TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: صعوبة التغيير

مجرد كلام: صعوبة التغيير

نشر في: 9 يوليو, 2023: 10:46 م

عدوية الهلالي

قال لي أحد قراء مقالي ذات مرة خلال فترة تكرار خروج التظاهرات الرافضة لأداء الحكومة والتي تطالب بوضع أفضل:" أنت تنتقدين الحكومة كثيرا ولاتنتقدين الشعب الذي يرضى بوجودها "..يومها تذكرت معضلة البيضة والدجاجة التي دوخت الفلاسفة، وتساءلت: هل تصنع الحكومة الفاسدة شعبا منافقا، ام يصنع الشعب المنافق حكومة فاسدة؟!

كانت التركة ثقيلة كما تذرعت كل الحكومات التي تعاقبت على العراق منذ عشرين عاما، ولم يكن الشعب منافقا كبيرا كما يتصور البعض لأنه تقبل كل عيوب الحكومات بل تم تدجينه ليرضى بالقليل وينسى حقوقه أو يؤمن بأنه عاجز عن الحصول عليها، وعندما حاول ان يكسر قيود الخوف واللامبالاة والعجز ويخرج الى الشارع، أدت التظاهرات الى مقتل العديد من المتظاهرين او تغييبهم، وتم تصفية عناصر شاركت في التظاهرات، وهنالك من المتظاهرين من اكتشف بأنه كان مخدوعا من الجانبين، الجانب الذي شجعه على التظاهر، والجانب الذي يفترض انه حامي الدستور الذي يكفل حق التظاهر.

إذن، تصعب الأمور كثيرا عندما تتغير الحكومات، أما عندما يتغير الشعب فالأمر يصبح أصعب، وقد تغير الشعب فعلا منذ أن ذاق ويلات حروب متعاقبة لم يكن له يد فيها، والحرب تجعل منا جميعا حمقى كما قال أحد الكتاب لأنها الفوضى بعينها، وهي تحولنا الى أشخاص لم نكن نتخيل يوما أن نكون مثلهم، وعندما تتناسل الحروب وتتنوع مناشئها واسبابها ونتائجها ويتخللها عنف طائفي وتنظيمات ارهابية، فلابد أن تفك مطارق الحروب الثقيلة لحام الشعب، ولابد ان تغيب أشياء كثيرة كالضمير والشرف والقيم ويحل محلها الفساد والخيانة والجريمة، واذا كانت هنالك أسباب جديدة جاهزة لتبرير ذلك كانتشار وسائل التكنولوجيا وتأثيرها على المجتمع بطريقة سلبية وانتشار المخدرات والفقر وغير ذلك كثير، فإن الشعب ليس بريئاً لأنه مجرم بحق نفسه حين ارتضى حمل جلاده على اكتافه عشرات السنين..

كيف لنا أن نغيّر الشعب إذن، وهو الأساس في الدولة وهو الذي يقوم بانتخاب حكومته وممثليه في البرلمان؟ نحن نعلم ان لافائدة من تغيير الحكومة طالما أن الشعب لم تتغير ثقافته وتكوينه ووعيه وقد تأقلم على الخضوع وتبرير افعاله كالرشوة والمحسوبية والمحاباة والوساطات.. وطالما ان قوة القوانين هي التي تجعل الشعب قوياً فلن نجد بصيص أمل مع ضعف دور القانون وانفلات المجتمع وولاءاته المتعددة التي لاتتحد في ولاء للوطن وحده..

ويبدو ان ماقاله ونستون تشرشل قبل عقود طويلة من إن كل شعب فى العالم ينال الحكومة التى يستحقها ينطبق على شعبنا لأن سوء حكوماته يجعله هشا ً سريع العطب، وتغيير مثل هذا الشعب يحتاج الى وعي كبير وانتماء للوطن ورفض للظلم والفساد وقبل كل ذلك، توحد في الرأي والاختيار والولاء..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تحالفات الأصدقاء-الأعداء في الانتخابات العراقية

العمود الثامن: لماذا نحن صامتون؟

العمود الثامن: آخر محطات الصغير والمدرس

قناطر: حكومات لا تسقطها الصحافة

عبقرية التكنولوجيا وسذاجة السياسة!

العمود الثامن: لماذا نحن صامتون؟

 علي حسين نجلس كلّ يوم أمام التلفزيون في انتظار أن نسمع خبراً مفرحاً يُبشرنا "ابو مازن" احمد الجبوري مشكورا بانه سيرشح للانتخابات القادمة، فلا يمكن للديمقراطية العراقية ان تزدهر من دون وجود "ابو...
علي حسين

قناطر: حكومات لا تسقطها الصحافة

طالب عبد العزيز انتهى الزمن الذي كانت الصحافة تسقط فيه الحكومات، لا لأنَّ الحكومات كانت شريفة طبعاً، لكنْ لأنها كانت أكثر خوفاً من جماهيرها، وأقلَّ وضاعةً من حكومات الأزمنة الحديثة، التي تحكم شرقنا العربي...
طالب عبد العزيز

تحالفات الأصدقاء-الأعداء في الانتخابات العراقية

إياد العنبر قبل أيام انتهى موعد تسجيل التحالفات السياسية التي ستشارك في الانتخابات المقرر إجراؤها في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وبين انفراط عقد تحالفات قديمة وتشكيل تحالفات جديدة ستدخل حلبة التنافس الانتخابي بقوة، ستكون...
اياد العنبر

في عصر جديد، الطرق مفتوحة أمام المثقف ليؤدي دوره

حيدر نزار السيد سلمان من نافل القول أن الابداع يرتبط بوثاقة مع المناخ الحُر، والمجتمعات غير المغلقة ذات الثقافة التسامحية قادرة على استيعاب الجديد من كل شيء ومنها الافكار، وطبقاً لذلك يتسائل الناس عن...
حيدر نزار السيد سلمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram