باسم عبد الحميد حمودييعد المسحراتي أو ابو طبيلة من الشخصيات الرمضانية المتممة للطقس الديني المبارك الذي يؤدي مهمته بكل حرص . استمر أبو طبيلة في عمله الاجتماعي الرمضاني في بغداد والمدن الكبرى بصيغة أكثر مواكبة لمنطق العصر ،اذ استخدم السيارة البيك أب ، حديثاً يصعد ابو طبيلة في حوض البيك اب ومعه طبله ليدق عليه وهو يصيح : (سحور ...سحور)
والسائق يجول به في الشوارع الخالية . يدخل الشارع الواحد مرارا ليؤكد الصيحة المباركة التي بموجبها يستيقظ الصائم من غفوته وتبدأ ربة البيت بإعداد طعام السحور،ليتسحر الصائمون ليوم غد وهم يذكرون نعمة الله وفضله عليهم ،حتى يرتفع صوت المؤذن يدعو لصلاة الفجر . قبل ذلك بدقائق يكون المؤذن قد نادى (( امساك .. امساك )) ويردد الكلمة عدة مرات لينبه الصائم بقطع الطعام والشراب عن ذاته ،وبعد أن يؤدي الصائم صلاة الفجر في داره أو في المسجد القريب ينام مرة اخرى .. إذا استطاع ولم يشغله عمل . سبب دوران المسحراتي بالسيارة اليوم في المدن الكبيرة هو عدم قدرته على السعي متجولا مشيا على القدمين،إذ اتسعت المدينة وامتدت ،فيما بقى المسحراتي مع طبله يجول في المدن الصغيرة مناديا اهل الديرة بأسمائهم . اقمت سنوات في مدينة الدغارة (64-73) وكنت على مقربة من حسينيتها في شارع الخنساء لفترة ،وكان المؤذن الشيخ فضالة يبدأ شغله الليلي قبل السحور فيقول ما يريدناصحا النساء قبل الرجال حتى اذا اقترب موعد الامساك انطلق بتحذيرات لطيفة وسط ميكروفونه الذي يشق صمت الليل ،فإذا أقترب موعد الامساك صاح : (راح اقول .. انتبهوا .. راح أقول) ثم ينادي بالامساك ،ليؤدي بعد ذلك أذان الفجر ،والفجر لمن صلاّه قديما وفي المدن المرموقة - السماوة مثلا – كان خليف المسحراتي يدور بطبلته مناديا بالسحور ،وتفتح أبواب الخيرين لتعطى لخليف ما تيسر من طعام دون ان يرى احد الآخر،هكذا كان المسحراتي فقيرا لايكاد يسد رمقه منتظرا العيدية عند انتهاء الشهر وهبات المحسنين خلال الشهر ،أما اليوم فالمسحراتي يملك ( برستيجه) الخاص في المدن الكبرى ،يجول بسيارة البيك اب مرتديا البنطلون وسائقه معه وربما حارسه أيضاً ،ويوم (العيدية) السخية قادم باذن الله.
أبو طبيلة
نشر في: 16 أغسطس, 2010: 06:20 م