بغداد/ تميم الحسن
اغلق أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نحو 20 مقرا حزبيا تابعا لحزب الدعوة في 10 محافظات. واظهرت بعض المقاطع اقتحام جمهور الصدر أحد المكاتب وتمزيق صور رئيس الحزب وزعيم دولة القانون نوري المالكي.
الصدر بدوره اعتبر ما جرى بانه حركة "ثورية" لإيقاف التعدي على العلماء، وذلك ردا على بيان من "الدعوة" حذر فيه الاخير من "الفتنة".
وجاءت الحملة عقب تغريدة من أحد قيادات الخط الاول في التيار اتهم فيها حزب الدعوة بشن حملات مسيئة ضد محمد صادق الصدر (والد مقتدى الصدر).
وتنشغل القوى الشيعية (الإطار التنسيقي) هذه الايام بالاستعدادات للانتخابات المحلية وسط انباء عن خلافات حول تشكيل القوائم المتنافسة.
وحتى الان لم يحسم الصدر، المعتكف منذ نحو عام عن التصريحات السياسية، موقفه من المشاركة او مقاطعة الانتخابات التي يفترض ان تجري قبل نهاية العام الحالي.
وكان انصار الزعيم في مثل هذا الشهر قبل عام قد اقتحموا البرلمان اكثر من مرة قبل ان يقرروا "الاعتصام" لمدة شهر انتهت باشتباكات مسلحة داخل المنطقة الخضراء.
وترى مصادر سياسية قريبة من التيار الصدري ان مايجري هو مقدمات لـ"مكاشفة سيقوم بها زعيم التيار للقوى السياسية بعد صمته الطويل".
وتقول هذه المصادر لـ(المدى) ان "هناك تحركات وراء الكواليس تعمل ببطء للتحضير لخطاب مهم للصدر حول كل المشهد السياسي".
وبدأت اولى الخطوات مساء السبت، حين قام شباب غاضب من التيار باغلاق 18 مقرا لحزب الدعوة وائتلاف دولة القانون ونوابه.
واغلق المحتجون 3 مكاتب للحزب في بغداد (الكاظمية، الشعلة، ساحة مظفر)، ومقرين في بابل، ومكتب للنائب ياسر صخيل (قريب المالكي) في كربلاء.
كما اغلقوا مقرين في النجف وكذلك في ديالى والبصرة وذي قار، ومكتب واحد للحزب في المثنى وميسان، وكتبوا على الجدارن "مغلق باوامر ابناء الصدر".
واظهرت مقاطع بثت على منصات اخبارية قريبة من التيار، شباب يمزقون ويدوسون على صورة المالكي في احد المقرات التي تم اغلاقها.
بالمقابل نقلت صور اخرى تعزيزات امنية قامت بها مقرات تابعة لمنظمة بدر بزعامة هادي العامري.
وصباح امس، رد الصدر على بيان لحزب الدعوة حول الاحداث الاخيرة، شكر فيه ماجاء في البيان مستثنيا المالكي.
وقال صالح العراقي نقلا عن الصدر في تغريدة على تويتر: "اطّلعت على بيان الأخوة في (حزب الدعوة) بعيداً عن توجّهات كبيرهم (في اشارة الى المالكي) وبعيداً عن مليشيات مواقع التواصل الاجتماعي كحركة (بشائر الشر)"، ويقصد حركة بشائر الخير التي يتزعمها ياسر صخيل.
واضاف الصدر: "فشكراً لتجاوبهم مع مطلبنا بسنّ قانون يجرّم التعدّي على العلماء بغير وجه حقّ".
وتابع الصدر متحدثا عن انصاره بانهم: "لم ولن يفعلوا شيئاً إلا بعد مراجعة الحوزة.. وما حدث في الامس إنما هي حركة عاطفية صدرية عفوية بل هي ثورية لإيقاف التعدّي على العلماء بعد دفاعهم عن القرآن ونبذ الفاحشة".
وفيما يبدو وكأنه نداء الى جمهوره بعدم الاستمرار في التصعيد، قال الصدر: "آملاً منهم أن يعطوا الفرصة لمن بقي من المخلصين في حزب الدعوة ومن معهم في تحالفهم(...) لسنّ هذا القانون تحت قبة البرلمان..".
وكان حزب الدعوة قد حذر في بيان مما اسماه "فتنة عمياء"، وقال ان مايجري هو "هدف الأعداء الذين يتربصون الفرص من اجل الاجهاز على كل القوى الفاعلة والخيرة في المجتمع".
وأضاف "إننا ومن واقع مسؤوليتنا الشرعية والسياسية والوطنية والاخوة الايمانية نهيب بالجميع اجهاض مخططات الفتنة بالمزيد من اليقظة والحكمة والحرص على الدماء والارواح وهذا ما نعهده لدى كل القوى المخلصة".
واستنكر الحزب المساس بشخص المرجع محمد الصدر: "من قبل اي كان باعتباره مرجعا وشهيدا نكن له كل الاجلال والاحترام، كما اننا نستنكر حملة الاعتداءات على مكاتب حزب الدعوة الاسلامية وحرقها".
كما دعا حزب الدعوة، مجلس النواب الى "تشريع قانون يرفض المساس بمراجع الدين العظام الشهداء منهم والاحياء انسجاما مع الدستور، ونأمل من جميع الكتل دعم هذا التوجه التشريعي في المجلس".
وأكد أن "وأد الفتنة واجب شرعي وسياسي ووطني وعلى الجميع ان يسعوا من اجل إزالة كل لبس في موقف او رأي قبل ان يتحول إلى نار تحرق البلاد والعباد. فطالما دعونا الى الحوار ومددنا ايدينا لكل الشركاء والاخوة".
وقبل ذلك كان حزب الدعوة قد نفى تبنيه لصفحات تروج للإساءة للمرجعيات الدينية، ردا على تغريدة الرئيس السابق لكتلة الصدر في البرلمان حسن العذاري.
وقال الحزب في بيان: "انتشرت في الآونة الاخيرة أوراق ورسائل صفراء تدعي ان صفحات محسوبة على الامين العام نوري المالكي، او محسوبة على اعلام دولة القانون وانها تسيء للمراجع العظام، والحقيقة انه لا وجود لأي صفحات متبناة من قبل الأمين العام المالكي او دولة القانون تنشر مثل هذه الإساءات".
وأضاف أن "ما ينشر في هذا الاطار لا يتعدى ادعاءات وتزييفات تريد أن توقع الفتنة بين الاخوة".
وقال حسن العذراي مساء السبت في تغريدة "إنتشرت في الآونة الأخيرة وبصورة ملفتة للنظر مقاطع ومنشورات في مواقع التواصل الإجتماعي تسيء الى سمعة وسيرة سيدنا الشهيد محمد الصدر (قدس سره) وتتهمّه بالعلاقة من نظام البعث المقبور".
واضاف: "ويبدو أن ذلك يتمّ من خلال حملة إعلامية منظمة تقودها بعض الجهات (الإطارية) كحزب الدعوة وبعض جهات (المعارضة) التي كانت في المنفى.. وسط سكوت من العصائب".
وقبل اقل من اسبوع اتهم صدريون، عصائب اهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، باستهداف منزل احد قيادات التيار في البصرة برمانة يدوية.
ونظم انصار التيار تظاهرات امام القصور الرئاسية في البصرة التي تضم داخلها مقرات للحشد والفصائل، بعد انباء عن اختباء منفذ الهجوم هناك، بحسب ماشوهد في كاميرات المراقبة.
وسبق ان شهد التيار وجيش المهدي (حل عام 2007) مواجهات مع قوى شيعية ابرزها ما جرى بينه وبين منظمة بدر في عامي 2005 و2007.
كما حدثت مواجهات بين الصدريين وعصائب اهل الحق في 2013 و2014، وتجددت اخيرا بين الطرفين في البصرة بعد اشتباكات آب الماضي في المنطقة الخضراء.
في غضون ذلك اعتبر محمد نعناع الباحث والمراقب للشأن السياسي، ان ماجرى مساء السبت هو "رد فعل على استفزازات يقوم بها اطراف في الاطار التنسيقي وخاصة حزب الدعوة".
وقال نعناع لـ(المدى) ان "الدعوة يفقد السيطرة الان على مفاصل الدولة والحكومة لانها تحولت الى يد العصائب، لذلك يحاول اثارة المشاكل لاحراج الحكومة".
ويرى الباحث ان الان هو افضل توقيت لكي يقوم فيه حزب الدعوة بـ"اثارة الفوضى والتشنجات" واستفزاز الصدريين بسبب قرب الانتخابات المحلية.
ويتابع ان "ردة فعل الصدريين كانت بسيطة لكنها قد تكون اكبر واخطر اذا استمرت هذه الاستفزازات"، مبينا ان زعيم التيار سيدعو بشكل مباشر الى "وقف التصعيد حتى لايسحبهم حزب الدعوة الى خانة التخريب".