بغداد/ تميم الحسن
قريبا سيعلن التيار الصدري عودته الى المشهد السياسي لكن بصفة معارضة، بحسب اخر التسريبات القادمة من الحنانة حيث مقر اقامة زعيم التيار مقتدى الصدر في النجف.
وتستمر لليوم الخامس على التوالي ما وصفت بانها «تعبئة صدرية» مقابل تشديد الاجراءات الامنية في العاصمة وفي الجنوب.
وشهد نشاط الصدر في الاسبوع الاخير تصاعدا ملحوظا حيث زار مقرات حزبية وأجرى جولات في الشارع ونشر كل يوم تغريدة على «تويتر».
مقابل ذلك يزداد قلق الإطار التنسيقي مع عودة ازمة الدولار والخشية من اقتحام المنطقة الخضراء تحت ذريعة الاحتجاجات على افعال حرق المصحف.
وأمس أكد رئيس الوزراء محمد السوداني، لعدد من السفراء الاجانب في بغداد، أن الحكومة جادة في حماية جميع البعثات الدبلوماسية المعتمدة في بغداد.
ومساء الاحد عقدت الرئاسات الأربع، اجتماعاً في مقر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لبحث عدة ملفات ابرزها حماية البعثات الدبلوماسية والتي تقع اغلبها داخل المنطقة الحكومية.
وذكر المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء أن الرئاسات «دعمت الإجراءات الحكومية الخاصَّة بقطع العلاقات مع السويد» على خلفية قضية الاساءة الى القرآن.
واكد البيان ان الرئاسات شددت في ذات الوقت على: «ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية البعثات الدبلوماسية».
وخلال ذلك الاجتماع كانت هناك توترات قريبة من الضفة الاخرى من المنطقة الخضراء مع انتشار قوات من سرايا السلام التابعة لزعيم التيار الصدري.
وبشكل مفاجئ ظهرت مساء يوم اجتماع الرئاسات عجلات تابعة لـ»السرايا» احاطت ببناية المطعم التركي الذي يقع على حافة نهر دجلة ويطل على المنطقة الحكومية.
ووصل بعد وقت قريب وزير الداخلية عبد الامير الشمري مع قوات من الشرطة الاتحادية والفرقة المدرعة التاسعة.
وكانت الاجواء بحسب شهود عيان «اجواء حرب»، وظهر في مقاطع مصورة ابو حميدة الساعدي قائد «السرايا» في بغداد.
ووفق الاوساط الصدرية ان التحرك جاء عقب انباء عن «محاولة فصيل شيعي السيطرة على المطعم التركي» الذي لايزال تغطيه يافطات تحمل صور الصدر ووالده (محمد الصدر).
ومنعت «السرايا»، بحسب تلك الاوساط، الفصيل من السيطرة على البناية التي اعتبرت رمزا مهما اثناء احتجاجات تشرين في 2019.
ويبدو ان وصول وزير الداخلية الى المكان القريب من ساحة التحرير وسط بغداد، كان استباقيا لأي احتكاك مسلح قد يحدث هناك.
وجرت تلك الاحداث بعد ساعات معدودة من قيام السلطات برفع الحواجز الكونكريتية من على جسر الجمهورية الذي يقع المطعم التركي الى جواره، بعد يومين من اغلاقه.
واثناء ذلك كانت القوات قد فرضت طوقا امنيا على مناطق شرق القناة في العاصمة (اجراءات مستمرة منذ 5 ايام)، حيث معاقل الصدريين، منعا لتدفق أنصار التيار الى ساحة التحرير بسبب ماجرى في «التركي».
وهذه ليست المرة الاولى التي يبلغ فيه الصدريون عن محاولات للسيطرة على البناية التي تبدو تثير قلق أطراف شيعية من بقائها بيد التيار.
وفي نفس التوقيت كانت عمليات البصرة في الجنوب قد اعلنت عن اجراءات مشددة وتفتيش السيطرات خوفا من انتشار مسلحين.
وقبل أكثر من اسبوع كان أنصار الصدر قد تظاهروا امام القصور الرئاسية في البصرة بحثا عن مطلوب فجر قنبلة يدوية على منزل احد قيادات التيار هناك.
ومن ثم رصدت كاميرات المراقبة الفاعل وهو يدخل القصور التي تضم مقرات تابعة للحشد.
وسبق هذا الاحتجاج بايام فقط من هجوم الصدريين على مقرات حزب الدعوة ثم تطور الى ضرب مكاتب للحشد، بذريعة الاساءة الى المرجع محمد الصدر والد زعيم التيار.
وبدأ جمهور التيار الصدري تصعيده في الاسبوع الاخير ضد قضية الاساءة الى القرآن وحرق السفارة السويدية ثم محاولة اقتحام السفارة الدنماركية داخل المنطقة الخضراء.
بالمقابل تصاعدت الشكوك بان وراء هذا التحرك الذي يتزامن مع الاستعدادات للانتخابات المحلية، اغراض سياسية.
وافادت تسريبات وصلت الى (المدى) ان المكتب الخاص بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في النجف عقد قبل ايام اجتماعا مهما.
وقالت تلك التسريبات انه «في الاجتماع جرى الاتفاق على عودة الصدريين الى المشهد السياسي وبصفة معارضة» رغم عدم وجود بيان رسمي بهذا الخصوص.
ويرى مراقبون ان الصدر يحاول احراج خصومه بوسائل عدة منها مهاجمة تحركات السفيرة الاميركية في بغداد والتي ترتبط بعلاقات جيدة مع فريق «الإطار».
وقال الصدر في اخر تغريدة على تويتر ان: «أميركا عدوّة الديمقراطية والسلام.. وإن السفيهة (سفيرة أميركا في العراق)، ترتع وتلعب كما تشاء ولا تكترث لأحد».
وخلال الاسبوع الاخير كان هناك تحرك واضح لزعيم التيار حيث زار أحد مقرات الحشد التي تعرضت الى الاعتداء في النجف.
ثم تجول اول أمس بين المواكب الحسينية، ونشر خلال هذه الفترة 7 تغريدات على تويتر، فيما لا يعرف حتى الان موقف الاخير من الانتخابات.
ولم يبق على موعد غلق تسجيل التحالفات الراغبة في المشاركة بالانتخابات في المفوضية سوى 6 ايام.
وكان الصدر قد جمد في نيسان الماضي، تياره عاما واحدا «على الاقل» واغلق حسابه بسبب غضبه من «اصحاب القضية» الذين يدعون ان الاخير هو الامام المهدي.
ويرى مراقبون ان تحركات الصدر الاخيرة تضع نهاية للمرحلة الانتقالية بين «الاعتزال» و»العودة الى الحياة السياسية».
ويقول محمد نعناع المراقب والباحث في الشأن السياسي في حديث لـ(المدى) ان «زعيم التيار بدأ الان بمحاسبة الإطار التنسيقي».
ويشير الباحث الى ان «الإطار» يواجه الان مصاعب في قضية الدولار، والخدمات، والمياه بعد نحو 10 أشهر على تشكيله الحكومة.
ويضيف نعناع: «الصدر يبدو تحرر الان من قيود كثيرة وصار يتحرك بحرية أكبر وما يجري الان هو مرحلة تعبوية للتيار لدخول مرحلة جديدة».