وديع غزوانفي حين يسعى الائتلاف الكردستاني الى تحريك الجمود الذي ساد محادثات الكتل السياسية بشأن تشكيل الحكومة , وعرض ورقة عمل تتضمن ( مشروعاً لتشكيل حكومة شراكة وطنية ) , ما زالت غالبية الاطراف الاخرى مصرة على مواقفها السابقة , ولم تتقدم خطوة واحدة باتجاه الاتفاق على آلية مناسبة تخرج البلد من هذا الوضع المربك .
ومع كل تصريحات الكرد الايجابية والمطمئنة وتأكيدهم حقيقة باتت واضحة للجميع بان دورهم هو الخروج بحل سريع لهذه الازمة , فان البعض ما زال , ومع الاسف , يطلق التصريحات التي اقل ما يقال عنها انها غير مسؤولة , وتسهم بزيادة تعقيد المشهد السياسي وتأزيمه . ويبدو ان تسمية القوى السياسية متحدثاً باسمها و تأكيداتها لعناصرها بعدم التصريح , لم تفلح في كبح جماح البعض ممن لديه عطش قديم للتصريحات والظهور على الفضائيات, وهي صورة سلبية اخرى لهذه الاطراف امام المواطن المبتلى . ما نريد ان نؤكده هنا هوان الاطراف السياسية مدعوة الى اتخاذ موقف وطني واضح , يسرع بتشكيل الحكومة , وان تتوجه بانظارها صوب حاجات المواطن بدلاً من ترقب البعض منها تدخلاً دولياً او اقليمياً ينقذ الموقف , وهو ما يفترض ان لايقبله اي كيان يحترم ارادة ناخبيه , كما ان عليها ان تمارس الديمقراطية على حقيقتها مع نفسها اولاً , واشراك اكبر عدد من ممثليها في المناقشات , بدلاً من اقتصارها على رؤساءالكتل في معظم الاحيان .صحيح ان الديمقراطية بمعناها الواسع ما زالت وليدة على مجتمعنا , الا ان هذا لايعطي المبرر لتمسك شخصيات سياسية بمواقفها بشأن اختيار رئيس الوزراء , الموقع الذي صار محل خلاف كبير بين الكتل الرئيسية , عدا الائتلاف الكردستاني, الذي اعلن منذ البدء انه يتعامل مع الكتل السياسية على وفق برامجها وتمسكها بالدستور وبالعملية السياسية. ولا ندري في ضوء هذه الصورة من العلاقات بين اطراف العملية السياسية التي كانت ,ويبدو انها ما زالت , مبنية على عدم الثقة بالآخر ,كيف سيكون شكل الحكومة مستقبلاً ؟ وما الذي يمكن ان تحققه من خطوات جادة لإصلاح ما شاب العملية السياسية برمتها من اخطاء ؟ ونحسب ان ما كان ينبغي على القوى السياسية ان تركز عليه في جولات حواراتها ,هو وضع معالم آليات وبرامج عمل المرحلة القادمة , ونظرتها الى الدستور وسبل الارتقاء بدور مجلس النواب ليمارس دوره الرقابي الفاعل وصلاحيات الحكومة , ليتسنى لها في ضوء ذلك بناء تحالفاتها على أسس صحيحة وواقعية , تكون نتيجته تشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية قادرة على النهوض بمهام المرحلة , غير ان اغلبها ـ وللاسف ـ ارتكبت نفس اخطاء السنوات السبع الماضية , وركزت كما يبدو في مناقشاتها على توزيع المواقع , وبذا سلمت مسبقاً بمبداً تغليب الثانوي على الرئيسي الذي يعني مصلحة الوطن والمواطن اولاً وقبل اي شيء آخر . هل يمكن لهذه الاطراف السياسية ان تعيد حساباتها وتتحاور على وفق نظرة عقلانية تنهي فيها ازمة تشكيل الحكومة ام تستمر بمواقفها , وبذا تبتعد عن طموحات العراقيين بكل مكوناتهم , وبالتالي تفقد ثقتهم التي اولوها اليهم ؟ هذا ما ستجيب عنه الايام .
كردستانيات: مصلحة الوطن أولاً
نشر في: 13 أغسطس, 2010: 08:13 م