بغداد/ أفراح شوقيمابين الأمس واليوم، ثمة الكثير من العادات الشعبية التي أبت إلا أن تبقى مع حياة الناس برغم عشرات السنين من الابتكارات والتطورات التي شملت كل شيء، لكنها لم تفلح في تغيير واقع حالنا، خصوصاً مايتعلق منها بغياب المدعوة (الكهرباء)! وصار الفوز بساعات باردة قليلة من الليل محض أمنية صعبة المنال.
وعاد الناس الى طقوس افتراش سطوح منازلهم وتهيئتها في ساعة مبكرة كي تبرد قليلاً برغم مخاطر التعرض للرصاص العشوائي واصوات المولدات الاهلية ونباح الكلاب ولسع البعوض الذي يشحذ ابره مبكراً استعداداً لمهمته الليلية، ومن يرفض الصعود اليوم فسيغير رأيه غداً وتصبح (اللمة) وسوالف زمان الجميلة هي مايطري تلك الليالي القائظة. ام مختار من سكنة منطقة البلديات قالت: كنا قد تركنا عادة ابائنا في افتراش السطوح والصعود اليها عندما يحل المساء، ولكن غياب الكهرباء المستمر جعلنا نرجع لعادتنا تلك وان شابها الكثير من الاختلاف اليوم اولها هو اننا كنا بالأمس ننام ونحن مطمئنون على ارواحنا لكن نومة السطح الان صارت تشوبها الكثير من المحاذير خشية التعرض للرصاص العشوائي الذي نسمعه بين الحين والحين ولا نعرف ان كان الأمر تعبيراً عن خطر ما ام هو دعابة يتبادلها البعض فيما بينهم. ولعل مشكلة الكثير من سكنة العمارات السكنية هي الاكبر لانهم يفتقرون للسطوح ما يستدعيهم الى المبيت ليلاً على الارصفة وامام عماراتهم وهذا مايحدث يومياً في احياء الصحة والدورة.أما أم تبارك من سكنة العطيفية فتقول: هجرنا (نومة) السطوح بسبب ارتفاع درجات الحرارة حتى في الليل ناهيك عن هجمات البعوض وهي تسرح وتمرح دونما وقاية او خوف من سيارات (ام الدخان) المعروفة بالامس وهي تحارب انتشار البعوض والحشرات، وتضيف قائلة: قمنا بخياطة (الكلة) او الناموسية من قماش خفيف كي ما تقينا شر لسع البعوض والحشرات، وراحت تستذكر استعدادات الأمس في الصعود للسطوح الذي قد يصحبه تناول العشاء والشاي والكرزات وماء الحب المنعش، في جلسة عائلية محببة وتداول القصص الجميلة بقصد التسلية حيث لم تخترع الكهرباء بعد، اذ كانت الناس كما تخبرنا ام تبارك تنام من العصر على السطوح لتصحو مع أولى صياحات الديكة ذاهبة الى أعمالها وأرزاقها، اما أبو نعمة (65) عاماً فقد تعود ان ينام فوق السطح برغم هجرة كل أراد اسرته لتلك العادة، وتفضليهم النوم امام المبردة او السبلت، وهم يستخدمون مولدة البيت لاجل تأمين الكهرباء طيلة ساعات الليل، لكن ابو نعمة يترك كل ذاك ويبقى يردد نومة اهل كبل احلى من نومتكم هسه، ولا يعبأ بصوت المولدات او موجات العواصف الترابية التي غطته اكثر من مرة بالاتربة، ولسان حاله يقول (تراب بس هوه مال رب العالمين احسن من حبسة جدران الاسمنت). وشكت الطالبة ميعاد رافد من صعوبة تحمل اجواء السطوح خصوصاً في الليالي القائظة من اشهر تموز واب، ولكننا نضطر للصعود الى السطح حالما ينتهي وقود مولدة البيت، فليس أمامنا خيار أخر.
يحمل ذكرياته الجميلة..نوم السطوح خيارنا أمام شحة الكهرباء
نشر في: 14 أغسطس, 2010: 06:31 م