TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ولاية الدببة

العمود الثامن: ولاية الدببة

نشر في: 6 أغسطس, 2023: 11:40 م

 علي حسين

الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب هذه الزاوية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر الناس يتطلب من الكاتب أن يسعى كل يوم إلى الاطمئنان على أنّ العلاقة بينه وبين القارئ لم تدخل في مرحلة "الضجر واللامبالاة"، وأن الكلمات حاضرة ومؤثرة.. وأن نافذته لا تزال تحمل طعم ومذاق مائدة عامرة.

سيسخر مني البعض حتماً ويقول: يارجل السياسة في العراق مادة دسمة للكتابة الساخرة، ولكن ياسادة ياكرام، سوف يظل الفارق كبيراً في الحجم بين ما نكتبه، وسخرية السيدة عالية نصيف التي اكتشفنا مؤخراً أنها: "نبض الشارع العراقي وصوته المدوّي" وأتمنى ان لا تجرف الصحافة السيدة النائبة ، وتنافس الفقراء من أمثالي على أرزاقهم .

هل نحن شعب لا يحب السخرية ؟ لماذا نصر على أن ندشّن كل صباح من أيامنا الكئيبة، بحثاً عن حزنٍ، لنجد أنفسنا حزانى، متشائمين، نتحرك فاغري الأفواه، ننظر إلى وجوه أبطال المسلسلات الباكية، ونبدو بعد انتهاء المسلسل، كأننا ناجون من محرقة ، لم نحتمل وجود ساخرين كبار من أمثال "حبزبوز" الذي مات معوزاً، او المرحوم "ميخائيل تيسي " الذي أصدر أول صحيفة فكاهية أسماها " كنّاس الشوارع " أراد من خلالها انتقاد العادات والنواقص في الناس والمجتمع، فاختار لها المكنسة التي لم تجلب له في النهاية سوى المصائب بعد أن وجد نفسه ذات ليلة محاصراً بالعصي والسكاكين ليقرر على أثرها رمي المكنسة في نهر دجلة، .

في خضمّ أخبار الكآبة ووسط فوضى سياسية، ثمة أفعال وأخبار تبدو مضحكة أحيانا، من هذه الأخبار المضحكة، خبر الدب الذي قرر مسؤول عراقي ان يستورده للترفيه عن الكآبة التي تعاني منها عائلته بسبب انقطاع الكهرباء عنهم، وشحة راتب الوالد الذي لا يتجاوز الآلاف من الدولارات.

كان المفكر الإيراني الراحل، علي شريعتي، ، يقول "إن الكاتب الذي يتجرّد من مجتمعه، هو الخطر الأكبر على هذا المجتمع، حتى إنْ صعد على عرش المفكرين بالعالم، ليبقى مجتمعه على الانحطاط نفسه، ولو جاء أبو ذر الغفاري بدلاً من آلاف من أمثال الكتّاب الذين لالزوم لهم، لتخلّصت مجتمعاتنا من التخلف وأنظمتها الدكتاتورىة الحاكمة".

فيلم "الدبة" لن ينته لأنه يظهر لنا أن أنصار دولة الكوميديا أكثر مما نتوقع، وظهر أيضا أن أساطير السادة المسؤولين عن أنفسهم تجاوزت الحد المعقول ، وان مفهوم السيطرة على البلاد والعباد ، سيكون بديلا لمشروع الإصلاح وتقديم الخدمات، وأن حل مشاكل العراق يكمن في استيراد اكبر عدد من الدببة يضافون الى الدبب المنتشرة في مؤسسات الدولة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. Khalid muften

    استيراد الدواء إلى ملايين المرضى العراقيين بدلا من استيراد دب قطبي ليداعب زوجة الم سؤول الذي اعياها الفراق.

  2. كاتب حر

    احسنت المقال استاذ علي، اسلوبك رائع في الكتابة وعنوان المقالة جذاب .. تحياتي الك

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram