الموصل/ سيف الدين العبيدي
حلمٌ راودها منذ طفولتها بأن تقود طائرة وتحلق في السماء، درست، ثابرت، باغتت الظروف وتغلبت على المعوقات، عزمت على تحقيق رغبتها بأن تكون مثل الطير الحر، وحققتها في بداية فترة حياتها الشبابية التي تعيشها الان، لتسجل اسمها بتاريخ الطيران العراقي بكل فخر، بنت الموصل (عطاء الرحمن عبد الرحمن) اول فتاة عراقية موصلية تحصل على رخصة الطيران المدني من الاكاديمية الأردنية.
تتحدث عطاء ذات الـ٢١ عاماً في اول مقابلة صحفية لها انفردت بها (المدى)، عن مشوار حياتها الشخصية والدراسية، حيث ولدت في العاصمة بغداد من اب وام موصليين وتعيش ما بين دار السلام وام الربيعين منذ صغرها وحتى اليوم، والدها كان يعمل تاجراً وبحكم عمله كانت تسافر معه كثيرا عبر الطائرات فزرع السفر بداخلها رغبة تولي قيادة الطائرة، درست هندسة الطيران في جامعة الفراهيدي ببغداد لمدة سنة ونصف ولكن رغبتها الكبرى كانت الدراسة باكاديمية تخصصية في الأردن، التي أعادت افتتاح ابوابها قبل عامين بعد ان كانت مغلقة بسبب جائحة كورونا، فقطعت دراستها الجامعية وانتقلت بشكل سريع إلى دراسة الدبلوم في عمان.
ومع انها واجهت صعوبة كبيرة في بداية مشوارها الدراسي التي استغرقت ٢٢ شهراً، حيث كانت يومياً تستغرق ٧ ساعات متواصلة بالدراسة النظرية او التطبيق العملي، ما ادى إلى تعب وجهد بدني كبير.
كانت في بداية الامر قد تواصلت مع اكاديمية الطيران في الاردن عن طريق الانترنيت وقامت بالتسجيل ودفع الرسوم ثم بعد ذلك سافرت إلى العاصمة عمان واجرت فحصا طبيا واختبارات في اللغة الإنكليزية والفيزياء والرياضيات.
وتكمل حديثها بقولها "الدراسة كلفتني ٧٠ الف دولار شاملة لتكاليف الامتحانات والرخص والتصاريح الامنية داخل المطار، واخترت الاردن لأنها دولة قريبة على العراق وباستطاعة الاهل مرافقتي بسهولة، واول رحلة بقيادتي كانت على طائرة شراعية حلقت فيها بين الجبال".
تقول عطاء إن جميع الرحلات كانت على طائرات شراعية إلى جانب وجود طيران نموذجي لنوعي الايرباص والبوينغ وتدربت عليها في الكورس الاخير من الدراسة، وقد خاضت لغاية الآن اكثر من ١٠٠ رحلة مقسمة على ٢٢٥ ساعة، من ضمنها ٥٥ رحلة منفردة والبقية برفقة المدربين، كانت جميعها في اجواء المملكة الاردنية وبالتحديد في منطقتي وادي رم والعقبة.
منذ تخرجها قبل اشهر ولغاية اليوم تلقت عطاء عروضا من شركات طيران خارج العراق منها "جوردن افيشن" و"فلاي جوردن" وهي شركات اردنية بالإضافة إلى شركة "سلام اير" من سلطنة عمان ولم توافق عليها لأنها تحب ان تخدم بلدها وان تكون ضمن كادر الناقل الوطني لخطوط الجوية العراقية وتهبط على ارض مطار الموصل الدولي.
وتتكلم عطاء عن ابرز المشاكل التي حدثت معها خلال الرحلات التدريبية وهما مشكلتان، اولهما هي توقف بمحرك الطائرة في أول رحلة لها وكانت تحلق فوق المطار واستطاعت إجراء هبوط اضطراري ونجحت في ذلك، والمشكلة الثانية هي حصول انقطاع في الاتصال بسبب وجود عاصفة عند رحلة برفقة طائرات اخرى مع زملائها بمدينة العقبة واستطاعت بعدها بدقائق إعادة الاتصال وزودت زملاءها بالمعلومات الذين كانوا يحلقون وراءها ومن بينهم كان مدربها وحصلت بسببها على شهادة تقديرية.
بنت ام الربيعين اعربت عن سعادتها الكبيرة وهي تقرأ المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالموصل التي نشرت عنها في اول ايام تخرجها، عندما انتشر خبر حصولها على شهادة الاكاديمية شعرت بالفخر والفرحة بدعم أبناء مدينتها لها.
عطاء بختام حديثها لـ(المدى)، شجعت ودعت الفتيات على الدخول في هذا المجال وان الخطوة الاولى للمشوار هي كسب دعم اهاليهم.