إيمان محسن جاسمكاتبـةتثار كثيرا قضية ربط التنمية بعملية الإصلاح , ونقصد بالإصلاح هنا إصلاح النظم السياسية والاقتصادية وتطبيق المعايير الدولية في مجالات عديدة في مقدمتها حقوق الإنسان والالتزام بالإعلان العالمي في هذا المجال. وأية عملية إصلاح بالتأكيد تحتاج لدراسات مكثفة وآليات عمل ومسح ميداني لواقع الحالة المراد دراستها مع الأخذ بنظر الاعتبار عوامل عديدة تتداخل فيما بينها.
ونحن في العراق نسمع ونتابع كثيرا عن خطط تنموية غايتها النهوض بالبلد ورفع المستوى المعيشي للسكان وإدامة الاقتصاد العراقي وتنويع مصادره وعدم الاكتفاء بواردات النفط , ورغم كل هذا فأن الكثير من هذه الخطط تكون بعيدة عن المعايير الدولية التي تم الاتفاق عليها دوليا في المؤتمر العالمي الثاني لحقوق الإنسان الذي عقد في فيينا عام 1993، على أن التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان هي مترابطة ومعتمدة على بعضها البعض فلا نجاح في تحقيق أي منها دون الأخرى. ومنذ ذلك الحين انصب الاهتمام على التفاصيل وعلى وضع الآليات والإجراءات الكفيلة بتوسيع هذه المفاهيم وترجمتها إلى فعل على أرض الواقع. واستندت الكثير من هذه الدراسات والآليات إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وآليات حقوق الإنسان المختلفة بما فيها على وجه الخصوص إعلان الحق في التنمية الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1986. من ضمن هذه النشاطات، قام بعض الخبراء بدراسةْ تعرّف الفقر على أنه حالة انعدام القدرة على التمتع بالعيش بكرامة، موضحين أنه لكل إنسان حق أصيل في التمتع بحريات أساسية بدونها تغدو الحياة الإنسانية الكريمة غير ممكنة. انتهاكات حقوق الإنسان تؤدي إلى حالة الفقر وحالة الفقر تولّد بدورها انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان، حلقة مفرغة يجب معالجتها في قطبيها. لذلك نستطيع القول أن من أفضل سبل محاربة الفقر هي العمل على تعزيز احترام جميع حقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والمدنية والسياسية والثقافية. ولكن لا يكفي أن نبذل جهودنا في الإطار القانوني فقط كما هو متوقع من نشطاء ومحامي حقوق الإنسان والمدافعين عنها، وإنما في الإطار السياسي والمهني المتعلق بكل جوانب الحياة، وأن يكون هنالك أيضاً توجه حقوقي في وضع السياسات والبرامج الهادفة إلى الحد من آفة الفقر وإيجاد المعالجة الضرورية لها . وعرف البنك الدولي الدول منخفضة الدخل أي الفقيرة بأنها تلك الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار، وعددها 45 دولة معظمها في أفريقيا، منها 15 دولة يقل فيها متوسط دخل الفرد عن 300 دولار سنويا , برنامج الإنماء للأمم المتحدة يضيف معايير أخرى تعبر مباشرة عن مستوى رفاهية الإنسان ونوعية الحياة مما وسع دائرة الفقر بمفهوم نوعية الحياة لتضم داخلها 70 دولة من دول العالم، أي هناك حوالي 45% من الفقراء يعيشون في مجتمعات غير منخفضة الدخل، أي هناك فقراء في بلاد الأغنياء، ويكتفي هنا بذكر أن 30 مليون فرد يعيشون تحـت خط الفقـر في الولايات المتحدة الأمريكية ,وخلال النصف الثاني من القرن العشرين كثر الحديث عن الفقر والفقراء في أدبيات الأمم المتحدة بالتوسّع من الظاهرة الاجتماعية في المجتمع الواحد إلى الظاهرة العالمية بتصنيف البلدان إلى غنية وفقيرة وبتحديد مقاييس ومؤشرات للفقر في مستوى البلدان وكذلك الأفراد مع مراعاة النسبيّة، فالفقير في أفريقيا لا يُقاس بالمقاييس نفسها التي يقاس بها الفقير في أمريكا أو بريطانيا. وفي الآونة الأخيرة برزت تقارير غير رسمية كثيرة تحاول جعل الفقر ظاهرة في العراق حيث أكدت بعض هذه التقارير إن عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر من 7 - 11 مليون مواطن ورغم هذا التفاوت في التقديرات المبالغ فيها إلا ان هذا لا يمنع من أن نعترف بان هنالك فقرا في العراق رغم الكثير من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية في توفير الكثير من فرص العمل ودعم شبكة الحماية الاجتماعية إلا ان كل هذه الإجراءات لم تحد من تدني مستوى المعيشة للكثير من العوائل العراقية التي تعاني من توفير مستلزمات كثيرة في مقدمتها توفير الطاقة الكهربائية والماء الصالح للشرب والذي تستنزف الكثير من مواردها القليلة إضافة إلى ضعف البنى التحتية والخدمات وارتفاع أجور الخدمات الصحية خاصة وان المستشفيات الحكومية لا تلبي الحاجة لمحدودية إمكانياتها , ناهيك عن العمليات الإرهابية التي تخلف مئات الضحايا سواء شهداء أو معاقين يضاف إلى ذلك بان أغلب العمليات الإرهابية التي حصلت في العراق في عام 2010 بالتحديد استهدفت الأسواق والمراكز التجارية الحيوية وهذا بالتأكيد يقلل من فرص عمل شرائح كبيرة تعتمد في معيشتها على العمل اليومي المرتبط بالأمن بصورة رئيسية , لذا نجد إن واحدة من أهم واجبات الحكومة العراقية القادمة والبرلمان هو سن القوانين والتشريعات الخاصة بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية فيما يتعلق بدعم الأسرة العراقية وانتشالها من حالة الفقر الذي تعيشه, ويتم هذا عبر وضع خطط مدروسة كفيلة بالحد من ظاهرة الفقر خاصة وان العراق مقبل على أكبر عملية تعداد للسكان في تاريخه وبالإمكان الاعتماد على مخرجاتها في معالجة الكثير من المشاكل وعدم الاكتفاء بإعطاء رقم لعدد سكان العراق كما كان يحصل في عمليات التعداد السكاني السابقة, وبالتأكيد فان الفقر يرتبط بالتنمية والاستثمار فمتى ما تتم تهيئة الأ
خطط التنمية والمعايير المطلوبة
نشر في: 14 أغسطس, 2010: 06:19 م