إعداد: عادل العاملتختلف الظروف الاجتماعية و الاقتصادية والحضارية في صدر الإسلام، كما هو معروف، عمّا هي عليه اليوم. فقد كان كل شيء يتّسم بالبساطة و التواضع و احترام الدين الجديد. فكان لشهر رمضان طابعه الروحي البعيد عن المبالغة و الاسراف و التباهي بالمآكل و المشارب و الطقوس الاحتفالية.
لكن هل يكفي التأكيد على هذه البساطة التي عُرف بها أسلافنا التقاة الأوائل ليتغير كل ما نحن فيه اليوم من مظاهر غريبة عن روح هذا الشهر الفضيل؟ بالتأكيد لا. فلكل عصر طبيعته و تقاليده و سماته التي تكونت على مدى قرون عديدة وبفعل عوامل شتى، وليس بمقدور أحد تغييرها، ربما إلاّ إذا عاش منفصلاً عن عصره منعزلاً عن غيره من الناس!.و ما دام الأمر هكذا ، فلندع البساطة و شأنها، و لنلتفت نحو ما هو أهم على صعيد التعامل اليومي، وأبسط على المعالجة، و أكثر تعبيراً عن صدق الإيمان لدى الفرد المسلم، و ليكن، مثلاً، مزاج الصائم في هذا الشهر المبارك. فهناك من الناس مَن تنزل السكينة على نفسه و يزيده الصوم لطفاً و عطفاً و تورعاً عن فعل السوء و قوله، فترى إليه و كأنه من الزهّاد الصالحين الذين أنعم الله عليهم بهدوء النفس والتلطف في معاملة الغير، بينما هناك مَن يغير الصومُ مزاجه فيصبح متوتراً خشناً في سلوكه مع الناس، خاصةً في أيام الصوم الأولى. و هذا التغيّر الحاد في المزاج هنا لا يتفق والحكمة من أداء هذه الفريضة الدينية التربوية الموجهة إلى الله تعالى أصلاً و الهادفة إلى السيطرة على نزعات النفس و الصبر و الإحسان. و عليه ، فما معنى أن يصوم المرء و هو غير قادر على كبح جماح أعصابه الثائرة لأقل إزعاج ؟! بالتأكيد إن سلوكاً كهذا لا يمكن أن يجعل من صومه فريضةً مقبولة ، أو يحقق له لدى الناس من حوله شيئاً من المودة و الاحترام و الذكر الطيب ، و هذا أقل ما يقال في ذلك.من عيون الشعرقال أبو الأزهر النحوي: ما أنعمَ اللهُ على عبدِهِ بنعمةٍ أوفى من العافيةو كلّ مَن عوفيَ في جسمهِ فإنّهُ في عيشةٍ راضيــةو المالُ حلوٌ حسَنٌ جيدٌ على الفتى لكنّه عاريـةوأسعدُ العالَمِ بالمالِ مَن أدّاهُ للآخــــــرةِ الباقيةما أحسنَ الدنيا و لكنّها معْ حسنها غدّارةٌ فانيةrn
مزاج الصائم في شهر الرحمة و المغفرة
نشر في: 14 أغسطس, 2010: 05:49 م