ذكرت فوكس نيوز إن دبلوماسيا عراقيا دعا البلدان العربية المنتجة للنفط الى "استخدام النفط كسلاح" ضد الولايات المتحدة، كما لو أن هذا الخبر مفاجأة لا يعرف بها أحد. واضافت فوكس قائلة "ان تصريح الدبلوماسي العراقي، بعد ان قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها باسقاط صدام في حرب دموية مكلفة، يكشف الولاء الحقيقي للعراق".
يعتقد الاميركان ان على العراقيين ان يكونوا ممتنين للولايات المتحدة لغزوها بلدهم و تدمير بنيتهم التحتية وقتل مئات الالاف من المدنيين الابرياء وتشريد الملايين من ابنائهم. ويعتقدون ايضا ان الحكومة التي نصبها الاميركان بعد إسقاط الدكتاتور لن تقف ضد الدعم الأميركي لإسرائيل.
هذه القضية ترتبط ببقية القضايا بل إنها موضوع متكرر يناقض الادعاءات الرسمية. لقد فشلت السياسة الخارجية للولايات المتحدة على مدى المئة عام الماضية ومن دون استثناء.
طالما أخبرت الإدارة الاميركية مواطنيها بان للولايات المتحدة "دورا متميزا" في العالم بسبب كونها القوة الجبارة الوحيدة و بسبب الدور الذي لعبته على مدى القرن الماضي في "الدفاع عن الحريات". هذا بالتأكيد وهم من الاوهام. نسبة قليلة من الاميركان يعرفون ان اسامة بن لادن لم يؤسس القاعدة؛ حيث ان القاعدة بدأت في باكستان على يد الشيخ عبدالله عزام بدعم من وكالة المخابرات المركزية، حسب المراسل الحربي ايريك مارغوليس الذي كتب يقول "أعرف هذا لأني اجريت مقابلات عدة مع عزام في مقر القاعدة في بيشاور اثناء تغطية الجهاد ضد السوفييت في افغانستان. أسس عزام القاعدة لمساعدة وكالة المخابرات المركزية والمتطوعين العرب المدعومين ماديا من السعودية الذاهبين للقتال في افغانستان المحتلة من السوفييت. في تلك الايام ابتهج الغرب بهم على انهم مقاتلون في سبيل الحرية".
هذا ليس شيئا جديدا، فالولايات المتحدة كانت ومازالت تخلق وحوشا من خلال التدخلات العسكرية أو السرية ثم تخسر الدماء والاموال في محاربتهم منذ ان تخلت عن سياستها الخارجية في عدم التدخل مطلع القرن العشرين.
معظم الاميركيين لا يدركون بان اليابان الاستعمارية وألمانيا النازية كانتا نتيجة للسياسة الخارجية الأميركية المذكورة كما يقول ويل كريغ "كان لليابان دور في رؤية تيودور روزفلت للباسفيك ( المحيط الهادي ) ، حيث أخبر روزفلت البارون كينتارو كانيكو المبعوث الياباني الى الولايات المتحدة قائلا "مادامت اليابان تراقب روسيا وتؤدي دورها في فتح الصين لشركاء واشنطن وليس لها دور في المستعمرة الاميركية في الفلبين، فيمكنها السيادة على كوريا ومنشوريا بموجب نصوص مبدأ مونرو في آسيا". من السخرية أن نوعز دفع اليابان للحرب الى محاولتها غزو الصين. ثم ان تحول اليابان الى امبراطورية توسعية كان نتيجة لدعم الحكومة الاميركية و تشجيعها.
كانت لسياسة التدخل الأميركي نتائج عكسية مماثلة في المانيا. فلو أخلص وودرو ويلسون لناخبيه الذين أعادوا انتخابه لأنه "أخرج الأميركان من الحرب"، لما ظل ذلك الصراع يشكل مأزقا، ولما كانت المانيا توقع معاهدة فرساي ولم تعان من مصاعب اقتصادية أدت إلى صعود هتلر إلى السلطة.
نفس النتائج تمخضت عن التدخل الاميركي لمنع انتشار الشيوعية. البلدان الشيوعية الوحيدة التي بقيت هي كوريا الشمالية و كوبا التي بقيت حكوماتهما القمعية في السلطة بسبب دعم الولايات المتحدة لها. من جانبها بدأت فيتنام باصلاحات تجاه اقتصاد السوق بعد اثني عشر عاما من طرد الغزاة الأميركان. قررت الولايات المتحدة إتباع نهج دبلوماسي مع الصين التي تحولت أيضا باتجاه اقتصاد السوق.
التنين التالي الذي يقف في طابور الذبح هو إيران. افتراضيا، من غير المعقول أن تعتقد الحكومة الأميركية بان السماح لحكومة إيران بامتلاك سلاح نووي سيؤدي الى كارثة، وتناسى الجميع كيف جاءت تلك الحكومة إلى السلطة . في عام 1953 اسقطت المخابرات المركزية والاستخبارات البريطانية رئيس الوزراء الإيراني المنتخب بأسلوب ديمقراطي محمد مصدق بسبب تأميمه لصناعة النفط الإيرانية، مما نتج عنه تنصيب الولايات المتحدة و بريطانيا للشاه محمد رضا بهلوي. كان الشاه مكروها من الشعب الإيراني بسبب صورته كدمية بيد الغرب وقمعه الوحشي لمعارضيه. في عام 1979 انهت الثورة الايرانية 2500 عام من الحكم الملكي المستمر وأسست الجمهورية الإسلامية. هكذا جاء حكام ايران الحاليون الى الحكم كنتيجة مباشرة للتدخل الأميركي.
على مدى اكثر من مئة عام، استمر رؤساء الولايات المتحدة في إتباع سياسة عدم التدخل التي انتهجها جورج واشنطن. ففي خطابات التنصيب كانوا يؤكدون ذلك كسبب لحرية اميركا وازدهارها. لكن منذ التخلي عن سياسة عدم التدخل، راحت السياسة الخارجية للولايات المتحدة تنتقل من فشل الى فشل، مما جعل الأميركان أكثر فقرا و اكثر مقتا من قبل العالم واقل حرية في بلدهم. لقد آن الأوان للعودة الى الافضل، لأن الشعب الأميركي لا يستطيع تمويل المزيد من الأخطاء.
عن : الواشنطن تايمز