TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > طريق التنمية بين الواقع والنواصع

طريق التنمية بين الواقع والنواصع

نشر في: 1 أغسطس, 2023: 11:31 م

ثامر الهيمص

المتحولون والمثليون الان, كسلعة سياسية تكمل وتعوض عن ادوات افلست’ وهما الطائفية السياسية والشوفينيات والتعصب القومي, اذ دخل الاستعماران القديم والجديد من خلالهما الى البلدان والمجتمعات المستهدفة’ كخزانات للمواد الاولية, فأخر سلاح لاختراق المجتمعات هذه المرة’ هو المتحولون والمثليون

الذين يتمظهرون بحماية قانونية تحميهم كما حمت السامية الصهيونية كخط احمر داخل بلدانهم و دوليا تحدد بموجبه عقوبات قانونية، باسم حقوق الانسان ذات المكيالين, كما تجسدت في المكيال الصهيوني اولا باعتبار الصهيونية تجمع بين القومية والتدين المتطرف المنفرد الذي لا يقبل غيره في بوتقة واحدة كحالة استثناء تاريخية, ولذلك باتت اسرائيل (درة التاج للغرب الاقصى والادنى)، والمكيال الاخر للعامة من الناس.

وهذ يأتي ردا على سياسة تعدد المحاور, التي تعززها وتشد من ازرها الصين من خلال البريكس’ اي مجموعة الدول الرئيسية روسيا والبرازيل وجنوب افريقيا, ومن خلال مؤسسات الصندوق الاسيوي للتنمية او معاهدة شنغهاي او مجموعة الاسيان’ لتلتقي هذه الشعوب والثقافات امام التحدي الغربي الكبير الذي يمتد من استراليا ونيوزلندا الى كندا وامريكا واوربا بغربها او مجموعة السوق الاوروبية المشتركة’ باختصار اشد كل المؤمنين بالفردية فلسفة ومنهجا بافرازاتها الاخيرة. بالمقابل يقف التراث الشرقي باصالته مدافعا منافحا من خلال قيمه وايمانه بالعائلة وتراتبياتها. (اذ تقدم لنا القيم الاسيوية على انها نموذج النجاح الاقتصادي لبلدان الشرق الاقصى, وهكذا يغدو نجاح المشاريع في الشرق الاقصى, مسألة ترجع الى التنظيم العائلي للمشروع من علاقات قوامها البر بالوالدين والاستقامة واحترام التراتبيات والاكبر سنا’ اضافة الى هاجس الانسجام وتسوية المشاكل بالتفاوض اكثر مما هي بالمواجهه) (آن شنغ / الفكر في الصين اليوم / ص 102 /103/ 2019). فالشرق الاقصى’ سبقنا بكثير في التعاطي مع الموجات الاستعمارية من البرتغال الى هولندا واخيرا بريطانيا وفرنسا كانت حصتها افريقيا وما ادراك لحد اليوم. لذلك سبقونا ايضا’ في الوعي بخطورة الامر, وبعد ان جربو القومية بين الفشل البنيوي والانحراف والتعصب وصولا للاسلمة السياسية بارهابها الذي صنعوه من القاعدة الافغانيه واخواتها’ و من بوكو حرام الى جيوب سوريا والعراق الان. هذه من نواصع الامور على ساستنا ان يضعوها في ستراتيجيات تتناغم مع شعوبنا (غرب اسيا), حيث طليعتها ايران والسعودية سواء من خلال الاوبك مع روسيا اومن خلال المصالحة التاريخية بين ايران والسعودية, اذا لم نكن طرفا فاعلا مخلصا سوف لا يتم طريقنا التنموي من الفاو الى تركيا, الذي سيكون وصل من انقطع قبل 1889 بعد فتح قناة السويس’ حيث كان من المؤمل بفتح طريق سككي من برلين بغداد بصرة (ب. ب. ب).

اذن ومن نواصع التجارب سواء في النجاحات والقفزات الشرقية والغربية, كان ولازال وسيبقى حتى بعد عصر الذكاء الصناعي, هو الاخلاص من خلال الموقف الاقتصادي. (من المستحيل فهم تاريخ الفكر الاقتصادي ان لن نع حقيقة ان الاقتصاد يعتبرتحديا لغرور الذين هم في السلطة’ لن يكون الاقتصادي مفضلا ابدا عند حكام اوتو قراطين او ديماغوجيين, سوف يكون مصدر ازعاج دائما بالنسبة لهم’ وكلما اقتنعوا من داخلهم لوجاهة اقتراحاته زاد كرههم له) (لودفيج فون ميزس /1881—1973,/ الاقتصاد خلاصة اعظم الكتب /2020). فمما لا شك فيه ان الديماغوجية والاوتوقراطية كانت ولا زالت لها دوافعها المزيفة غالبا والتي تتخادم عمليا مع من هم خارج حدود الوطن الام الوحيدة او تمتد منسجمة يدعمها الند التاريخي. من هنا عشنا واقعا مرا نتيجة السياسات الخاطئة العشوائية والمبرمجة منها في ازمتنا وازمة الدولار الذي يتصارع مع التوجه المضاد لهيمنته من خلال الوكيل الدولي لسيادة الدولار وهو صندوق النقد الدولي, لنصبح ساحة لتنفيذ العقوبات الامريكية على الجيران والمعنيين مباشرة وغير مباشرة, والامر ليس جديد علينا من خبرة النفط مقابل الغذاء والدواء لندفع الثمن عن اخطاء ممن تخادم معهم قبل 2003 في ملفات اقليمية ودولية. فمن خلال مانعانيه من ازمة الدولار, الذي يأخذ بخناقنا’ لانه اختلف مع ايران الاسلامية ليحولنا ورقة سياسية لصالحة رغم التحالف والمودة الزائفة, فالدولار تعصف به الازمات منذ عام 1971 حيث تم التحول عن قاعدة الذهب المقبولة دوليا, ولكن للهيمنة الامريكية الاقتصادية والمالية, وبعد فشل قاعدة الذهب في احتواء مشاكل الدولار فقط’ ظهر النفط ليكون مرجعا لقيمة الدولار, ولكن الان النفط اغلبه بيد الاوبك بلص تسويقا، اذ ان المستهلكين الاساس هم الصين والهند, ولكن بالدولار الا في الاونة الاخيرة باتت باليوان والروبية الهندية, لدرجة الان يشكل الدولار 58% من المتداول اي تراجع’ ولكنه مهيمن لحين بروز المحاور الجديدة, فازمات الدولار والسعي الامريكي للاستفادة منها بعد ترويضها. (ان الاعتقاد السائد هو, ان الولايات المتحدة ستتوصل في النهاية الى فرض رايها على دول العالم. /د. هاشم حيدر /ازمة الدولار /ص170/1979).

هذا الكلام قبل اكثر من نصف قرن رغم وجود المعسكر الاشتراكي’ اذن الامر هينا وليس مستحيلا فالامريكان برجماتيون لا يستهان بهم ولكن ايضا لا يستهان بالتنين والدب ووعي وحاجات الشعوب. ويذكر وليم كلارك في كتابه (حروب البترو دولار), الفكاهة الساخرة التي كانت تدور في الاوساط النقدية الامريكية في ذلك الحين, (اي العام الذي قفزت فيه اسعار النفط وبالدولار من 202 دولار الى 35دولار على الاقل سنة 1980)’ وهو ان على الاحتياطي الفدرالي’ تبديل المكتوب على الدولار المطبوع من (ثقتنا بالرب) الى (ثقتنا باوبك) او الى عبارة اكثر تحديدا هي (ثقتنا بالسعودية)(فؤاد قاسم الامير /الدولار دوره وتأثيره في اسعار الذهب والنفط والعملات الاخرى ودور العراق المقبل في تسعير النفط /ص 344/2014). هذا في ظل الحرب الباردة. اما الان فاوبك بات الدب الروسي والمشتري الاول الصين والمصدر السعودية. اذن الامر اختلف جذريا. على صاحب القرار ان يحسم امره اذ الفرص تمر كالسحاب. فهل نحن جاهزين؟

ولا زلنا منذ 2003 ومشكلة الكهرباء شاخصة في الافق المنظور واختها الغاز المصاحب والحر وبالتالي الاقتصاد الريعي يتفاقم دورا وفعلا في المجتمع العراقي. فطريق التنمية بكل الاحوال لا تصلح له الايدي والعقول التي كانت ولا زالت وراء الازمات والفشل الحاليين, وهذه من النواصع’ مادامت الامور تقاس بنتائجها اولا واخيرا، (ان السير في اصلاح منظومة رأس المال’ يتطلب في جوهره اصلاح السياسة الاقتصادية باركانها كافة بما يوفر الظروف الموضوعية للاقتصاد الوطني في الانتقال الشامل الى اقتصاد السوق الحر التنافسي المنظبط او الموجه وفي حزمة واحدة تحافظ على المسار الصحيح لسفينة العراق الاقتصادية القوية وضبط بوصلتها في الاستقرار ومكافحة التضخم وتحقيق التنمية الاقتصادية واستهدافها بخطوط متوازية ومتكافئة دون اللجوء الى قوارب النجاة!!. (د. مظهر محمد صالح /الاقتصاد الريعي المركزي ومأزق انفلات السوق /ص122/ بغداد 2013).

هذا ظاهر الامر المألوف الذي ندور حوله, وقد نسينا الطبقة الرائدة التي لا بديل لها الا اشتراكية (تنحت), فالطبقة القائدة الرائدة القائدة ليس الاصلية ذات الجذر والتاريخ, انها الان مجرد امتداد للشريحة التي تتعاطى مع برنامج النفط مقابل الغذاء اي مهربي السلطة انذاك تعشقت فورا مع طبقة سياسية لا تعرف ان هناك كانت صناعة وزراعة بالحد الادنى وجيل هذه الشريحة كانوا وكلاء او موظفين في اواخر القرن العشرين لم يسمعو عن معامل وصناعات حرفية وزراعة الاكتفاء الذاتي نسبيا, لذلك ليس معقولا ان تنتقل لتزرع وتحصد او تصنع لتسوق’ لسبب بسيط بالاضافة للتاريخ المتقاطع لها انها وجدت نفسها في حرية مطلقة’ ومبالغ بالهبل فلماذا لا تشتري باقي الفئات وتمضي بطريقها’ بالتهريب والغسيل والتبييض, الذي يلتقي بهم مع السياسي المتاجر. فالحدود والمنافذ مشرعة باسم العولمة واللبرلة ايدولوجية العمام الجدد والقدامى, كلا حسب ظرفه, ومصالحه وهذه طبيعة الامور لدول تحترم ستراتيجياتها وما يسددها.

بدون التخلص من هذه الشريحة الطارئة, لايسع طريق التنمية ان يتم كما تصورنا، انه خارطة طريق لتنمية مستدامة، وفق ابسط المقاييس، على الاقل كما ترسمه وتوضحه يوميا النزاهة من الاف الملفات كبيرة اولا ودرجات خاصة وصغار من زبائنهم, هذه (النواصع)التي تفقأ العين والمنخل. متمنين و كما جاء في المانشيت الرئيسي لصحيفة الصباح ليوم 15/تموز /2023 (طريق التنمية)... تمهيد لعودة العراق الى مكانته العالمية.

لا يفوتنا في الختام من ان الصين ربما لا تستعجل باقامة الخط الرابط لاسباب امريكية كمنافس اقليمي ودولي وموجودة في العراق ماليا ونقديا وعسكريا وطبعا سياسيا, وهي بنفس الوقت ندا نوعيا للصين اولا, كما لا تريد الصين ان تخسر حلفائها الجدد في تعطيل موانئ الخليج وقناة السويس’ بل تترك الامر لتطور التجارة الدولية بحيث تزدحم الموانئ وتضيق القناة’ حتى تصبح اوروبا ضاغطة لفتح طريق بغداد برلين بصره’ كما ان الصين رغم عدم تنفيذها بناء الميناء ربما تختلف عن الرؤية الايطالية والكورية الجنوبية من الناحية الفنية, من حيث العمق الواجب في المياه او على هندسة كاسر الامواج او عدد الارصفة, وربما تأخذ برأي دول الجوار المعنية, كدول مستقرة مؤهلة لها ثقلها ووزنها الاقليمي’ اي احتمال تقاطع الرؤى, اضافة الى عاهتي الكهرباء واطارها وغيرها الفساد, اضافة الى اننا في اقتصاد انتقالي لم تحدد هويته حتى الان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: حدثنا نور زهير!!

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

فشل المشروع الطائفي في العراق

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

 علي حسين إذا افترضا أن لا شيء في السياسة يحدث بالمصادفة، فإنه يفترض أن نوجه تحية كبيرة للذين يقفون وراء كوميديا نور زهير الساخرة ، فبعد أن خرج علينا صاحب سرقة القرن بكامل...
علي حسين

باليت المدى: الرجل الذي جعلني سعيداً

 ستار كاووش كل إبداع يحتاج الى شيء من الجنون، وحين يمتزج هذا الجنون ببعض الخيال فستكون النتيجة مذهلة. كما فعل الفنان جاي برونيه الذي أثبتَ ان الفن الجميل ينبع من روح الانسان، والابداع...
ستار كاووش

كلاكيت: ألان ديلون منحه الطليان شهرته وأهملته هوليوود

 علاء المفرجي في منتصف السبعينيات شاهدت فيلمه (رجلان في مأزق) وهو الاسم التجاري له، في سينما النجوم في بغداد، وكان من إخراج خوسيه جيوفاني، ولا يمكن لي أن انسى المشهد الذي يوقظه فيه فجرا...
علاء المفرجي

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

ثامر الهيمص وقد اراد الله ذلك فاستهل النبي ابراهيم عبادته وهو(الدعاء) الذي يعد (مخ العبادة) فدعا الله بقوله: (رب اجعل هذا البلد امنا) فكانت الاولوية للاوطان وليس للاديان دون تعارض. (رحيم ابو رغيف /...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram