بغداد/ تميم الحسن
تتصاعد ترجيحات اقالة وزير الكهرباء على خلفية ازمة الطاقة الاخيرة ليكون خامس وزير كهرباء يطاح به منذ 2006. ويعيش الإطار التنسيقي في وضع لا يحسد عليه بسبب مخاوف توسع الاحتجاجات ضد تراجع ساعات تجهيز الكهرباء.
وفي وقت لاحق تداولت معلومات عن احتمال اجتماع التحالف الشيعي مرة اخرى بشأن الكهرباء بحضور رئيس الحكومة. يفترض انه عقد مساء أمس.
وتتزايد التظاهرات الغاضبة مع استمرار تصاعد درجات الحرارة التي تقترب من الـ50 درجة مئوية خاصة في الجنوب.
وتحاول اغلب وسائل الاعلام القريبة او التابعة لـ»الاطار» التكتم على الاحتجاجات في وقت يستعد فيه الاخير للتحضير الى الانتخابات المحلية.
وتسببت ازمة الكهرباء في السنوات الـ17 الاخيرة باستقالات واستجواب وصدور احكام نحو 15 مرة ضد 10 وزراء في 7 حكومات متتالية.
وقبل سنة واحدة فقط تم استدعاء نحو 3000 مسؤول في وزارة الكهرباء من بينهم 12 وزيرا ووكيلا للوزارة.
وتقول وزارة الكهرباء بانها لم تسدد «فاتورة» ديون الغاز الايراني المستخدم في تشغيل محطات الطاقة، وهو خلاف ماذكره الوزير قبل شهرين.
ووفق تصريحات المتحدث باسم الكهرباء احمد موسى، فان وزارته ليست معنية بنقل الاموال الى ايران بعد ان سددتها الى مصرف الـ(TBI).
واكد موسى ان: “الجانب الإيراني أبلغنا بأنه حتى الآن لم تصل الأموال إليه” ما ادى الى انخفاض الغاز من 45 مليون متر مكعب إلى 20.
وكان وزير الكهرباء زياد فاضل اعلن في حزيران الماضي، عن تحويل جميع المبالغ التي تستحقها إيران فيما يتعلق بالغاز المورد إلى العراق.
وقال نائب وزير النفط الإيراني لشؤون الغاز، مجيد تشنغي، قبل ايام إن وزارة الكهرباء العراقية، سددت لإيران جميع الديون المتعلقة بالغاز.
كذلك قال رئيس غرفة التجارة الإيرانية العراقية يحيى آل إسحاق، مطلع تموز الجاري، إن العراق قام بسداد المستحقات الإيرانية البالغة 10 مليارات دولار.
لكن هذا الكلام تبدل بعد بيان الاطار التنسيقي في اجتماعه الاول حول الكهرباء مطلع الاسبوع الحالي، الذي اتهم فيه الولايات المتحدة بعرقلة وصول الاموال الى طهران، وحذر من استخدام الملف “سياسيا”.
كما ايد السفير الايراني في بغداد بيان الاطار التنسيقي، بان أزمة الكهرباء في العراق سياسية وأمريكا هي السبب.
وكتب السفير محمد كاظم آل صادق على توتير: “ترتفع وتيرة الأصوات الوطنية المطالبة بإخراج ورقة الكهرباء من التعامل السياسي الأمريكي واستغلاله لضرب الشعوب مع تزايد درجات الحرارة”.
واضاف أن “المطالب بتحقيق السيادة الاقتصادية للعراق، تضع الإصبع على الجرح، وتعتبر تشخيصاً دقيقاً للأزمة تستحق الشكر”.
ولخروج التحالف الشيعي من الازمة التي يخشى ان تقلب الشارع ضده فان احد الحلول المطروحة هو اقالة وزير الكهرباء.
وكانت مصادر سياسية قد سربت معلومات عن ان رئيس الحكومة قد منح الوزير حتى يوم جلسة مجلس الوزارء (امس الثلاثاء) لايجاد بدائل او الاقالة.
واول امس دعا محمد السوداني خلال لقائه مع كوادر الكهرباء الى “ تزويد المولدات الأهلية بالوقود مجاناً”، ومحاولة استيراد غاز من “تركمانستان وقطر”.
لكن احسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي قال لـ(المدى) ان “ايران لن تسمح بان يغير العراق مصدر الحصول على الغاز”.
وتبعد تركمانستان عن العراق اكثر من 20 الف كليو متر مما قد يجعل هذا البديل غير منطقي، بحسب خريطة نشرها النائب المقرب من “الاطار” مصطفى سند.
وعلى هذا الاساس يبقى خيار اقالة الوزير زياد فاضل هو الاقرب الى الواقع لحين انتهاء الـ60 يوما القادمة التي يتوقع انها الاكثر ارتفاعا بدرجات الحرارة.
وفي هذا الشأن يقول النائب مصطفى الكرعاوي انه: “وسط الازمة الصعبة فان وزير الكهرباء غير موجود في الوزارة منذ ايام، بحسب مقاطع فيديو نشرها نواب ذهبوا للقائه”.
ويفترض ان يقدم البرلمان اسئلة شفوية الى وزير الكهرباء بـ”حضور الوزير” عن ملف الطاقة الى جانب وزير النفط.
ويؤكد الكرعاوي عضو اللجنة المالية في حديث لـ(المدى): “يفترض ان تسبق الأسئلة والاستجوابات استضافة للوزراء في البرلمان”.
وكان نواب قد جمعوا تواقيع لاستجواب وزراء الطاقة اضافة الى وزيري الزراعة والموارد المائية وسط توقعات بحدوث تغيير وزاري مرتقب.
ويضيف الكرعاوي: “لم نناقش قبل العطلة التشريعية تلك الاستجوابات، وستتضح الامور بعد ايام قليلة حين تعود الجلسات”.
وخلال وزارات الكهرباء السابقة، دعا واستجوب البرلمان 5 وزراء، أبرزهم قاسم الفهداوي في 2015.
وفي 2019 قالت لجنة النزاهة ان محمد الحلبوسي، رئيس المجلس، وافق على فتح تحقيق مع كل وزراء الكهرباء منذ عام 2006.
ومن ضمن 11 وزارة (ضمت 10 وزراء) خلال تلك الفترة تمت اقالة واستقالة 4 وزارء اخرهم ماجد حنتوش في 2021.
كما صدرت احكام واتهامات ضد 4 وزراء اخرهم لؤي الخطيب في 2022 حيث حكم عليه بالسجن سنة مع وقف التنفيذ.
وفي السنة نفسها اعلنت هيئة النزاهة استدعاء 2654 مسؤولا في وزارة الكهرباء للتحقيق بملف الطاقة من بينهم 12 وزيرا ووكيل وزارة.
وقبل سنة من التاريخ الاخير في 2021 اعلن حسن الكعبي نائب رئيس البرلمان السابق، عن احالة 46 ملف فساد عن الكهرباء الى القضاء.
ووسط ذلك فان منصات التواصل الاجتماعي تنقل اخبارا وصورا عن احتجاجات في بغداد ومدن الجنوب والوسط وديالى كذلك بسبب تردي الطاقة، فيما تتجنب قنوات التلفزيون تلك الانباء، بحسب احسان الشمري.
ويقول الشمري وهو باحث في الشأن السياسي ان “الاطار التنسيقي في بيانه الاخير كشف عن عجزه عن حل المشكلة وسوف يحاول التحرك على 4 مستويات”.
الاول الاستمرار في اتهام الولايات المتحدة، والثاني ايجاد بديل عن ايران “وهو اجراء لن تسمح به طهران”.
والثالث التفاهم مع ايران لاستئناف ضخ الغاز، والاخير هو”اقالة وزير الكهرباء او مسؤولين اخرين في الوزارة”.