TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مناهجنا الدراسية وبناء المجتمع العراقي

مناهجنا الدراسية وبناء المجتمع العراقي

نشر في: 15 أغسطس, 2010: 06:30 م

ايمان محسن جاسمكاتبةعلينا ألا نهمل النظريات التربوية والتعليمية الحديثة التي  تعتبر المتعلم محور العملية التعليمية وهي تؤكد أن ما يسمعه الفرد قد ينساه بعد وقت قصير، أما ما يعمله فسيبقى في الذاكرة ويلاحظ كتغير فـي الشخصية لوقت طويل. على هذا المفهوم قامت فلسفة كفلسفة جون ديوي "التعلم بالعمل" والتي تتجسد في منهج النشاط.
فللنشاط أو الخبرة أثر كبير على التعلم المتكامل للمتعلم، الا أن مناهجنا لم تستثمر النشاط بالشكل أو النوع المطلوب وبقي التلقين هو الركن الأساس في العملية التربوية, وهذا ما انعكس على واضعي المناهج التعليمية في العراق منذ عقود طويلة حيث تجاهلوا الكثير من طرائق التدريس الحديثة وأنواع التعلم السائدة في العالم. وحين تطرح أفكار تسعى الى تغيير المناهج فان مناقشتها تتم في دائرة ضيقة لا تتعدى ما يمكن تسميته بالخبراء متناسين  دور المجتمع في تقييم وتطوير المنهاج والرقابة عليه  خاصة وان المنهاج الحديث يقوم على أسس أربعة أهمها الأساس النفسي الذي نراعي من خلاله حاجات وقابليات وخبرات المتعلم ومطالب النمو لكل مرحلة يعيشها فملاحظاته هي ذات قيمة كبيرة لمعرفة ما يفضله وما يتناسب مع احتياجاته واستعداداته واهتماماته ومستواه وما هو خلاف ذلك وبناء على ملاحظاته يبنى المنهاج بتنظيمه السيكولوجي. ثم منفذو المنهاج: وهم المعلمون الذين يعملون على التطبيق العملي لما تم تصميمه نظريا فهم وأثناء تطبيقهم للمنهاج يعون ويدركون العديد من الثغرات التي لم يكن ليدركها المصمم أثناء التصميم فعلى المعلم اذاً أن يقدم ملاحظاته لواضعي المنهاج على جميع عناصره بدءا بالأهداف وانتهاء بأدوات القياس واقتراح بدائل أو حلول أو إضافات. ثم يأتي بعد ذلك دور المثقفين والمؤسسات التي تعنى بالجانبين التربوي والتعليمي فمجتمعنا وواقعنا التربوي يفرض علينا التعاون  مع هذه المؤسسات التي تقوم بإعداد الدراسات والتقويمات المستمرة والتي تساعد في عمليات التغذية الناجحة للوصول لمنهاج يحقق الأهداف المتكاملة التي ستكون ثمرتها إنساناً قادراً على مواجهة المستقبل بتحدياته الكثيرة. وأخيرا آراء  أولياء الأمور فهؤلاء ومن خلال متابعتهم لأبنائهم يستطيعون تحديد أو ملاحظة مشكلات التعلم التي يعانيها أبناؤهم وتحديد ما إذا كان السبب أو أحد أسباب هذه المشكلات المنهاج بأحد عناصره. وبما أن مناهجنا سارية المفعول الآن  قد أعدت  ضمن جدول زمني قصير نسبيا تحت ضغط التغيير الذي جعل بعضها مشوها لذا فقد حوت العديد من الملاحظات ونقاط الضعف خاصة في مواد التاريخ التي تم حذف الكثير منها واضافة القليل الذي لا يختلف كثيرا عما كان سائدا حيث ما زالت مواد التاريخ عبارة عن معارك وحروب متناسية ومتغافلة التقدم الذي شهدته الحضارة سواء العراقية او الإسلامية في حقبها الطويلة. وبما ان وزارة التربية على وشك تغيير بعض المناهج الدراسية في كافة المراحل بما فيها المناهج الخاصة بمعاهد المعلمين, فانني أجد من الضروري  تصميم مواد مساندة و إضافية للمناهج تغطي النقص أو الضعف الوارد في الكتاب الرئيس عبر تزويد التلميذ او المعلم  بوسائل تعليمية مسانده كالأقراص المدمجة. وكذلك  تمكين المعلم في شتى المجالات بدءا بالاهتمام ببرامج إعداد المعلمين في الكليات، وانتهاءً بتنظيم الدورات التدريبية المختلفة الفاعلة والمستمرة للمعلم سواء ما كان منها تربويا أو علميا أو تقنيا. وما يهمنا هنا هو أن تتضمن المناهج الدراسية ما يعزز من فرص تقدم الديمقراطية في العراق عبر تكوين رؤى وأفكار لدى الجيل الجديد حول مفاهيم الانتخابات والحكومة والمساواة والعدالة والحرية وغيرها  ولا يمكن أن يتحقق هذا عبر استيراد مناهج كما كان يحصل في السنوات السابقة  , لأن عملية التغيير في المناهج الدراسية لدينا الآن أصبحت حاجة مجتمع وليس ضغطا دوليا كما هو موجود في بعض البلدان وخاصة في المنطقة العربية. نقول إن عملية التغيير هذه عليها أن تركز في واحدة من أهم  جوانبها على تعزيز قيم المواطنة لدى الجيل الجديد و إن المدرسة التي تمنح التلميذ الوعي بالدور المنوط به وتشجعه على ممارسته بإشراكه في فرض صفاء الفكر والاعتناء بنظافة الهندام والمكان مثلا ورفض السرقة والغش والخمول، والتشبع بثقافة السلم والعدالة الاجتماعية ونبذ العنف بمختلف أشكاله  وفي التصدي بعزم للآفات والعيوب المتفشية في أوساط المتعلمين، وكذا بتعويده التحلي بالمسؤولية والجد في تعلمه وبناء شخصيته، والإسهام في ترقية بيئته، ثم حقوق الغير وعدم خرقها أيا كان الخصم المحاور، ومهما خالفه الرأي والعرق وحتى العقيدة، دونما ازدراء به ولا استخفاف بثقافته وقدراته، لا شك أنها بذلك تزرع في نفس المتعلم روح المواطنة الحقيقية وأسمى قيم السلوك المدني التي لن تتأخر عن التجلي في شعوره بالافتخار والاعتزاز بانتمائه إلى هذا الوسط الذي يعنى بحقوقه. من هنا نجد أهمية المنهاج المدرسي في بلورة وصياغة مفاهيم الديمقراطية والتعددية واحترام الآخر والأمم كافة في العالم تبدأ عملية بناء المجتمع من المدرسة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram