظية التي أسسها عام 1989.
رحيل أبي الرواية الجزائرية..الطاهر وطار.. تجربة فـي العشق والموت
نشر في: 13 أغسطس, 2010: 05:30 م