منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، ظل الأردن حليفاً له بشكل جماعي، وبالعلاقات الفردية المتميزة، ليس بدافع استجلاب المساعدات فقط، وإنما خضوعاً لدكتاتورية الجغرافيا من جهة، ورضوخاً لمبدأ التعاون بين أنظمة متشابهة إلى حد ما، وقناعة بأن الأمن الجماعي مسؤولية مشتركة، ينهض الأردن بحكم الخبرة بالجانب الأكثر تأثيراً فيها، وليس سراً أن خبرات الأمن الأردني المهنية، كانت على الدوام في خدمة دول الخليج، بدون منة أو تبجح، فعمان ظلت على قناعة بدورها في هذا المضمار، وهو نفس الدور الذي لعبته خبرات الجيش الأردني، في إنشاء جيوش احترافية في دول تلك المنظمة.
أما في المجالات الأخرى، فقد ظل العنصر الأردني أساسياً، في التعليم والصحة والإعلام، وكان الأردني مفضلاً، بسبب التشابه في العادات والتقاليد، والتقيد بأداء وظيفته بشكل ممتاز، لا يستحق غير الرضا، صحيح أن العمالة الأردنية في الخليج، كانت مصدر دخل مهم ومجز لآلاف العائلات الأردنية، لكنها كانت أكثر أهمية من حيث حجم إنجازاتها، وهي إنجازات كنا نتوقع ونأمل أن يظل صداها طيباً وإيجابياً، ولن نكون ناكري جميل، بنسيان المساعدات التي تلقاها الأردن من تلك الدول، على مدى تاريخ العلاقة بين الطرفين، وهي مساعدات كانت السبب في عبور الأردن للكثير من الأزمات، التي كادت تعصف به، ولا ينكر ذلك غير قليل الأصل، والأردنيون ليسوا كذلك.
المثير للاستغراب هو الموقف الخليجي من ما يجري في الأردن، وقد عصفت به ضائقة اقتصادية عميقة، بسبب ارتفاع أسعار النفط، وهو ارتفاع عاد على دول الخليج بفوائد مالية كبيرة، لا نحسدها عليها، لكننا كنا نتوقع أن يتبين صاحب القرار الخليجي، التأثير السلبي لهذه الثورة في أسعار النفط على الأردن، فيمد يد العون، ليس من باب واجب الأخوة، بقدر ما هو استجابة للمصلحة الواضحة، وملخصها باختصار، هو أن أمن الخليج مرتبط بشكل وثيق بأمن الأردن واستقراره، وأن اكتواء الأردن بنيران أزمته، سيطلق شرراً لن تنجو منه الدول المجاورة، ومنها العراق، وستدفع كل تلك الدول أثماناً مضاعفةً لموقفها المنصرف عن الدولة الصغيرة والفقيرة اقتصادياً،ولكن بما لا يمنعها من أداء الدور الأكثر أهمية في الحفاظ على أمن المنطقة.
في وقت تتنافس فيه المحاور على قيادة المنطقة، يبدو وكأن الدول الخليجية تدفع بالأردن إلى المحور المنافس، الذي يفتح له ذراعيه على اتساعهما، ويبدو وكأن على الأردن أن يلجأ إلى الخيار الأصعب، ليتمكن من اجتياز أزمته الراهنة، ويبدو أن لاأحد يدرك تداعيات ذلك إن حدث، نعرف أن السياسة تتأصل على المصالح، وإن كان من مصلحة الدول الخليجية اليوم، أن تتخلى عن الأردن، أو تماطل في مساعدته، فإن مصلحة الأردن قد تدفعه مكرهاً إلى التخلي عن دوره الأمني الراهن، والذي يصب في مصلحة المنظومة الخليجية، بأكلافه المالية المرتفعة، والتي تحملها الأردن حين كان قادراً على تحملها، والتي يبدو أن عليه اليوم التخلص من عبئها.
جميع التعليقات 1
اياد الجصاني
لا مفر من اعتماد الاردن على نفسه ومن يساعده حتى الان فمنذ زمن والعراق يقدم ما يحتاجه الاردن من نفط وباسعار زهيدة حتى انه رفعها من 10 الى 35 الف طن من النفط مؤخرا. لكن اين ترشيح الاردن بالانضمام الى مجموعة دول مجلس التعاون ؟ اعتقد ان ما يشير اليه الكاتب من