TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > المدى على مدى العشرين.. كوة للتنوير

المدى على مدى العشرين.. كوة للتنوير

نشر في: 6 أغسطس, 2023: 12:23 ص

رشيد الخيُّون

مثل هذا اليوم(4/8/2003) أطلت المدى بعددها الأول، وسط أدغال مِن المعارك والمناكفات والمواجهات الشّرسة، الطّائفية: مذهبيّة وقوميّة ودينيّة، وحزبيّة أيضاً. مَن نظر في ذلك اليوم وذلك العدد، والظرف القائم آنذاك، ليس له التّفكير بالمدى المختلفة، عن بقية الصّحافة الحزبيّة والعقائديَّة، أن تبلغ العشرين عاماً.

ففي وقتها قلنا ماهو إلا صدود عدد أو عددين أو عشرة أو لفترة عام، وينتهي المشروع، وبالفعل قبل سنوات شحت على "المدى" أسباب استمرارها، وكادت تُغلق، ومعها تُغلق نافذة أو كوة منها نطل على خيط النُّور، الذي طالما ظل محتجباً، حتَّى الأماسي تحولت إلى صباحيات، فاعتدنا السِّماع بصباحية شعريّة أو موسيقيَّة.

اعترف أن المدى مشروع صحافي منحاز، غير حياديّ، في الثَّقافة والفكر، أمّا الأخبار اليوميّة، التي صارت تُطال وتتداول قبل صدور الصحف، الورقيّة منها والإلكترونيَّة أيضاً، فتأتي بها المدى مثلما حصلت، إنما أقصد الانحياز الثَّقافي، فليس هناك منطقة وسطى، ولا تل يقف عليه المتفرجون بين النّقائض، إنما الثّقافة موقف، فإمّا تكون مع النُّور أو مع الظَّلام، والمدى لا تدعي الحياد بين الخصمين، فاختارت عندما كانت مجلة(صدرت في أوائل التّسعينيات بالشَّام)، وكانت إحدى نوافذ أقلام التّنويريين، بالبحث، أو المقال، أو القصة، أو القصيدة، وظلت مسايرة للصحيفة، حتى توقفت لتبقى "المدى" الصّحيفة، ولا ندري ما تخبئ لها المقادير مِن عبقى، فحتّى الآن العراق تخبو به شعلة النّور وتشتعل.

نجد المدى ملاذاً للنشر، بحريّة، خارج قيود العقائد، وما يُرسم مسبقاً، إلا ما لا تتحمله من عبء الإيذاء، الذي قد يصل إلى الحرقّ، فعلاً تعرضت المدى لمثل هذا الإيذاء، ضمن العنف، فديمقراطية وحرية الكلام مباحة داخل العراق، قلْ ما شئت ضد السُّلطة، مِن رئاسة الوزراء إلى رئاسة الجمهوريّة والبرلمان، ولكن حذاري أن تمس فرداً مسلحاً، وكيف إذا كان قائداً أو زعيماً!

هذا هو العبأ الذي ينقص حرية الكُتاب على صفحات "المدى" وغيرها، لكن مع ذلك تبقى الكتابة فناً وأسلوباً، والتّنوير لا يحتاج إلى الصّراحة إن عزّ قولها، وإن كانت مهمة جداً، ولكي تبقى "المدى" على كتابها الحرص عليها، فإذا امتنعت عن نشر خاطرةٍ أو مقالٍ أو بحثٍ، فعلينا عذرها، ففي ذلك حياة لها، وللكاتب أيضاً إذا كان يعيش ظرفها.

مازالت ملاحق المدى تُقدم تاريخ مَن ساد في الثقافة والفكر وباد، مِن شخصيات وأفكار نستها أجيال الحروب والحصارات والغزوات، هذا التّذكير بحد ذاته، الذي تعدى العقائد على أشكال مشاربها، والجامعة لها العراق، يعد مشروعاً نهضوياً كبيراً، فالحاضر شحيح بأفكار التّنوير، ونحن نرى إلى أين يوجه الجيل في المدارس والطُّرقات، ثقافة تعدت حتّى أسفل درك التَّخلف نفسه.

لا نأخذ المدى بمستوى الخلاف الشّخصي أو الحزبي القديم، والوقوف ضدها يحسب حساب الثَّارات، متناسين ما يجمعنا بها مِن غاية الثقافة والتّنوير، فما قامت به "المدى" على مدى العشرين عاماً، يشعر بأهميته القلق مِن حاضر البلاد ومستقبلها. هذا عن "المدى" الصَّحيفة، أمّا المدى الدَّار، والتي دشنت كتابها الأول (1993) فلها في التّنوير حصةٌ وقصةٌ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: حدثنا نور زهير!!

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

فشل المشروع الطائفي في العراق

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

 علي حسين إذا افترضا أن لا شيء في السياسة يحدث بالمصادفة، فإنه يفترض أن نوجه تحية كبيرة للذين يقفون وراء كوميديا نور زهير الساخرة ، فبعد أن خرج علينا صاحب سرقة القرن بكامل...
علي حسين

باليت المدى: الرجل الذي جعلني سعيداً

 ستار كاووش كل إبداع يحتاج الى شيء من الجنون، وحين يمتزج هذا الجنون ببعض الخيال فستكون النتيجة مذهلة. كما فعل الفنان جاي برونيه الذي أثبتَ ان الفن الجميل ينبع من روح الانسان، والابداع...
ستار كاووش

كلاكيت: ألان ديلون منحه الطليان شهرته وأهملته هوليوود

 علاء المفرجي في منتصف السبعينيات شاهدت فيلمه (رجلان في مأزق) وهو الاسم التجاري له، في سينما النجوم في بغداد، وكان من إخراج خوسيه جيوفاني، ولا يمكن لي أن انسى المشهد الذي يوقظه فيه فجرا...
علاء المفرجي

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

ثامر الهيمص وقد اراد الله ذلك فاستهل النبي ابراهيم عبادته وهو(الدعاء) الذي يعد (مخ العبادة) فدعا الله بقوله: (رب اجعل هذا البلد امنا) فكانت الاولوية للاوطان وليس للاديان دون تعارض. (رحيم ابو رغيف /...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram